تعرض حاليا على خشبة المتروبول مسرحية (الجميلة والوحش) من إنتاج المسرح القومى للطفل وإخراج محمود حسن، وبطولة كل من مروة عبد المنعم، وهشام المليجى، وزينب وهبى، وسيد جبر، وأحمد عثمان، وآلاء المصرى، ووائل إبراهيم ديكور، وأزياء شادى فرحات، استعراضات أشرف فؤاد، وموسيقى هشام طه. وقفت على أعتاب مسرح متروبول ألقى نظرة على أفيش المسرحية قبل الدخول إلى العرض، فراودنى سؤال، ولكن لنؤجله وندخل لنشاهد العرض، فكثيرا ما نتسرع بإصدار الأحكام فتعمينا أبصارنا ولا تعطينا فرصة للتفكير والتحليل. أولا أسعدنى كثيرا الحضور الجماهيرى الكبير، الذى ملأ الصالة تقريبا وأعطانى أملا جديدا فى عودة الجمهور إلى المسرح مرة أخرى، وبشكل خاص مسرح الطفل فى ظل السيطرة الهائلة التى فرضتها الفضائيات، ومنها فضائيات الأطفال على الجمهور، ويسعد بهذه التجربة جمهور المسرح فى المستقبل ليعود مرة بعد مرة ليكرر تجربته السعيدة. بدأ العرض بطرح الفكرة والهدف الرئيسى منه مباشرة على لسان الساحرة العجوز الحكيمة، وهو عدم الحكم على الأشياء والأشخاص من مجرد النظر، ولكن لا بد أن تكون هناك فرصة للتفكير والتدبر للوصول إلى حقيقة ما تراه أعيننا، وسريعا ما استوعبت الدرس من العرض وتركت لعقلى الفرصة ليتدبر فى تفاصيله. عندما يقوم الفنان بالتصدى لعمل فنى جديد يكون هناك هدف رئيسى بجانب الهدف من الموضوع الذى يتناوله العمل، وهو إيصال رسالة ما إلى الجمهور، وهذا ما نجح فيه فريق عمل مسرحية الجميلة والوحش، فرغم امتلاء الصالة بالجمهور الذى فى معظمه أطفال جاءوا ليتخلصوا من عبء طال حمله طوال العام الدراسى بضحكة وفرحة وسعادة وجدوها فى العرض رغم اختلاف أعمارهم التى تراوحت ما بين السنوات الثلاث والعشر تقريبا، فقد جلس الأطفال فى الصالة لا يشغلهم إلا متابعة العرض وممثليه الذين أجادوا التعامل مع جمهورهم، ورسموا على شفاههم البسمة، وأخذوا منهم مباركتهم للإفيهات بالضحكات التى تعالت طوال مشاهد العرض، اللهم إلا المشهد الرابع؛ حيث أخذ خدم الأمير المغرور الذى جاء ليسكن القصر المهجور فى سرد حكايته، وكيف اعتزل الناس واستقر فى هذا القصر؛ حيث انتاب الأطفال حالة من الملل وانشغلوا بالحديث إلى ذويهم، ليعود العرض إلى خفته وجاذبيته بعد هذا المشهد. فقد نجح العرض فى تقديم الكوميديا الهادفة بالإفيهات المتناغمة مع سياق الحوار وبالجمل الخفيفة التى استوعبها الأطفال، ولم يجدوا صعوبة فى فهمها بعيدا عن الابتذال والإفيهات المصطنعة، ولكن أخذت الروح الكوميدية بعض عناصر العمل ليشطحوا بها بعيدا عن الإيقاع الانسيابى للعرض، وتطرق أحدهم إلى إلقاء الإفيهات التى لا يوجد لها مكان فى عرض للأطفال، كأن يرفع الدكتور الذى يعالج موريس أبو "بل" الجميلة الحقنة إلى أنفه بعد أن أعطاها لموريس ليشمها، فأين المجال لإفيه مثل هذا؟! على الصعيد الآخر، فقد نجحت مروة عبد المنعم بملامحها البريئة بتقديم شخصية "بل" الجميلة بأسلوب السهل الممتنع، فلم تتكلف، ولم تجد جهدا فى توصيل فى إبراز ملامح الشخصية الرقيقة الحساسة، فى الوقت الذى استغلت فيه تعبيراتها الحركية والصوتية فى إظهار مشاعر الخوف من "الوحش" والغضب من "جاستون" المغرور والقلق على والدها الغائب "موريس"، كذلك أجاد أحمد عثمان فى أداء دور "جاستون" المغرور؛ حيث تعامل مع الشخصية بمنتهى الجدية التى عهدناه بها فى العديد من أعماله المسرحية كمسرحية بيت النفادى العام الماضى، ومسرحية المحروس والمحروسة هذا العام، كما أجاد أيضا هشام المليجى فى أداء شخصيته التى تلونت بين الكثير من التحولات الدرامية خلال العرض، فبدأ بالأمير المغرور، ثم تحول إلى الوحش بعد لعنة الساحرة؛ ليعود بعد ذلك إلى هيئته البشرية بعد زوال اللعنة، وتحوله إلى أمير طيب يحب كل من يحيطون به، وكان الفنان سيد جبر من أكثر أبطال العرض فهما لطبيعة الجمهور وأجدرهم على التعامل معه، ساعده فى ذلك طبيعة شخصيته الدرامية التى لعبها، وهى شخصية "موريس" والد "بل" الأب الحنون والمخترع التى تطوف به عبقريته حول الجنون. ومن بين الجمهور التقينا جون منير، 8 سنوات، الذى أعجب كثيرا بشخصيات خدم الأمير، الذين تحولوا إلى أساس منزلى وخيال مآتة بعد إصابتهم باللعنة، وسارة خالد، 9 سنوات، التى أعجبت بالعرض ككل، أما مريم هانى، 5 سنوات، فقد أثار إكسسوار وأداء هشام المليجى شخصية الوحش خوفها، كذلك منة خالد، 4 سنوات، وآدم محمد، 3 سنوات، فرغم حداثة عمرهم إلا أنهم استمتعوا بمتابعة العرض، أما عن أهالى الأطفال الذين صحبوهم فى هذا العرض وعروض أخرى قبله، فقد أبدوا تباينا حول ثراء العرض وعناصر جذبه كعرض للأطفال؛ حيث وجد منير ميخائيل، والد "جون منير"، أن الديكور والملابس جاءت ضعيفة وغير معبرة وغير جذابة، ولكنه أبدى رضاه عنها فى مقابل أن تكون تذكرة العرض مناسبة لأغلب فئات المجتمع؛ كى يتمكنوا من الحضور، بينما وجدت "هند" خالة "سارة خالد" موجهة رياض أطفال، ولها خلفية دراسية عن مسرح الطفل، أن الديكور رغم بساطته فإنه عبر عن الحدث والمكان، وهذا شىء يحسب لصالح العرض؛ لكى لا ينشغل الأطفال بالديكور والملابس عن متابعة أحداث العرض. نعود الآن إلى السؤال الذى راودنى على أعتاب المتروبول، فقد قرأت على أفيش العرض تأليف وإشعار "ناصر محمود"، فتساءلت هل هى نفس قصة الفيلم الكرتونى الأمريكى الشهير الجميلة والوحش لديزنى لاند أم أنه مجرد تشابه أسماء؟ وعندما بدأت أحداث العرض، وجدت الأحداث نفسها تقريبا والشخصيات نفسها، فيما عدا شخصيتين إضافيتين لم يضيفا جديدا إلى السياق الدرامى، والنتيجة هى أننا أمام أعداد للنص العالمى، وليس تأليفا، والصحيح أن يكتب على الأفيش دراماتورج أو إعداد.