أثار قرار وزير التجارة والصناعة بحكومة الانقلاب المهندس طارق قابيل، أول أمس السبت 31 مارس 2018م، بفتح باب استيراد سيارات الركوب المستعملة التي تعمل بمحرك كهربائي، العديد من التساؤلات حول توقيت القرار وجدواه الاقتصادية والجهات المستفيدة من هذا البيزنس المفاجئ. واشترط قرار الوزير ألا يتجاوز عمر السيارات الكهربائية المستعملة المستوردة عن ثلاث سنوات، بخلاف سنة الإنتاج حتى تاريخ الشحن أو التملك، وسيتم إعفاء السيارات الكهربائية المستعملة من الرسوم الجمركية؛ بهدف تشجيع السوق المحلية نحو السيارات الصديقة للبيئة. وتساءل البعض حول أسباب صدور القرار في ظل تغول العملات الأجنبية على حساب الجنيه، إضافة إلى استمرار أزمة توفير الدولار في ظل تراجع مصادر الدخل القومي، وأهمها تراجع معدلات الإنتاج والتصدير، وانخفاض موارد السياحة بفعل الاضطرابات السياسية. تسويق الصفقة وأعلن محمد مصطفى بدوي، الرئيس التنفيذي لشركة "ريفولتا إيجيبت" لتسويق تكنولوجيا السيارات الكهربائية وإدارة نقاط الشحن، عن أن مصر تطرح الدفعة الأولى من السيارات الكهربائية المستوردة التي تتبع العلامة التجارية الأمريكية "تسلا"، في السوق خلال منتصف أبريل الجاري، فالسيارة الجديدة ب600 ألف جنيه ومن المقرر حسب "ريفولتا" أن يصل عدد نقاط الشحن بنهاية المرحلة الأولى إلى 65 نقطة منتشرة في 7 محافظات، باستثمارات تصل لأكثر من 65 مليون جنيه، وستغطي محطات مصر بالكامل في 2020، وتتراوح أسعار سيارات الكهرباء المستعملة موديلات 2014 و2015 بين 250 ألف جنيه و300 ألف، بينما يصل سعر السيارة الجديدة نحو 600 ألف جنيه. وافتتحت شركة ريفولتا، مطلع شهر فبراير الماضي، أول نقطة شحن للسيارات الكهربائية في مصر وشمال إفريقيا، بالتعاون مع الشركة الوطنية للخدمات البترولية وشركة شنايدر الفرنسية. يحتاج للمراجعة وتحت عنوان "قرار وزاري مهم يحتاج المراجعة والتعديل"، كتب الأستاذ المساعد بجامعة القاهرة للعلوم والتكنولوجيا، محمد كفافي، أن "السماح باستيراد السيارات الكهربائية المستعملة، سيؤدي لإغراق السوق المصرية بالسيارات الكهربائية منخفضة الجودة والكفاءة، والتي ستعطي انطباعا سيئا للمستهلكين وتهدر الطاقة والأموال بدلا من توفيرها". وأضاف، عبر صفحته ب"فيسبوك"، أن "هذا يعد تكرارا لخطأ تجربة اللمبات الموفرة في مهدها، وقد تم إغراق الأسواق المصرية بلمبات منخفضة الجودة والكفاءة وبنظم الطاقة الشمسية، وإعطاء انطباع سيئ للمستهلكين وتسبب ذلك بإهدار المليارات بدلا من توفيرها". مزيا وعيوب من أهم فوائد هذه السيارات: – تقليل الاعتماد على المحروقات – عدم وجود ملوثات – البطاريات قابلة لإعادة الشحن. وأهم العيوب: – ارتفاع أسعار هذه السيارات ( من 600 ألف إلى 900 ألف جنيه) – شحن البطارية يحتاج لفترة تتراوح ما بين 6 إلى 8 ساعات على أقل التقديرات، وفترة الشحن سالفة الذكر، تكفي لتحرك السيارة ما بين 160 إلى 200 كم، ولن تصل ل300 كيلو مثلما أشيع. وبحسبة بسيطة حسب استهلاكات الوقود بالسيارات المتعارف عليها، فتحرك سيارة مسافة 200 كم يحتاج إلى 18 لتر بنزين، وإذا كان سعر اللتر بنزين 90 حاليًا ب5 جنيهات، فإن 20 لترًا تقدر ب90 جنيها، ولكن القيمة في الكهرباء تختلف على حسب كمية الكهرباء التي تستهلكها كل بطارية. فتش عن بيزنس العسكر وبحسب ما تم تداوله من معلومات شحيحة عن الصفقة، فرغم مرور مصر بأزمة في العملة الصعبة وتوفير الدولار لاستيراد السلع الأساسية، فقد تم فتح باب استيراد هذه النوعية من السيارات الكهربائية مع تسهيلات تتعلق بعدم فرض جمارك عليها؛ لارتباطها ببيزنس المؤسسة العسكرية. وطرح بعض المحللين والمتابعين تساؤلا آخر حول مدى استعداد مصر لاستقبال هذا النوع من السيارات، ومدى كفاية محطات الشحن التي تبنيها شركة "ريفولتا مصر"، بالتعاون مع الشركة الوطنية التابعة للقوات المسلحة، وهو ما فتح أيضا بابا للتكهنات حول اعتبار ذلك القرار إحدى "عمليات البيزنس" التي يقوم بها الجيش. مستهلكون لا منتجون في تعليقه على القرار، قال الباحث الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي: "تظل مشكلة مصر الرئيسية هي إنتاج التكنولوجيا"، مضيفا أنه "إذا كان الغرض من القرار توفير استهلاك الطاقة؛ فلماذا لا تمتلك مصر تكنولوجيا إنتاج السيارات الكهربائية، وبخاصة أن التقادم التكنولوجي يجعل السيارات المستوردة مع مرور الوقت مجرد خردة". وحول احتمالات أن تكون تلك الخطوة "بيزنس" لشركات الجيش، خاصة أن شركة "وطنية" تشارك في إنشاء محطات الشحن، قال الصاوي: "ما المانع أن يحدث ذلك بعد أن سيطر الجيش على مفاصل الاقتصاد المدني؟"، مضيفا أن "الجيش الآن هو أكبر محتكر اقتصادي بمصر". "الكهرباء" تحذر وبحسب صحيفة التحرير، فإن مصدرا مطلعا بوزارة الكهرباء- رفض الإفصاح عن اسمه- يحذر من إتاحة عمل السيارات بالكهرباء في مصر، قائلا: «إذا لم يتم عمل تشريعات صارمة أمام تطبيقه، ستكون عواقبه وخيمة على قطاع الكهرباء في المقام الأول. تتمثل في سرقة التيار الكهربائي، والذي يكبد الوزارة خسائر سنوية بمليارات الجنيهات، بجانب الفقد الفني المتعارف عليه في كل دول العالم». وأوضح المصدر أن نسبة الفقد فى إجمالى الطاقة المولدة من الشبكة الكهربائية العام المالي الماضي 2017 تقدر ب11% بما يعادل 15 مليار كيلووات ساعة سنويا، موزعة ما بين فنى وسرقات تيار، حيث تقدر قيمة الفقد الفني ب6 مليارات جنيه، بينما الفقد من السرقات يقدر ب5 مليارات جنيه. وأوضح أنه يمكن شحن بطاريات هذه السيارات من أي عمود كهرباء، ما يضاعف من السرقات وخسائر قطاع الكهرباء.