"لا أنوى التنحى من منصبى".. بهذه الكلمات رسم الرئيس السورى بشار الأسد الموقف المخزى للمجتمع الدولى تجاه دعم الثورة السورية. جاءت الكلمات التى تظهر تشبثا دمويا بكرسى السلطة فى سياق حوار للأسد مع صحيفة "كلارين" الأرجنتينية مؤخرا، والتى عوَّل فيها على عدم تقديم القوى العالمية الدعم للمعارضة وعلى طول أمد الصراع الذى دخل عامه الثالث. من جانبها، علقت صحيفة الإندبندنت البريطانية، فى عددها أمس الأول، على تصريحات بشار، قائلة: "وفى سياق موقف المجتمع الدولى يمكن فهم مقابلة الرئيس السورى مع الصحيفة الأرجنتينية بأنه شعر بجرأة إضافية مما شجعه على القول بأنه لا ينوى التنحى من منصبه". وألقت الصحيفة الضوء على موقف المجتمع الدولى، وخاصة الدول الغربية، بقولها إن الحديث قد خفت عن رد عسكرى إذا انتهكت دمشق "الخطوط الحمراء" واستخدمت الأسلحة الكيماوية فى النزاع الدائر هناك حتى من قبل بريطانيا وفرنسا اللتين كانتا قد أبدتا موقفا أكثر تشددا مقارنة بموقف الولاياتالمتحدة حيال سوريا، كما أنه ورغم أن رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان نال التعاطف وعبارات الدعم من قبل الرئيس الأمريكى باراك أوباما حينما زار واشنطن الخميس الماضى، فإن واشنطن لم تبد استعدادا لاتخاذ إجراءات صارمة بهدف تسوية النزاع. رجل "إسرائيل" وأشارت "الإندبندنت" إلى أن موقف الغرب يتناغم مع المزاج العام الذى أخذ يسيطر على "إسرائيل"؛ وقد ظهر دليل على ذلك فى قول "إفرايم هاليفى" -أحد رؤساء الموساد السابقين- بأن "الأسد يظل رجل إسرائيل فى دمشق". كما أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو تلقى تحذيرات من قبل الرئيس الروسى فلاديمر بوتين حينما زار روسيا أخيرا، من مغبة شن غارات جوية أخرى على سوريا. وتستنتج الصحيفة البريطانية السبب وراء موقف الأسد بقولها إن ثمة قناعة متزايدة لدى أوروبا والولاياتالمتحدة بأن النظام السورى رغم الفظاعات التى ارتكبها، فإنه يظل أفضل من تولى نظام إسلامى "متشدد" مقاليد السلطة. الصورة الضبابية ورغم ما سبق، لكن "الإندبندنت" تشير إلى أنه لا ينبغى الاندهاش لو أن الغرب وحلفاءه جنحا إلى ما أسمته "تسوية أخلاقية معينة" مراعاة لمتطلبات الواقعية السياسية، موضحة أن الأسد قد يلجأ إلى المفاوضات لو طلب منه الروس القيام بذلك، لكنه قد يجد نفسه مضطرا للانسحاب من المشهد السورى قريبا بسبب تلطخ يديه بالدماء. ويزيد من احتمالية حدوث مثل تلك التسوية، رغم الصورة الضبابية لموقف المجتمع الدولى، أن الوضع الميدانى قد يغير النتيجة المتوقعة للموقف الراهن. تمكنت قوات المعارضة السورية، الاثنين الماضى، من قتل نحو 30 من مقاتلى حزب الله اللبنانى و20 من أفراد القوات السورية وقوات الشبيحة الموالية لبشار الأسد، وذلك فى اشتباكات عنيفة مع مقاتلى المعارضة ببلدة "القصير" التى طالما استخدمها مقاتلو المعارضة كطريق للإمداد يربط بين الحدود اللبنانية القريبة وحمص عاصمة المحافظة.