أصبحنا في زمن يطلب فيه العدو الصهيوني اجتماعًا لمجلس الأمن لأن مقاومة غزة "تعتدي" عليه، ما حدث في غزة خلال الأيام الماضية من رد المقاومة بصواريخ خلاصتها رفض اليد العليا للاحتلال الصهيوني، والإصرار على الرد رغم ضعف الإمكانات وفارق ميزان القوى، رسالة مفادها أن ها هنا شعب ليس في وارد الخضوع لإملاءات عدوه رغم الوضع البائس؛ فلسطينيًا وعربيًا وإقليميًا ودوليًا. طبيعة البشر هي مقاومة الذل هكذا المشهد في غزة، محاولة كسر حصار غربًا في عرض البحر، مقاومة ورشقات نارية على الأرض من كل اتجاه، مسيرة عودة في الشرق والشمال، غزة تقاوم بكل أشكال المقاومة، الشجر والحجر والهواء والبشر في غزة مقاومة، ومن غرائب ما حدث بمجلس الأمن أن مندوبة الولاياتالمتحدة وهي تكاد أن تذرف الدمع طالبت المجتمع الدولي بإدانة حركة حماس بأسلحتها البدائية ومطالبتها وقف عدوانها على إسرائيل النووية المدججة بأحدث الأسلحة. ورفض مجلس الأمن إصدار بيان يدين حركة حماس والمقاومة الفلسطينية على خلفية قصفها مواقع الاحتلال الصهيوني ردًا على قصف صهيوني طال مواقع مدنية وأخرى للمقاومة في غزة خلال الأيام الماضية، ورفضت دولة الكويت، العضو العربي غير الدائم في مجلس الأمن، تمرير القرار، فيما قالت وكالة تاس الروسية الخميس إن موسكو أيدت أيضا الموقف الكويتي من مشروع البيان الأمريكي. في غضون ذلك تقدم الأسبوع الماضي مجموعة من أعضاء الكونجرس الأمريكي بشقيه النواب والشيوخ وعن الحزبين الجمهوري والديمقراطي بمشروع قانون يسمى "التوعية بمعاداة السامية" من أجل ما أسموه مكافحة "ازدياد معاداة السامية" في المدارس والجامعات في جميع أنحاء البلاد، الأمر الذي يرى آخرون بأنه يهدف في جوهره منع وتجريم انتقاد ممارسات الاحتلال الإسرائيلي وحملات المقاطعة التي تعتبر الجامعات إحدى أبرز الساحات التي تحركها. وبرأي مراقبين فإنه من الأهمية بمكان الانتباه إلى أنه في الوقت الذي يتوجب تعزيز حراك العودة بعد جولة التصعيد الأخيرة، فإنه يتوجب أيضا توخي أقصى درجات الحذر من القيادة الصهيونية التي باتت كنمر جريح بعد نجاح المقاومة في فرض قواعد اشتباك جديدة، سيما في ظل تعاظم الانتقادات الداخلية التي توجه لحكومة نتنياهو والتي اتهمتها بالجبن والتراجع في مواجهة المقاومة. مقاومة غزة تحاول البقاء على معادلة الرد بالمثل، واقع يضعها بين نارين الأولى صعوبة بل استحالة الدخول في مواجهة عسكرية طويلة، والثانية الصمت على جرائم الاحتلال في ظل مطالبة شعبية بالرد، وأهم بند في صفقة القرن هو نزع سلاح حماس، أي قتل آخر مقاومة مسلحة ضد اليهود، وإذا بقيت غزة بلا مقاومة عسكرية لا يعلم أحد ماذا سيفعل اليهود بالفلسطينيين ؟ وتسود حالة من الهدوء قطاع غزة مع سريان التهدئة بين فصائل المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، بعد أن أكدت فصائل المقاومة أنها حققت إنجازات مهمة من المواجهات وأن الهدنة لن تلزم المقاومة في حال الخرق من قبل الإسرائيلي. وأجبرت المقاومة الفلسطينية سلطات الاحتلال الإسرائيلي على طلب التهدئة مع قطاع غزّة، بعدما تساقطت الصواريخ وقذائف الهاون الفلسطينية من القطاع على المستعمرات الصهيونية في غلاف غزّة، ردّاً على العدوان الإسرائيلي على القطاع. وأفشلت المقاومة الفلسطينية محاولات الاحتلال لتغيير قواعد الاشتباك – أي بالقصف والعدوان الإسرائيلي دون أي ردّ، وأمام ردّ المقاومة وإطلاق رشقات أكثر من 70 صاروخًا، وهو الأعنف منذ وقف عدوان صيف العام 2014، تدخّلت الوساطات، وفي طليعتها من قِبل جنرالات الانقلاب في مصر، وتوصلت المخابرات التي يقودها اللواء عباس كامل إلى التوصّل لاتفاق هدنة، بدأ تنفيذه عند الرابعة من فجر أمس الأربعاء، لإنقاذ المحتل الصهيوني، الذي تعهد السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بالحفاظ على أمنه ورعايته.