يبدو أن الطريق في البحث عن شرعية القتل التي ينتهجها قيادات الأنظمة المستبدة في دول العالم الثالث وعلى رأسها مصر والسعودية، أصبح الطريق فيها واحدا لإسكات الغرب، وهو تكميم أفواه النظام الأوروبي والأمريكي بشراء صفقات الأسلحة بمليارات الدولارات، لغض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث في هذه الدول، أو السكوت عن الحملات البربرية والحرب التي يشنها الجيش السعودي ضد الشعب اليمني. الأمير على خطى السفيه في الوقت الذي تعتبر السعودية هي الدولة الأولى على مستوى العالم في شراء صفقات الأسلحة فقد كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" البريطانية في تقرير منسوب لمصادر داخل البيت الأبيض، عما أشارت إلى أنه يتضمن تفاصيل صفقة الأسلحة التي هندسها كوشنر مع السعوديين، لكي ترتفع قيمتها إلى 110 مليار دولار، فضلا عن الاستثمارات السعودية التي وقعتها مع أمريكا بما يزيد على 450 مليار دولار، لشراء سكوت أمريكا ودعمها لوصول محمد بن سلمان لكرسي العرش في المملكة. فعلى غرار صفقات الأسلحة التي أبرمها قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السسي مع فرنسا لشراء سكوتها عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وجرائم الحرب التي يشنها ضد مؤيدي الشرعية الدستورية والديمقراطية، انتهج الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي نفس المنهج، حيث استهل بن سلمان زيارته بحسب ما أعلنت بريطانيا لتوقيع اتفاقات تجارية مع السعودية، خلال زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الجمعة، موضحة قيمة الاتفاقيات. وبحسب بيان مشترك، فإن البلدين وقعا اتفاقات تجارية تزيد قيمتها على ملياري دولار، أثناء زيارة ابن سلمان إلى لندن، التي انتهت الجمعة. أسواق جديدة وفي بداية الزيارة، حدد البلدان لنفسيهما مستوى مستهدفا قدره 65 مليار جنيه استرليني (90 مليار دولار) للتجارة والاستثمار للسنوات المقبلة، مع بحث لندن عن أسواق جديدة لقطاعها للخدمات بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. وتأتي اتفاقات الحكومة البريطانية مع السعودية على الرغم من الضجة التي أثارتها زيارة ابن سلمان، التي تمثلت باحتجاجات وتنديدات ورفض لزيارة الأخير، بسبب الحرب في اليمن ودور السعودية فيها، وبسبب انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة. وثارت حفيظة الأحزاب المعارضة في بريطانيا، إذ اتهم زعيم حزب العمال، جيريمي كوربن، حكومة بلاده بالتواطؤ في أحداث تدل على ارتكاب جرائم حرب في اليمن. صفقات مشبوهة للسيسي يأتي ذلك في الوقت الذي أبرم فيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي صفقات خلال زيارته لفرنسا نهاية العام الماضي، لدرجة وصفت معها صحيفة "لاديبيش" الفرنسية أن الصفقات العسكرية بين القاهرة وباريس، جعلت مصر من أهم عملاء فرنسا في مجال التسلح. وأبرمت مصر مع فرنسا، عام 2015، عقود تسليح بنحو ب5.2 مليارات يورو، والتي تسلمت بموجبها 42 طائرة رافال من إنتاج شركة داسو للطيران، وسفن حربية متعددة المهام تصنعها مجموعة الصناعات البحرية (دي سي إن إس) إضافة إلى صواريخ من إنتاج شركة إم بي دي إيه. كما قامت مصر بشراء حاملتي مروحيات من طراز ميسترال إلى الجيش المصري خلال الفترة الماضية، بعد أن وقعت مصر وفرنسا عقد شراء سفينتي ميسترال الفرنسيتين في القاهرة، في أكتوبر 2015، بحضور رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس و عبدالفتاح السيسي، حيث بلغت قيمة الصفقة 950 مليون يورو. وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعيشها مصر تحت حكم الانقلاب العسكري بسبب السياسات الاقتصادية الفاشلة التي يتبناها الحكم العسكري في مصر، والتي أدت إلى انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار بشكل غير مسبوق، وارتفاع الدين العام بشكل كارثي، وانهيار السياحة وهروب الاستثمارات، وغيرها من المشكلات الاقتصادية الكارثية التي تسبب فيها حكم العسكر، فإن النظام العسكري يتوجه بين الحين والآخر إلى عقد صفقات سلاح بمليارات الدولارات، وسط تساؤلات حول أهمية تلك الصفقات وجدواها بالنسبة لمصر في الوقت الراهن، وهي التي لم تخُض حروباً منذ 43 عاماً. زيادة الوتيرة ومن الملاحظ زيادة وتيرة عقد تلك الصفقات وبشكل غير مسبوق لم يحدث في أي عهد من العهود السابقة منذ اغتصاب السيسي للسلطة بعد الانقلاب العسكري وتحديداً منذ يوليو 2014, حيث توجهت مصر نحو شراء صفقات أسلحة من فرنسا كان آخرها صفقة حاملة المروحيات من طراز ميسترال، وتصل التكلفة الإجمالية لهذه الصفقة نحو 451 مليون يورو، بما يعادل 600 مليون دولار أمريكي، وأيضاً وقع البلدان اتفاقية لشراء أسلحة تشمل طائرات مقاتلة وسفناً حربية ونظام اتصالات عسكرياً بقيمة 1,1 مليار دولار, وكانت السلطة العسكرية قد اشترت 24 طائرة "رافال" فرنسية في فبراير 2015، وسفناً حربية وحاملات صواريخ في صفقة تصل قيمتها إلى 2,5 مليار دولار, وبحسب خبراء، فإن قيمة صفقات الأسلحة من فرنسا بلغت نحو 5 مليارات دولار. وأنفقت مصر على صفقات السلاح من روسيا خلال العامين الماضيين نحو 10 مليارات دولار على أقل تقدير، متمثلة في بطاريات صواريخ مضادة للطائرات من طراز إس 300, وسربين طائرات ميغ 35، وصفقة طائرات ميغ 29، وطائرات عمودية من نوع إم آي 35 وأنواع ذخائر مختلفة وغيرها. بالإضافة للمساعدات العسكرية من أمريكا، وكان أبرزها تسلم 5 أبراج لدبابات من طراز أبرامز إم إيه 1 ومروحيات أباتشي تسلمت مصر منها 10 طائرات، وكذلك طائرات إف 16 وقطاع المراقبة المتحركة, ووقعت مصر على صفقة مع ألمانيا تتيح لها الحصول على 4 غواصات من طراز دولفين, وكذلك أبرمت السلطة العسكرية صفقة على عدد من المقاتلات الصينية من طراز جي – 31 المقاتلة, عدد من الخبراء قالوا إن مصر ليست بحاجة إلى هذا السلاح, وقال السفير إبراهيم يسري، رئيس جبهة الضمير، إن الجيش المصري بلا حروب منذ 43 عاماً, وتساءل هل يمكن استخدام الأسلحة الجديدة في الوقت الذي نتبنى فيه سلاماً دافئاً مع العدو الصهيوني؟ بل ودعونا الدول العربية هي الأخرى لإقامة السلام الدافئ مع العدو الصهيوني؟ صفقات "الأسلحة الفاسدة"! وبحسب خبراء عسكريين، فإن أغلب الصفقات العسكرية التي عقدتها السلطة العسكرية مع روسياوفرنسا هي لأسلحة عفا عليها الزمن ولا قيمة لها في الحروب في ظل التفوق الاستراتيجي للعدو الصهيوني، والاستخدام الوحيد لها هو في قمع الشعوب. وكان موقع "استراتيجي بيج" الأمريكي المتخصص في الشؤون العسكرية، قد أكد في تقرير له أن "مصر أنقذت طائرات "داسو رافال" الفرنسية من البوار، إذ أنتجت فرنسا هذه الطائرات عام 2000، ولم تُوقع أي صفقة لبيعها إلا في عام 2015، وكانت مع السلطة العسكرية في مصر, وكذلك رفض عدد من دول أمريكا اللاتينية شراء هذه الطائرات لضعف كفاءتها, والبعض الآخر تحدث عن أن السيسي يشتري شرعيته الدولية التي تمثل له عقدة نقص منذ انقلابه على الرئيس المنتخب بهذه الصفقات لأسلحة عفا عليها الزمن، وكذلك من أجل الظهور في مؤتمرات وقمم رسمية مع قادة ورؤساء العالم، ليلتقط معهم الصور التذكارية من قوت الشعب المصري المطحون. وبحسب بعض المصادر، فإن كلفة صفقات السلاح التي عقدها السيسي والعسكر في العامين الماضيين تخطت حاجز العشرين مليار دولار، في وقت يعاني فيه الاقتصاد المصري من انهيار غير مسبوق, مما يطرح أسئلة مهمة عن كيفية تمويل هذه الصفقات الباهظة؟ وأيضاً من المعروف أن هذه الصفقات لها سماسرة، ففي العرف الدولي لصفقات السلاح يتقاضى رئيس الجمهورية عمولة مقابل صفقات السلاح من 5 إلى 15%، وكذلك جنرالات الجيش من القادة الكبار، وبذلك يكون السيسي ووفق هذه الأرقام قد حصل على 1,6 مليار دولار فقط في عامين من وراء السمسرة والعمولات في صفقات السلاح، غير ما حصل عليه الجنرالات من أموال الشعب المنهك المطحون في ظل حالة اقتصادية بائسة، وتردٍّ غير مسبوق على كل الأصعدة.