من العدم شقت طريقها إلى صفحات مواقع السوشيال ميديا، تلقّفها نشطاء وسياسيون وتداولوها فيما بينهم وقد أثارت استغرابهم ودهشتهم، إنها صورة تعود إلى عام 2012 وتحديدا داخل القصر الجمهوري، ويظهر فيها الرئيس المنتخب محمد مرسي وهو يؤم عددا من رجال القصر وبعض السياسيين، وللعجب ظهر ياسر برهامي، رأس حزب النور الأمنجي، وهو يختبئ خلف ظهر الرئيس، لكنه نظر للكاميرا مطولا ولم يكن ينظر لموضع السجود، بل ظل محدقا حتى تم التقاط الصورة، ولَمِع فلاش الخيانة في عينيه كما تلمع عين ذئب في الظلام!. وقارن نشطاء بين الخيانة التي قام بها برهامي وبين خيانة يهوذا، المذكورة في الإنجيل، وبحسب العقيدة المسيحية تواطَأ "يهوذا الإسخريوطي" أحد تلاميذ المسيح الاثني عشر، مع أعضاء المجلس الأعلى لليهود؛ بهدف تسليم المسيح مقابل ثلاثين قطعة من الفضة، واعتبرت خيانة يهوذا قبل ظهور ياسر برهامي، واحدة من أشهر الخيانات في التاريخ البشري حتى عام 2013. ويظهر في الصورة الشهيد عصام دربالة من الجماعة الإسلامية، والذي رفض الاعتراف بالانقلاب، فظل مسجونا ودفع حياته ثمناً لذلك, تقول الناشطة والإعلامية آيات عرابي تعليقا على الصورة: "الجميع تكالبوا على الرئيس الذي لم يُرد بهم إلا خيرا، كل هؤلاء حقدوا عليه لا لشيء إلا لأن الملايين لم تقف طوابير تكتب أسماءهم وتختارهم كما فعلت معه، انظروا إلى كم الغدر في عيني المخبر برهامي". ويقول الناشط محمد أبو النور: "شوفوا البغل أبو خطمة حمار في جبينه بتاع حزب الظلام، هذا خنزير وملعون أبوه اللي ربط الحمار وفلتك ياللي عينك على الكاميرا مش خاشع في الصلاة، صلاتك مثل صلاة مسيلمة الكذاب يا خنزير". خائن وعميل في عام 2013، اتخذت قيادات حزب النور قرارًا مهمًا وخطيرًا كان له تبعاته على الحزب لمدة طويلة، وهو الوقوف ضد أول رئيس شرعي مدني منتخب، وهو الدكتور محمد مرسي، ووضع أيديهم في يد قائد الانقلاب العسكري والبرادعي، قبلة العلمانيين في مصر، وتواضروس بابا الكنيسة الأرثوذكسية، فلمَ اتخذت قيادات الحزب هذا القرار الخطير وما هي أسبابه؟. الإجابة عن السؤال السابق جاءت على لسان القيادي السلفي الشيخ محمد عبد المقصود، حينما هاجم حزب النور وقياداته في الإسكندرية، واصفًا مواقفهم في الآونة الأخيرة بأنها خيانة لفكر ومنهج الدعوة السلفية، واستنكر أن تصل الخصومة بين حزب النور وبين الرئيس والإخوان إلى أن يتمنى أحد قيادات السلفيين وهو الشيخ أحمد فريد، لو كانوا قد انتخبوا الفريق أحمد شفيق بدلاً من الرئيس محمد مرسي. القيادي السلفي هاجم تحالف الجبهة السلفية مع جبهة الإنقاذ ضد الرئيس أو حتى تأييد مواقفهم وترديد كلامهم ومطالبهم، مثل إقالة النائب العام وأخونة الدولة وغيرها، واستشهد بكلام الشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، في كتابه «المنة» عن عدم جواز التحالف مع العلمانيين، وهو الآن يتحالف معهم، بل واتهمهم بالعمالة كما كانوا أيام النظام السابق. حنلبس في الحيطة! العجيب أن برهامي ذكر سبب خيانته في فيديو مسجل، وقال إن الذي ضغط عليهم ليأخذوا موقفًا ضد الدكتور مرسي في 3 يوليه، هو أنهم وجدوا الجيش والشرطة والقضاء والإعلام ورجال الأعمال والأقباط (الثورة المضادة) كلهم ضد الدكتور مرسي، فقال باللفظ "حنلبس في الحيطة"، فخاف على نفسه وأتباعه من الاعتقال والقتل، ولذلك أخذ موقفًا مؤيدًا للانقلاب، في حين أنه لو اعتزل الأمر وقال هذه فتنة لا أعلم الخير من الشر فيها ما لامه أحد، ولو اعتزل الحياة السياسية كلها بدعوى عدم جدوى التصارع على الكرسي ما لامه أحد، ولنجا أيضًا هو ومن معه من الاعتقال والقتل، ولكنه للأسف ترك المظلوم ووضع يده في يد الظالم، ترك المقتول ووضع يده في يد القاتل، والمصيبة أنه يطلب من المظلوم والمقتول أن يضع يده في يد الظالم والقاتل ويقبل بشروطه من قبل أن يكون هناك عدالة تقتص للمظلوم والمقتول. وفي مسرحية انتخابات السفيه السيسي 2018، خرجت لحاهم تفتي بأن من يدعو لمقاطعة انتخابات الرئاسة تحت حكم العسكر في مصر فهو آثم شرعا، وخرج ياسر برهامي وزاد الجميع من شعر الخيانة بيتاً، فقال: من يقاطع الانتخابات الرئاسية فهو عدو للوطن، أي أن المقاطع لهذه المهزلة المسماة انتخابات سيقع بين التأثيم الديني، والتخوين الوطني باسم الدين كذلك!. ولك أن تختار ما يناسبك من التُّهمتين، وهو كلام فارغ لا ينطلق من شرع ولا عقل؛ فالمشاركة في الانتخابات أو المقاطعة أمر يخضع لمعايير النزاهة الانتخابية، وجدواها، ومدى شفافيتها، فهل سمح الانقلاب لأحد أن يترشح؟ وهل من انقلب على رئيس شرعي منتخب سيترك المنصب بصناديق الانتخاب بعد أن استحوذ عليه عن طريق صناديق الذخيرة؟.