بالجير الأبيض لاحقت سلطات العسكر عن طريق عمال الأحياء جرافيتي ثورة 25 يناير، والرسومات التي تعبر عن رفض الانقلاب، التبرير هو أن يتم تجميل ودهان الحوائط المشوهة بالكتابات والشتائم البذيئة أو صور الملصقات الانتخابية أو سناتر الدروس الخصوصية، أو عيادات الأطباء وإعلانات الشقق المفروشة، والمكتوبة على الحوائط والجدران في كل مكان في محافظات مصر، إلا أن الحقيقة هي محاولة طمس معالم جريمة 30 يونيو 2013. وقبل انقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي، كان الجرافيتي فن الثورة الأوحد تقريبًا، حين بدأت أولى شراراتها، وحين احتدمت المناوشات ازداد انتشارًا واشتعالًا، وخاض المعارك جنبًا إلى جنب مع الثائرين، وكان أيضًا مثلهم مستهدفًا، يُستأصل ويعود، ويُستأصل ويعود، وهكذا، حتى خبا مؤخرًا نجمه، في اللحظة التي استهدف فيه رصاص الانقلاب مسيرات الرافضين له. ميدان التحرير ولم يكن الظهور الأول للجرافيتي في المجتمع المصري مع ثورة 25 يناير، بل كان الجرافيتي موجودًا دائمًا على الجدران، وإن لم يكن ذا طابع سياسي، فتصدرت تهنئات الحجاج والإعلانات موضوعاته، ومنذ إطلاق الشرارة الأولى للثورة، وربما قبلها قليلًا بدأ الجرافيتي في الانتشار موثقًا بخطوطه وحروفه تاريخ الثورة على الجدران، وكان ميدان التحرير وشوارعه محط اهتمام فناني الجرافيتي، وانتشار جدارياته، ثم انتشر في كافة أنحاء مصر، منذ قيام الثورة وحتى وقت قريب، إلى أن خفت بسبب القمع الأمني. وثّق الجرافيتي كافة أحداث الثورة منذ قيامها، وكذلك غضب الشارع وتقلباته، وآرائه التي اختلفت في كثير من الأحيان مع من كانوا يتولون أمره، ويتحدثون على لسانه على حد سواء، وكان الجرافيتي محل حرب ضروس بين الناشطين من الفنانين الثوريين والعسكر. يقول محمد طلعت: “بعد ثورة 25 يناير، انتشر فن الجرافيتي، وبقيت معظم شوارع مصر مرسومة به، ولكن كانت كل الرسومات عشوائية، وكمان مفيش تنسيق حضاري، ممكن يخليها تبقى علامة بارزة تتجمل بيها شوارع القاهرة، ده غير الكتابة العشوائية في الشوارع اللي شوفت الحوائط، زي مدرس بيعلن عن دروس خصوصية يكتب على الحيطان، وحبيب بيجامل حبيبته”. احتجاجًا على الجرائم ويقول حسام محمود: “لو كانت جرافيتي برسمة وألوان حلوة أو جرافيتي لشهيد وحاجة لها علاقة بثورة وتغيير كانت اتدهنت جير أبيض من تانى يوم”، وبدأ عدد من الرسامين السياسيين الرواد حول العالم في تكثيف جهودهم لإنتاج أعمال فنية في الشوارع؛ احتجاجًا على الجرائم التي ارتكبها السفيه السيسي. فقد بدأ عدد من رسامي الجرافيتي الدوليين والأكثر شهرة مثل جنزير، وسامبسا، وكابتن بوردرلاين، والرسامة مولي كرابابل في خلق تصاميم تحمل شعار “جرائم حرب السيسي” في العديد من المدن في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة وشمال إفريقيا. يقول الفنانون: إن مبادرتهم تهدف إلى تشجيع الانتقادات الدولية ضد جرائم السفيه السيسي مع معارضي الانقلاب، فبعد الغدر بالرئيس محمد مرسي في يوليو 2013 بانقلاب عسكري، قاد السفيه السيسي حملة قمعية شديدة الشراسة، لم يقف ضدها زعماء العالم. الرسامة “مولي كرابابل” في نيويورك سترسم كذلك عملاً يُظهر المحتجزين المصريين داخل جلسات المحاكمة، وتقول “أنا مشمئزة من الطريقة التي سُرقت بها الثورة المصرية بواسطة ديكتاتورية عسكرية قاتلة أسوأ بمراحل من نظام مبارك”، “محمد فهمي” والشهير بجنزير، وزملاؤه المصريون “زفت” و”عمار أبو بكر” يعملون لإنشاء جرافيتي مكافح للديكتاتورية في شوارع القاهرة، رغم الخطر”.