هل إيران هي الخطر الأوحد والأكبر في المنطقة والعالم مثلما يغرد وزراء خارجية الدول العربية مع ترامب ونتنياهو؟ وماذا عن إسرائيل؟ ولماذا يتهافت العرب على غازها المسروق والتَّطبيع المتصاعد معها؟ وهل بات العرب بخليجهم وأفارقتهم وأسيويهم على حافَّة الهاوية إن لم يتحالفوا مع تل أبيب حسب ما يقوله البيت الأبيض ؟ يقول الدكتور محمد يسري إبراهيم، أمين عام الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح : "إذا خفتم من إيران فالأمان عند اليهود! .. بئست المقولة التي يكذب بها على الشعوب المسلمة! أماننا في إيماننا واعتصامنا بكتاب ربنا وسنة نبينا وإعدادنا للقوة التي ندفع بها عن مقدساتنا وأعراضنا!". يقول الناشط اليمني حميد سعيد:" الكيان الصهيوني والمجوس وجهان لعملة واحدة، لهما مشروع قومي، الأولى من الفرات إلى النيل والثانية استعادة الإمبراطورية الفارسية ولا يخفون ذلك، أما روافض العرب تلاقي فيهم حقد على المؤمنين يغذوه باستمرار ببكائيات ومظلومية كما كان يفعل أسلافهم في تلك المناطق لإبقاء جذوة الحرب عشرات السنين". لعبة الموساد وبينما يحاول ترامب ونتنياهو إقناع العرب بأن الخطر الأكبر لا يأتيهم من تل أبيب بل من طهران، كشف الصحفي الصهيوني "باراك ديفيد" أن رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أطلع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل شهرين على الاستيلاء على "الأرشيف النووي" الإيراني من قبل الموساد. وقرر نتنياهو الكشف علانية عن الوثائق بسبب الموعد النهائي الذي سيصدر في 12 مايو المقبل ، والذي حدده ترامب للاتفاق النووي الإيراني " وأفاد أن مسئولا صهيونياً أخبره أنه في اجتماع نتنياهو في البيت الأبيض يوم 5 مارس الماضي، قدم إلى ترامب وكبار أعضاء إدارته: بنس وماتيس وتيلرسون وماكماستر، تحليلا أوليا لأرشيف إيران النووي. وتحدث نتنياهو إلى ترامب وأعلمه بأنه سينشر المعلومات الجديدة في وقت لاحق من الأسبوع، وفي اليوم التالي، التقى في تل أبيب بوزير الخارجية بومبيو وأبلغه بما سيفعل، ونقل الصحفي عن مسئول في حكومة الاحتلال الصهيوني أن توقيت النشر تم تنسيقه مع البيت الأبيض، وأن السبب في نشره هذا الأسبوع كان قرب الموعد النهائي المحدد في 12 مايو بشأن الصفقة الإيرانية. صداقة للأبد بعد مرور أكثر من خمسة وثلاثين عاماً من الوعيد والتهديدات المتبادلة بين إيران من جهة وأمريكا وكيان العدو الصهيوني من جهة أخرى، إلا أنها بقيت حبيسة الشعارات وحناجر الهتافات، فيما لم يكن التنفيذ إلا من خلال ضرب كل الأطراف لعدد من الدول العربية، ليأتي فيه الوقت الذي تتخلى فيه "طهران وتل أبيب وواشنطن" ليس فقط عن التهديدات العسكرية المباشرة ، بل وحتى عن شعاراتها العدائية المتبادلة. عقب التوصل إلى الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة (5+1)، في 14 يوليو 2015، بعد أكثر من إثنا عشر سنة من المفاوضات المارثونية المتقطعة، أقدمت أمريكا على رفع اسم إيران من "محور الشر"، بالتزامن مع أحاديث عن حلف جديد بين واشنطنوطهران، في حين أعادت بريطانيا قبل أيام فتح سفارتها في طهران، بعد أربع سنوات من إغلاقها، بالتزامن مع ظهور لافتة كبيرة في أحد شوارع "تل أبيب"، تبين العلم الإيراني إلى جانب العلم الصهيوني، و كتب عليها عبارة "ستفتح هنا السفارة الإيرانية في إسرائيل"، خطوات قابلتها إيران بسحب أشهر الشعارات الإيرانية "الموت لأمريكا الموت لإسرائيل" من الساحات العاملة ومساجد المدن الإيرانية. وأعلنت ميليشيات "الباسيج" التي تقتل السوريين والتابعة للحرس الثوري الإيراني، أن المساجد في إيران بدأت بإزالة شعار "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل" والتخلي عن الهتاف به خلال الصلوات اليومية. صهاينة إيرانيون! لم تنقطع العلاقات الإيرانيةالأمريكية في الأساس منذ ما تسمى ب"الثورة الإسلامية" في إيران عام 1979، وقد تنوعت هذه الاتصالات ومستوياتها، وتمخض عن هذا النوع من التواصل تفاهمات أمريكية أساسية مع النظام في إيران في أكثر من محطة، حيث كانت عاملاً مهماً، وربما حاسماً، في تنسيق ودعم الهجوم الأمريكي على أفغانستان لإسقاط حركة طالبان عام 2001. وعلى نفس النسق والتوجه تم التنسيق الكامل بين النظام في إيران والإدارة الأمريكية بشأن العمليات العسكرية الأمريكية لاحتلال العراق وإسقاط نظام صدام حسين عام 2003، حيث أكدت إيران مراراً وعلى لسان قادتها أنها ساهمت في حسم عملية الاحتلال وإنجاحها. والمراقب لتفاصيل العلاقات الإيرانية الإسرائيلية يجدها قديمة ومتجذرة بين الطرفين، منذ نظام الشاه وحتى انقلاب الخميني، فخلال حرب الخليج الأولى بين العراقوإيران، أظهرت الوثائق التاريخية أن جسراً من الأسلحة كانت تأتي إلى إيران من أمريكا عبر إسرائيل، كان مهندسها "صادق طبطبائي" أحد أقرباء "آية الله الخميني "، حيث أرسلت إسرائيل نحو 1500 صاروخ إلى طهران، في اطار عملية بيع الأسلحة الأميركية إلى إيران التي عرفت بعد ذلك بقضية "ايران-غيت"، إبان الحرب الايرانيةالعراقية في الفترة 1981-1988. كذلك كشفت صحيفة "التايمز" البريطانية عام 1981 عن تعاون عسكري بين الطرفين، حيث أكدت الصحيفة أن إيران استلمت ثلاث شحنات أسلحة، وفي عام 1982 أقر "مناحيم بيجن" رئيس وزراء إسرائيل آنذاك بأن "تل أبيب" كانت تمد إيران بالسلاح، بهداف إضعاف عراق صدام حسيين، وفي العام ذاته أفادت مجلة "ميدل إيست" البريطانية أن مباحثات كانت تجري بين إيران إسرائيل بشأن عقد صفقة يحصل الكيان بموجبها على النفط الإيراني في مقابل حصول إيران على السلاح الإسرائيلي. المصلحة الأهم من الجانب الاقتصادي، تقول صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية أن أكثر من 30 مليار دولار حجم الاستثمارات الإسرائيلية داخل الأراضي الإيرانية، بمعدل أكثر من 200 شركة إسرائيلية، وأغلبها شركات نفطية تستثمر في مجال الطاقة داخل إيران . كذلك يتجاوز عدد يهود إيران في إسرائيل 200000 يهودي، و كبار حاخامات اليهود في إسرائيل هم إيرانيون من أصفهان، ولهم نفوذ واسع داخل المؤسسات الدينية والعسكرية ويرتبطون بإيران عبر حاخام معبد أصفهان ، فوزير الدفاع الإسرائيلي السابق"شاؤول موفاز" إيراني من يهود أصفهان، وهو من أشد المعارضين داخل الجيش الإسرائيلي لتوجيه ضربات جوية لمفاعلات إيران النووية ، والرئيس الإسرائيلي السابق "موشيه كاتساف" إيراني، وتربطه علاقات ودية وحميمية مع "الخامنئي" والرئيس الإيراني السابق "أحمدي نجاد". وتعتبر إيران أكبر دولة تضم تجمعات كبيرة لليهود خارج "إسرائيل"، حيث يتواجد فيها أكثرمن 30000 يهودي، وكنائس اليهود في طهران وحدها تجاوزت 200 كنيس، حيث تعتبر إيران بالنسبة لليهود هي أرض "كورش" مخلِّصهم، وفيها ضريح "استرو مردخاي" المقدس، كما يحج يهود العالم إلى إيران، لأن فيها جثمان "بنيامين" شقيق نبي الله يوسف عليه السلام، ولهم إذاعات تبث من داخل إسرائيل ومنها إذاعة "راديس" التي تعتبر إذاعة إيرانية متكاملة كما توجد لديهم إذاعات على نفقة ملالي إيران.