عقد مركز الثقافة السينمائية ندوة عن كتاب "أسرار النقد السينمائى... أصول وكواليس" للناقد والسيناريست الدكتور "وليد سيف" الأسبوع الماضى، والكتاب يعد آخر إصدارات سلسة آفاق السينما. يذكر أن الندوة تعد الثالثة التى تناقش الكتاب منذ إصداره؛ حيث عقدت ندوة حوله يوم توقيعه بقصر السينما، كما عقدت ندوة أخرى بجمعية كتاب ونقاد السينما. من جانبه، استعرض الناقد "ياقوت الديب" الذى أدار الندوة موضوع الكتاب الذى يدور حول مفهوم النقد السينمائى ومدارسه المختلفة، وعرض نماذج من الأعمال الفنية، بجانب التعريف بأصول فنون الدراما الأخرى، مثل المسرح والإذاعة والتليفزيون. فيما عرض المؤلف "وليد سيف" تجربته مع آخر مؤلفاته، وقال إنه خلاصة خبراته فى مجال النقد والكتابة السينمائية، واعتبره نتيجة طبيعية لمؤلفاته السابقة التى كانت خطوة على طريق إثراء مكتبة النقد السينمائى المصرى والعربى مؤكدا عدم رضاه عن بعضها، خاصة البدايات التى تميزت بعدم الخبرة فى مجال الكتابة للجمهور العام بعيدا عن الخطاب الأكاديمى للطلبة المتخصصين، والذى دفعه لتبسيط المفاهيم والمصطلحات إلى حد ابتسار المعنى، ولكن تبقى فى النهاية أنها أسهمت فى ظهور هذا الكتاب لينضم إلى سلسلة "آفاق السينما" وليكون منبعا جديدا للراغبين فى التزود من الخبرات السابقة فى عالم النقد السينمائى. وتفاعل الحضور من مؤلفين ومخرجين وكتاب ونقاد وأبدوا إعجابهم بالكتاب وأشادوا بإسهامه فى إثراء مكتبة النقد السينمائى، وانتقد البعض النقاط التى تناولها الكتاب وطريقة تناولها مثل اقتصار المؤلف على عرض تجربته الشخصية فى الكتابة السينمائية والنقد وعدم الاستعانة بتجارب أخرى والتى أكد آخرون أنها نقطة قوة للكتاب؛ حيث يقدم خبرة سنين طويلة مارس خلالها "سيف" العمل السينمائى من كتابة ونقد وتدريس لتكون وجبة دسمة للأجيال الجديدة من شباب السينمائيين. ويشير العنوان الفرعى للكتاب "أصول وكواليس" إلى رغبة المؤلف فى عرض أسرار العمل السينمائى من الداخل وليس من الخارج وإلقاء الضوء خلال فصول كتابه على مراحل العمل والصعوبات التى يواجهها الناقد أو السيناريست السينمائى. يصدر "سيف" كتابه بمقدمة تركز على توصيف الناقد الفنى للتمييز بين النقاد الذين يقفون عند حد امتلاك المعلومات والتحليل، ومن يمتلك الرؤية التى تمكنه من الربط بين المعلومات والقدرة على التحليل والتطبيق العملى للنظرية وكيفية استخدامها ومدى إفادة القائم على العمل محل النقد منها. ويتناول الفصل الأول مفهوم النقد لغة واصطلاحا إلى أن يصل للمفهوم الذى اختاره المؤلف وهو الاجتهاد نحو الوصول إلى التقدير الصحيح لأى عمل فنى وكشف مدى قيمته فى ذاته، وبذلك يصبح النقد علما يجمع بين ذاتية خبرات ومعارف الناقد، والموضوعية فى التعبير عنها، بعيدا عن التعصب أو الأغراض الخاصة. وفى الفصل الثانى يستعرض "سيف" مناهج ومدارس النقد السينمائى، ويطالب الناقد بعدم الانشغال بالمنهج أو المدرسة التى يتبعها، وأن يطلق قلمه ولا يتقيد بأسلوب معين، وأن يعطى الفرصة لخياله وموهبته لتفرض أسلوبها، وأن يتنقل بين المدارس والمناهج النقدية. ويأتى الفصل الثالث تحت عنوان "فى النقد السينمائى" ويتناول المبادئ التى ترتكز عليها عملية النقد وهى المرجعية العلمية والتذوق الفنى والقدرة على التحليل، بالإضافة إلى الخلفية الثقافية للناقد والقدرة على الربط بين تلك العناصر للوصول إلى نقد موضوعى جيد. ويخصص المؤلف الفصل الرابع "نقد وتحليل الأفلام" للتفريق بين عملية التحليل التى تسبق العملية النقدية ولا تخلو من نقد، والعملية النقدية التى لا بد أن تمر بمرحلة تحليل العمل الفنى قبل التصدى له بالنقد. ويتناول الفصل الخامس "السينما ما بعد الحداثة" ويشرح مفهوم "ما بعد الحداثة" الذى طرحه التطور الذى طال السينما الغربية نتيجة للرغبة فى التجديد والتحرر، بينما يربط المؤلف فى الفصل السادس "النقد وفنون الدراما" بين النقد السينمائى والنقد فى الفنون الأخرى من دراما تليفزيونية وإذاعية ومسرح، مؤكدا أن السينما التى يطلق عليها "الفن السابع" استفادت من تلك الفنون وعناصرها الحركية والتعبيرية والفنية. ويعرض الفصل السادس "نحن والفيلم الأجنبى" لفكرة المخزون السينمائى للناقد الذى لا بد أن يكون متنوعا وغزيرا حتى يستطيع الفصل بين الجيد والردىء وبين ما يشاهده من أعمال من مدارس ومجتمعات مختلفة. ويخصص الفصل السابع "نحو خطاب نقدى جيد" للحديث عن تطوير العمل النقدى ليتواكب مع التطور فى شتى المجالات، مشيرا إلى ضرورة أن يكون النقد دافعا لهذا التطور ومواكبا له . وقال إن هذا التغير لا يأتى إلا من خلال النظر إلى التجربة النقدية القديمة للاستفادة من مميزاتها وعيوبها ووضع الخطوط العريضة للتجربة النقدية المأمولة. ويختتم الدكتور "وليد سيف" كتابه بملف يضم مجموعة من مقالاته المنشورة فى الصحافة المصرية والعربية، وأكد خلال الندوة أهمية إلحاق هذا الملف بالكتاب ليتمكن القارئ من قراءة المقالات التى استشهد بأجزاء منها خلال فقرات الكتاب المختلفة حتى لا تصل إليه مبتسرة وغير واضحة المعنى.