كشف تحرير الجيش السودانى لمدينة "أبو كروشولا" شمالى شرقى ولاية جنوب كردفان الدور الذى تلعبه جنوب السودان فى وضع العراقيل أمام الخرطوم ودعم المتمردين بعد المعلومات التى حصل عليها الجيش خلال عملية تحريره للمدينة من "الجبهة الثورية" التى احتلتها قبل أيام، ودفعت الرئيس عمر البشير لتوجيه إنذار شديد اللهجة لحكومة الجنوب، ولوح بإلغاء جميع الاتفاقيات المشتركة بينهما إذا لم توقف دعمها لمتمردى الجبهة الثورية. وأعلن البشير أمام حشد جماهيرى بمقر القيادة العامة للقوات المسلحة عقب إعلان تطهير مدينة "أبوكرشولا"، أنه لا اعتراف ولا تفاوض مع قطاع الشمال والجبهة الثورية، ولا تفاوض مع الخونة وبائعى الوطن والعملاء وإرهابيى الجبهة الثورية، وطالب حكومة الجنوب بالكف عن تقديم الدعم لمتمردى الجبهة الثورية وقطاع الشمال، مضيفا عليهم أن يوقفوا دعمهم، وإذا لم يفعلوا فإن جميع الاتفاقيات ستعتبر لاغيه وسنغلق أنبوب تصدير النفط وتشربه.. وإن الاتفاقيات التسعة الموقعة مع الجنوب حزمة واحدة أى عدم التزام بواحدة منها يعنى أنها ملغاة كلها". وحصلت الخرطوم خلال عملية التحرير على معلومات من نوعيات الأسلحة التى استولت عليها والأسرى بأن جوبا كانت طرفا فاعلا فى عمليات الجبهة الثورية ضد المدن السودانية. كانت الخرطوموجوبا قد وقعت فى سبتمبر الماضى اتفاقا لاستئناف تصدير نفط جنوب السودان عبر خطوط الأنابيب فى السودان فى إطار تنفيذ بنود تسعة اتفاقات أمنية واقتصادية وقعها الطرفان فى مارس الماضى، إلا أن الجنوب لم تلتزم بها وسعت لوضع العراقيل وتفجير الأوضاع فى الشمال، فالخرطوم تتهم جوبا بدعم متمردى الحركة الشعبية شمال السودان الذين يقاتلون الحكومة فى ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق المتاخمتين للجنوب منذ عام 2011. وأرجع البعض سبب العداء المتواصل بين الشمال والجنوب لعدم حسم الكثير من القضايا العالقة بين الجانبين وأهمها ترسيم الحدود ومنطقة "أبيى" الغنية بالنفط التى تعتبر شرعيا وقانونيا من حق الخرطوم، إلا أن جوبا تدعى وقوعها ضمن حدودها بسبب توافر النفط فيها، بجانب مشاكل الرعاة وتجار الحدود والمصاعب الاقتصادية، وكلها مشاكل نتيجة إصرار الجنوب على الانفصال بأى ثمن بصرف النظر عن النتائج الخطيرة المترتبة. وتعد الكوارث الماثلة بين الشريكين فى الوقت الراهن نتائج منطقية للطريقة المتسرعة التى تم بها إكمال تنفيذ اتفاقية السلام الشامل، ووجه المراقبون والمحللون السياسيون انتقادات قوية لاتفاقية السلام الشامل باعتبارها اتفاقية لصالح مجموعتين مسلحتين سئمتا الحرب، مؤكدين أن الذين كانوا يأملون فى حدوث تغيير حقيقى فى الحكم على نطاق السودان خاب أملهم، كما خاب أمل الكثيرين من المتعاطفين والداعمين للحركة الشعبية بالشمال لأن الحركة التى كانت تنادى "بسودان جديد" والتى تعهدت بالعمل على الوحدة سعت للانفصال بسهولة وخضعت لأجندات أجنبية. ومنذ البداية لم تبدِ قيادة الحركة الشعبية حماسًا لشئون الشمال وكان النائب الأول لرئيس الجمهورية سلفاكير ميارديت -الرئيس الحالى للجنوب- غائبًا عن القصر الجمهورى بالخرطوم معظم الوقت، ولم يتم احترام تحقيق أهداف "التحول الديمقراطى" ووثيقة الحقوق وحرية التعبير والتنظيم المنصوص عليها فى الاتفاقية والدستور الانتقالى من قبل أى من الحكومتين فى منطقة سلطتهما. وأجمعت القيادات السياسية السودانية على أن تحرير أبو كرشولا لا بد أن يكون بداية حقيقية لقطع دابر التمرد واستهداف البلاد، وأوضح ربيع عبد العاطى القيادى بحزب المؤتمر الوطنى أن تحرير أبو كرشولا انتصار عظيم للقوات المسلحة والمجاهدين وغيرها من القوات النظامية، وأشاد بصمود القوات المسلحة والمجاهدين فى الدفاع الشعبى والشرطة والأمن دفاعًا عن العرض والأرض.