ما إن أعلن مولود تشاووش أوغلو، وزير الخارجية التركي، تخطيط بلاده للبدء في أعمال تنقيب عن البترول والغاز شرق البحر المتوسط قريبا، وإشارته في تصريحات لصحيفة يونانية أن التنقيب عن الثروات وإجراء دراسات عليها يعد حقًا سياديًا لتركيا، حتى انهالت التعليقات المعادية من نظام الانقلاب في مصر ضد تركيا، ليقوم نظام السيسي بدور "المحلل" في الدفاع عن قبرص، خاصة بعد اتفاقية ترسيم الحدود التي وقعها الجانبان، نكاية في تركيا لموقفها من الانقلاب العسكري بمصر. وحدثت حالة من الجدال حول الموقف القانوني لكل من الدول الثلاث، سواء فيما يتعلق بترسيم الحدود بين مصر وقبرص دون موافقة تركيا التي تسيطر على شمال قبرص، أو موقف تركيا القانوني في التنقيب عن الغاز في هذه المنطقة. وفي هذا الإطار يقول الخبير الاستراتيجي عمرو عمار إن إعلان تركيا رفض اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص يأتي من منطلق حكمها النافذ على شمال قبرص، مضيفا أن إعلانها بدء التنقيب في شرق المتوسط لا يعني التحرش بمصر أو السيطرة على ثرواتها، بل يعني أنها ستنقب ناحية شواطئ قبرص التي تحكمهاا وتملك السادة على شمالها وليس في المنطقة الاقتصادية لمصر. وأضاف عمار -في تصريحات صحفية مساء أمس الأربعاء- أن المسافة بين المنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر بعيدة جدا عن أي مناطق نزاع بين تركياوقبرص، مشيرا إلى أن الاعتراض التركي على الاتفاقية يخص الجانب القبرصي لخلافات سياسية بين البلدين ولا يخص الجانب المصري، وهو ما يوضح سر الغضب المصري الممثل في سلطات الانقلاب التي ربما تذهب مؤامرتها مع قبرص هباء في ملف ترسيم الحدود الذي وقع عليه السيسي لاستفزاز الجانب التركي. واعتبر عمار أنه حتى لو رغبت تركيا في التنقيب عن الغاز والبترول في المنطقة الشمالية لجزيرة قبرص التي تحتلها فلن يعترف بذلك دوليا، إلا بعد أن تقوم بترسيم الحدود مع سوريا ولبنان وقبرص وهو ما لم يحدث، وربما لن يحدث لتوترات سياسية بينهم، ومن ثم فلا يعترف به دوليا إلا بعد ترسيم الحدود البحرية. وقالت الخارجية المصرية، في بيان لها أمس، ردا على إعلان تركيا عدم اعترافها بالاتفاق المبرم بين مصر وقبرص عام 2013 بترسيم الحدود البحرية بين البلدين، إن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص لا يمكن لأي طرف أن ينازع في قانونيتها، وحذرت من أي محاولة للمساس أو الانتقاص من حقوق مصر السيادية في منطقة شرق البحر المتوسط. وكان وزير خارجية تركيا جاويش أوغلو، قد قال في حوار له مع صحيفة "كاثيميريني" اليونانية، إن بلاده تخطط للبدء في أعمال تنقيب عن النفط والغاز شرقي المتوسط قريبا، مشددا على أن التنقيب عن هذه المصادر وإجراء دراسات عليها يعد حقا سياديا لتركيا، كما رأى أن الاتفاقية المبرمة بين مصر والشطر اليوناني من قبرص "لا يحمل أي صفة قانونية". ويشير عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب السابق، أسامة سليمان، إلى خطأ سلطات الانقلاب عندما قررت ترسيم حدودها البحرية مع جزيرة متنازع على سيادتها بشرق المتوسط، على الرغم من أنها عضو في قانون البحار". واعتبر أن رد الخارجية المصرية لا قيمة له؛ لأن الاتفاقية ليست صحيحة لا بنص الدستور المصري أو قانون البحار، ولا بنص الشرعية الشعبية، فلا أحد مع التفريط في مقدرات مصر لصالح تركيا أو غيرها، ولكن نحن مع حفظ حقوق المصريين. وأشار إلى أن النظام العسكري بمصر يعتقد أن الأمور بالخارج تسير بالأسلوب نفسه الذي تسير به في الداخل، وكذلك يظن أن الاتفاقية ستمر كما مرت اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية لرغبة صهيونية". وهو الأمر الذي يثبت أن السيسي لا يفهم كيف تدار الدولة على خلاف ما زعم خلال افتتاح حقل ظهر قبل أيام، فتضييع موارد مصر في حقوق شرق المتوسط، ومياه النيل أكبر دليل على ذلك. إسرائيل المستفيد فيما أكد رئيس الدائرة المصرية بمركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية إسلام الغمري أن الكيان الصهيوني هو المستفيد من ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص، وأن المتضرر منها الشعب المصري وتركيا، مشيرا إلى أن "اعتراض أنقرة حق طبيعي لها؛ لأنها شريك أساسي في الحدود المشتركة، ولا يمس حقوق مصر. وأضاف أن الاتفاقية مجحفة بحق الشعب المصري بضياع حقوقه في الغاز لصالح الكيان الصهيوني، كما حدث تماما عندما تنازل نظام السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح السعودية شكلا، إنما المستفيد الحقيقي والوحيد هو الكيان الصهيوني. وعلق الكاتب الصحفي سيد أمين، بالقول: "لقد تم ترسيم الحدود القبرصية أو اليونانية مع مصر ليس من قبيل تأمين الحدود المصرية؛ ولكن من قبيل المكايدة مع دولة تركيا بدليل دخول إسرائيل على خط هذه العلاقات، وسمعنا عن تدريبات عسكرية مصرية إسرائيلية يونانية وقبرصية مشتركة". واعتبر أنه "بعد فشل الانقلاب في تركيا قام النظام الحاكم في مصر باستخراج قضية ترسيم الحدود؛ من أجل حصار تركيا بحريا تزامنا مع حصار قطر". ورأى أن "النظام المصري حاول ترسيم الحدود وإهدار حقوق مصر البحرية التاريخية، واللعب على المصالح الاستراتيجية التركية؛ من أجل إجبارها على الاعتراف بالانقلاب، وإغلاق القنوات الإعلامية للمعارضة المصرية هناك"، مشيرا إلى أن "مصر أخطأت حينما رسمت الحدود مع قبرص التي أصلا تعاني من انقسام داخلي يهدد بإبطال الاتفاقية".