فتحت قضية مقتل الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بتركيا، على يد عصابة أمير المنشار محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، باب التكهنات بأنها كانت بداية لعمية موسعة من الاغتيالات، ضد السياسيين المهجرين العرب، خاصة المصريين الرافضين للانقلاب، والذي يعيش أغلبهم في تركيا وبلاد شتى. وكشف المصريون المهجرون في الخارج لمعارضة الانقلاب العسكري ، أن ما حدث لجمال خاشقجي كان معدا له سلفا، ويفتح الباب أمام عملية واسعة من الاغتيالات يقوم بها نظام السيسي وابن سلمان، خاصة أن السعودية استطاعت قتل أكثر من معارض لها في الخارج، وأخرهم خاشقجي، الأمر الذي يؤكد أن ذلك ليس ببعيد عن سلطات الانقلاب، التي هدد بالفعل شخصيات إعلامية معارضة مثل الإعلامي محمد ناصر في قناة “مكملين” ، ومعتز مطر في قناة “الشرق”. يشار الى ان مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، قالت أن وزارة الدفاع الأمريكية لن تتخلى عن مصالحها في الشرق الأوسط، ومن ضمنها علاقاتها بالسعودية، رغم الضغوط التي تمارَس على المملكة. ونقل موقع “بلومبرج” البريطاني، عن معارضين مصريين للانقلاب، التحركات الأمريكية بشأن قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول مطلع أكتوبر2018. في الوقت الذي كان موقف ترمب عائما بالنظر للمصالح الأمريكية وصفقات الأسلحة، والتي كانت الحكم والبوصلة التي توجه إدارة ترمب. واعتبر ترمب أن الرد على مقتل خاشقجي يتعلق بالموازنة بين قيم الولاياتالمتحدة ومصالحها، بالنسبة للمنفيِّين المصريين، فإن طريقة رد واشنطن هي مسألة حياة أو موت. تهديدات نظام السيسي تقول المعارضة نانسي عقيل التي صدر عام 2012 قرار بحبسها لمدة 5 سنوات في قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني، إنها على مدار السنوات الخمس الماضية، عاشت نانسي حياةً آمنةً نسبياً في المنفى. ونظراً إلى أنها تشغل منصب المدير التنفيذي لمعهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، فإنها تحظى بمكانةٍ كبيرة تجعلها لا تكترث كثيراً بشأن التهديدات مجهولة المصدر ومضايقات النظام المصري الذي فرَّت منه. إلا أن الحال تغير كثيرا بعد مقتل جمال خاشقجي، بهذه الطريقة الوحشية، حيث كانت نانسي وجمال جزءاً من مجموعة ضيقة من المعارضين العرب المقيمين بمدينة واشنطن وما حولها. واضافت إنه إذا ما نُسِبَت جريمة قتله إلى أي شخص غير ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، «فهي إذن رخصة لقتلنا جميعاً». وتقيم نانسي إقامةً دائمةً بالولاياتالمتحدة، تماماً مثلما كان خاشقجي. في عام 2013، حُكِمَ عليها غيابياً في أول محاكمة علنية رئيسية للمعارضين والنشطاء الذين شاركوا في ثورة 2011 بمصر. وذكرت أنها في أثناء احتجازها بقفص بالقرب من قاعة المحكمة حيث أُقيمَت محاكمتها، قرأت آنذاك كتاب «الحنين إلى كتالونيا» لجورج أورويل، حيث سرد الكاتب بطريقةٍ مروعة، الأهوال التي حلَّت بالبلاد على أيدي الفاشيين في أثناء الحرب الأهلية الإسبانية. وهو ما جعلها تعتبر أنه من السهل معرفة سبب القلق الذي يسيطر على نانسي، فهي تعلم أن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، شأنه شأن بقية العالم، يترقب رد فعل الولاياتالمتحدة على ما فعلته المملكة العربية السعودية. Egyptian President Abdel Fattah al-Sisi reacts as he delivers his speech during the closing session of Egypt Economic Development Conference (EEDC) in Sharm el-Sheikh, in the South Sinai governorate, south of Cairo, March 15, 2015.REUTERS/Amr Abdallah Dalsh (EGYPT – Tags: BUSINESS POLITICS) – RTR4TF15 رخصة للقتل وتخشى عقيل أن يُعتبر أي تهاون رخصة للنيل من معارضيه في الخارج، موضحة أنه إذا تهاونت الولاياتالمتحدة في معاقبة السعودية على مقتل خاشقجي، فإن السيسي سيعد ذلك بمثابة إذناً للنيل من المعارضين الذين يعيشون في الخارج. ليست تلك الأفكار مجرد افتراضات لمئاتٍ من المصريين الذين نفاهم نظام السيسي. وقالت إنه حتى قبل مقتل خاشقجي، تجاوز النظام حدوده وتعرَّض بالمضايقات للمعارضين المنفيين، خاصة في ظل بعض التهديدات الأخيرة التي تعرَّضَ لها بهي الدين حسن، وهو صحفي وناشط بمجال حقوق الإنسان يعيش الآن في باريس. في أثناء سفره إلى إيطاليا في مايو 2017، برفقة مجموعة من المعارضين المصريين، لاحقهم بعض ضباط الأمن المصريين والتقطوا صوراً لهم. وفي وقتٍ لاحق، قال الإعلامي المقرب من السيسي، مصطفى بكري، في برنامجه التلفزيوني، إنه ينبغي للحكومة «اختطاف» هؤلاء المصريين المنفيِّين وإحضارهم إلى البلاد في «أكفانهم». لكن الحكومة المصرية تتبع أساليب أدهى في توجيه التهديدات، بحسب عقيل، موضحة إنه في اليوم الذي أدلت فيه بشهادتها أمام الكونجرس الأمريكي عام 2015، توجهت الشرطة المصرية إلى منزل والدها، ومنزل طليقها حيث يعيش أطفالها. هذا فضلاً عن أن التلفزيون المصري الحكومي نعتها ب”الخائنة”. وقالت عقيل: «لا أخشى أن يصيبني شيءٌ وأنا في الولاياتالمتحدة. ولكنني أسافر إلى تركيا وغيرها من البلاد. ومن الممكن تزييف الأمور لتبدو كأنها حادثة غير مقصودة». ويتمثَّل الخطر في أن بقية حلفاء أمريكا المهمين، مثل سلطات الانقلاب في مصر، سيتَّبعون النموذج السعودي إذا ما سمحت أمريكا لولي العهد بالتملص من جريمته. مغادرة مصر فيما قال الناشط الحقوقى بهي الدين حسن إنه بدأ في تلقي تهديدات مجهولة المصدر بالقتل، بعد شهرٍ من فوز السيسي بالانتخابات للمرة الأولى عام 2014. وبعد التشاور مع حلفاء ودبلوماسيين غربيين، قرَّر مغادرة مصر. ويقول الآن إنه يخشى ألا يكون آمناً في المنفى. وأكد حسن أنه يجب عليه، وعلى غيره من المصريين المنفيِّين، النظر بحذرٍ في شأن سفرياتهم إلى الخارج أو حتى فكرة السفر ذاتها.