في توقيت واحد: هددت إيران بغلق مضيق هرمز وعدم السماح لناقلات نفط الخليج بالمرور منه لو تم منعها من تصدير نفطها بموجب العقوبات الامريكية، وأوقفت السعودية مرور ناقلتها في مضيق باب المندب بسبب ما قالت إنه استهداف الحوثيين لاثنين منها، ما يعني توقف مرور نصف الناقلات عبر قناة السويس. ووفقا لمحللين فإن الخاسر الأكبر هو قناة السويس إذا نفذت إيران تهديداتها بإغلاق مضيق هرمز أمام صادرات النفط الخليجي؛ واستمر إطلاق صواريخ الحوثي على سفن النفط السعودية بالبحر الأحمر؛ وقامت دول الخليج بالمثل بمنع سفنها المحملة بالنفط من العبور عبر مضيق باب المندب واستبدلته بممر رأس الرجاء الصالح. فإن إيقاف السعودية ناقلات النفط من المرور في باب المندب وبالتالي البحر الأحمر، وقناة السويس هي ضربة قاصمة لإيرادات القناة والاقتصاد المصري ما يجبر النظام المصري على التدخل تحت لافتة الدفاع عن الأمن القومي؛ فحماية باب المندب الذي يعد ممرا حيويا لقناة السويس كانت مهمة شبه تاريخية للبحرية المصرية لضمان السيطرة على البحر الأحمر من باب المندب وحتى بورسعيد، إذا يشكل غلق المضيق عمليا في وجه الناقلات التي تمر بقناة السويس بسبب التهديدات الحوثية حرب اقتصادية على مصر، ما يستدعي تدخلها. توريط في حرب اليمن ويعتبر الحوثيون ذراعا عسكريا يعكس تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة خصوصا منطقة البحر الأحمر وباب المندب ومضيق هرمز ، حيث تعمل الإدارة الأمريكية مدفوعة بتحريض واسع من العواصم الخليجية الرياض وأبو ظبي لتحجيم هذا النفوذ؛ بينما تستهدف طهران من هذه الإجراءات تحذير واشنطن من ممارسة ضغوط وعقوبات اقتصادية عليها وتؤكد أنها تملك أوراق ضغط قوية يمكن من خلالها أن تهدد جميع ناقلات النفط ما يتسبب في مشاكل ضخمة على المستوى العالمي. ويرى الخبير الاقتصادي، رئيس مجلس ادارة صحيفة الاهرام السابق، "أحمد السيد النجار" أن السعودية "تضغط على مصر لتوريطها أكثر في حربها المتعثرة في اليمن"، وتساءل منتقدا: "هل يجوز استخدام الضغوط الابتزازية بين الحلفاء؟"، قائلا: إنهم (السعوديون) "يتقنون الضغط والابتزاز" بحسب تعبيره. وبحسب مراقبين فإن مرور ناقلات النفط بقناة السويس قد يكون محاولة للضغط على مصر للمشاركة في حرب اليمن لأن الحوثيين نفوا ضرب ناقلات نفط وتحدثوا عن استهداف بارجة حربية سعودية، وربما كان الوقف السعودي لمرور الناقلات بباب المندب ومن ثم قناة السويس، محاولة للضغط على النظام العسكري في مصر للمشاركة بريا في حرب اليمن، وهو الأمر الذي يواجه رفضا كبيرا داخل المؤسسة العسكرية. كيف يؤثر توقف الناقلات على مصر؟ توقف مرور ناقلات النفط التي تحمل البترول السعودي والخليجي من مضيق باب المندب الي قناة السويس معناه نقص عدد الناقلات التي تمر بالقناة الي النصف تقريبا وتقلص عائدات قناة السويس التي ساهمت ب 2.2% من الناتج المحلى الإجمالي لعام 2017 بحسب بيانات البنك الدولي. كما توقف الناقلات واشتعال الأزمة في مضيقي هرمز وباب المندب ومخاوف وقوع حرب اقتصادية وعسكرية قد يشعل أسعار النفط ويرتفع عن 74 دولار حاليا ما يضر الموازنة المصرية التي حددت سعر البرميل ب 67 دولارا فقط، ما يعني توقع رفع جديد لأسعار الوقود ثم السلع المختلفة على المصريين. وكان وزير المالية قد صرح بأن كل دولار زيادة في أسعار النفط يؤدي إلى عجز الموازنة بمقدار 4 مليارات جنيه، وهي تصريحات تعكس المخاوف من زيادة أسعار النفط عالميا وتأثيرات ذلك الكبيرة على الوضع الاقتصادي المصري الهش. وبحسب أرقام إدارة معلومات الطاقة الأميركية، والمنشورة في صحيفة "business insider " يمرّ حوالي 3.8 مليون برميل من النفط و"المنتجات النفطية المكررة" عبر باب المندب كل يوم في طريقها إلى أوروبا وآسيا والولايات المتحدة، ويستحوذ على نحو 6.1% من إجمالي تجارة البترول العالمية. كما تعبره سنويا 21 ألف سفينة. يقول خبراء في النقل البحري، إن حجم التجارة العالمية المارة بقناة السويس عبر مضيق باب المندب، سواء القادمة من دول الشمال للجنوب أو من دول الجنوب للشمال، تمثل تقريبا ما بين 96 إلى 98% من حجم التجارة المارة بالقناة. أي أن أكثر من 98% من السفن التي تدخل قناة السويس المصرية تمر عبر مضيق باب المندب. وتكثر السيناريوهات حول احتمالية إغلاق المضيق وسط جهود عربية ودولية لإعاقة مثل هذه الخطوة، نظراً لحجم الضرر الذي قد يلحق بتجارة النفط العالمية. إذ يتحكم المضيق في الوصول إلى محطات النفط المتعددة وخط أنابيب النفط الذي تملكه شركات حكومية من مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر ويدعى السويس – المتوسط أو خط أنابيب سوميد. لذا فإن أي عراقيل بباب المندب ستمنع وصول نفط الخليج العربي إلى قناة السويس أو خط أنابيب سوميد وتحويلها إلى الطرف الجنوبي من إفريقيا، مما يزيد من وقت العبور وتكلفته، بالإضافة إلى ذلك، لن يعود بالإمكان لتدفقات النفط الأوروبي والجنوبي الإفريقي التوجه إلى الأسواق الآسيوية عبر قناة السويس وباب المندب. وتشير التوقعات بوصول التكاليف الإضافية للنقل لأكثر من 45 مليون دولار يوميا، كما الارتفاع في تكاليف الشحن بإضافة 6000 ميل بحري بالنسبة للناقلات التي ستعبره. أما البيانات الرسمية فتشير إلى أنه في العام المالي 2016/2017 مرت 4322 ناقلة نفط في قناة السويس تعادل 25,4% من إجمالي عدد السفن التي عبرت القناة، وفي الربع الأول من العام الحالي عبرت 1069 وإيقاف المملكة عبور ناقلاتها التي تعادل نصف ناقلات النفط المارة في القناة، يمكن أن يؤدي إلى ضرر فادح لإيرادات قناة السويس. من جانبه حاول الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس، التقليل من هذه التداعيات قائلا إن معدلات حركة الملاحة بقناة السويس لم تتأثر عقب تعرض ناقلة نفط سعودية لهجمات في مضيق باب المندب، ولكنها تصريحات للطمأنة فقط والاثار قادمة لو استمر توقف الناقلات. وبلغت إيرادات القناة في الربع الثالث من عام 2017 نحو 1382,2 مليون دولار مقارنة بنحو 1300,4 مليون دولار في الربع المناظر من عام 2016.