يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: "كل دعوة تحبب الفقر إلى الناس٬ أو ترضيهم بالدون من المعيشة ٬ أو تقنعهم بالهون فى الحياة ٬ أو تصبرهم على قبول البخس ٬والرضا بالدنية ٬ فهى دعوة فاجرة ٬ يراد بها التمكين للظلم الاجتماعى ٬ وإرهاق الجماهيرالكادحة فى خدمة فرد أو أفراد. وهى قبل ذلك كله كذب على الإسلام ٬ وافتراء على الله". خرج عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري بعد أول يوم انقلاب على الحكم، متوعدا الناس بالفقر، والجوع، قائلا لهم: "احنا نجوع بس نبني مصر.. إيه يعني.. مش هناكل مش هنشرب.. بس نعمر مصر". لم تختلف خطابات السيسي منذ ذلك اليوم عن الوعيد الذي توعد به الفقراء، فعمل منذ أول يوم على نشر الجوع والفقر، وحفز الجماهير المغرر بها على القبول بهذا الوضع مؤقتا لحين الإصلاح، فرفع الدعم عن الغلابة، ورفع عليهم أسعار الكهرباء والمياه والطعام والشراب والدواء والوقود والمواصلات لأرقام غير مسبوقة، وأوحلهم في مشروعات وهمية برر بها الغلاء والوباء الذي انتشر على يديه. ومن بين هذه المشروعات قناة السويس الجديدة. أكثر من عام بقليل، كانت مدة كافية لبنفق السيسي ببذخ على هذا الوهم ويفتتح أولى مشروعاته، وهو مشروع قناة السويس الجديدة، الذي تم افتتاحه في أغسطس 2015، بعد أعمال جرت على قدم وساق لحفر القناة بطول 35 كيلومترًا في هذه المدة القياسية، أنفق عليها 68 مليار جنيه من جيوب المصريين. إلا أن نتائج المشرزوع لم تكن كما زعم السيسي بأنها ستدر مائة مليار دولار سنويا، فرغم الإنفاق لم تدخل القناة ملياو واحدا، بل أنها استدانت لتدبير احتياجاتها وسداد فوائد شهادات الاستثمار التي استولى عليها من المصريين للمساهمة في مشروع الهم. العاصمة الإدارية في مارس 2015، وقعت شركة إعمار العقارية، مع الحكومة المصرية، اتفاق إنشاء العاصمة الإدارية، والتي تقع على بعد 45 كيلومترا من وسط القاهرة، وتصل الاستثمارات فيه إلى 45 مليار دولار، وفي أكتوبر الماضي، دشن عبدالفتاح السيسي، خلال زيارة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، عدد من المشروعات، وقال السيسي أن العاصمة ستكون في مساحتها أكبر من ستغافورة، وقال إن حجم الاستثمار بها على المساحة التي تبلغ 168 ألف فدان سيتجاوز ال 40 مليار دولار. ليفاجأ الشعب المصري أن العاصمة ما هي إلا وسيلة لإنشاء مدينة "يوتوبيا" الجديدة، تكون مقرا للأغنياء فقط، وتنتقل إليها مقرات الحكومة، مقابل بيع مقرات الحكومة القديمة في قلب القاهرة كما تم في مثلث ماسبيرو وجزيرة الوراق، ثم تعلن حكومة الانقلاب عن إنشاء وحدات سكنية للمواطنين مقابل مليون جنيه للوحدة، فينكشف الغطاء عن حقيقة هذه العاصمة التي ينفق عليها من جيوب الفقراء ليسكن فيها الأغنياء. المليون وحدة سكنية لم تتجاهل الدولة في عهد الرئيس السيسي أزمة انفجار السكان، فعلى قدم وساق بدأت وزارة الإسكان بتوجيه من السيسي في بناء وحدات سكنية، ضمن مشروع المليون وحدة سكنية، والذي اعتبر السيسي في تصريحات له، أن تنفيذه في وقت قصير كان تحديًا كبيرًا للدولة، بعد تشكيك البعض في إمكانية تنفيذ هذا العدد من الوحدات السكنية. استبشر الغلابة بالمشروع، وبعد مرور عامين فوجئ الغلابة بسعر الوحدة الذي تجاوز ربع مليون جنيه في الصحراء، فضلا عن المشكلات الكبيرة والكارثية التي وجدها المواطنون عند الاستلام. المحطة النووية بالضبعة أخذت الدولة في حسبانها مشروع إنشاء محطة الضبعة النووية، كأحد أهم المشروعات القومية خلال الفترة الحالية، بحسب زعم نظام السيسي، إلا أن إنشاء 4 مفاعلات نووية بالتعاون مع الجانب الروسي، لم يتم إلا ترضية لروسيا عن الحادث الإرهابي الذي أسفر عن مقتل 215 روسيا بعد عودتهم من شرم الشيخ فوق أراضي سيناء نتيجة تفجير الطائرة. وهم المليون ونصف مليون فدان أعلنت حكومة الانقلاب عن إطلاق مشروع المليون ونصف مليون فدان في ديسمبر 2015، وهو المشروع الذي يهدف إلى زيادة الرقعة الزراعية بمصر لمنع التكدس، وتوفير فرص عمل آمنة ومستقرة، وتشجيع فرص الاستثمار وفرص التنمية بالمحافظات الجديدة، إلا أن كارثة إنشاء سد النهضة بموافقة السيسي كشفت عن وهم هذا المشروع بحسب خبراء الري والزراعة، الذين أكدوا أن مصر لا تمتلك المياه التي تستصلح هذه الأراضي، ولم ينجز السيسي منها سوى عشرة آلاف فدان. المشروع القومي للطرق في أغسطس 2014، انطلق المشروع القومي للطرق، الذي يستهدف إنشاء طرق جديدة بأطوال 3300 كيلو متر، منها 1300 كيلو متر تنفذها الهيئة العامة للطرق والكبارى و1200 كيلو متر تحت إشراف القوات المسلحة و800 كيلو متر تحت إشراف وزارة الإسكان، إلا أن انهيار الطرق يتوالى منذ ذلك الحين، وكان أحدثها طريق العين السخنة الذي انهار مع سقوط أول دفعة أمطار، عقب افتتاحه بأيام. خراب اقتصادي كشفت شبكة "d w" الألمانية، عن أن مكاسب الاقتصاد المصري الجديدة التي تزعمها سلطات الانقلاب تحت شعار ما يسمى بالإصلاح، لم تنجح في تحسين مستوى المعيشة المتردي لغالبية المصريين حتى اللحظة. وقالت الشبكة الألمانية العالمية، إنه منذ انطلاق ما يسمى ببرنامج الإصلاح الاقتصادي في عام 2014 وتعويم الجنيه المصري في عام 2016، وأسعار جميع السلع والخدمات إلى ارتفاع، في وقت تتراجع فيه القوة الشرائية لأكثر من ثلثي المصريين. وأضافت أنه بعد عملية التعويم التي ضاعفت سعر الدولار مقابل الجنيه المصري، تراجع مستوى الرواتب والأجور مقومة بالدولار إلى مائة بالمائة. وزاد الطين بلة معدلات التضخم المرتفعة التي وصلت صيف العام الماضي 2017 إلى 34 بالمائة. وعلى الرغم من تراجع معدل التضخم إلى ما دون 12 بالمائة مؤخرا والزيادة الطفيفة على الأجور بنسبة 7 بالمائة، وعلى المعاشات بنسبة 15 بالمائة، وبالرغم من الحزم الاجتماعية للحكومة، فليس هناك حتى الآن ما يشير إلى تراجع عدد المصريين الذين يعيشون دون خط الفقر بمستوى دخل للفرد يقل عن 500 جنيه مصري في الشهر، أي ما يعادل أقل من 30 دولارا بالشهر. الغلاء يضاعف ويضعف الفقراء ونقلت الشبكة عن بيانات الجهاز المركزي المصري للإحصاء، أن نسبة هؤلاء الفقراء شكلت في عام 2015 نحو 29 % من السكان، أي حوالي 25 مليون مصري. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن بطاقات الدعم التمويني والاجتماعي الحكومي للمحتاجين ما تزال تشمل حتى الآن 70 مليون مصري، فإن عدد الفقراء ازداد بعدما وصل إلى فئات كانت في عداد الطبقة الوسطى؛ بسبب ارتفاع الأسعار الذي أنزلها عدة درجات في السلّم الاجتماعي لمستويات المعيشة. وأكدت أن هذه الأرقام تعكس تدني مستوى الدخول وارتفاع نسبة البطالة التي ما تزال متفشية في صفوف الشباب. ولا يغير من ذلك بشكل ملموس التراجع الطفيف في نسبة العاطلين مؤخرا على ضوء استقطاب أعداد لا بأس بها منهم في المشروعات القومية، وفي مقدمتها العاصمة الإدارية الجديدة، ومشروع الضبعة النووي، ومشروعات حقول الغاز، والطاقة الكهربائية، وتطوير الطرق والمناطق الصناعية. فنكوش النمو وتطرقت الشبكة لتصريحات سلطات الانقلاب، موضحة أنه إذا ما قام المتابع للوضع في مصر باستثناء الوعود الكثيرة العامة عن قرب تحسن المستوى المعيشي للمصريين، والإشارة إلى مخاطر الفقر والبطالة وتدني مستوى المعيشة التي تشكل قنبلة موقوتة يمكن أن تُفجر مظاهرات واحتجاجات في أية لحظة. بالمقابل يلاحظ المتابع التغنّي بشكل شبه يومي في إنجازات السيسي المزعومة، بالحديث عن زيادة الاحتياطات بالعملات الصعبة إلى أكثر من 44 مليار دولار، وارتفاع معدلات النمو إلى 5 %، وزيادة تدفق الاستثمارات الخارجية في البورصة، وضخ المزيد من غاز البحر المتوسط وتحقيق وفر في الموازنة. وإذا كانت هذه البيانات تثير حماس ومديح صندوق النقد الدولي والدائنين والمستثمرين، فإن غالبية الناس تسأل، لماذا لا تنعكس هذه الإنجازات بسرعة أكثر على مستويات الأجور والدخول؟. وأشارت إلى مباركة صندوق النقد الدولي هذا البرنامج، الذي قدم قرضا لمصر بقيمة 12 مليار دولار على دفعات مقابل شروط تتلخص في اتباع سياسة تقشقية صارمة تقود إلى رفع الدعم الحكومي لأسعار السلع الأساسية والخدمات العامة وزيادة الضرائب. وأعلنت مصر، مؤخرا، زيادة في أسعار الوقود والكهرباء مع خفض الدعم، وذلك في أحدث سلسلة من إجراءات التقشف الاقتصادي التي يساندها صندوق النقد الدولي لكنها مستمرة في تدهور أوضاع كثير من المصريين.