رغم مقتل قرابة المائة ألف سورى على يد قوات الأسد، ووجود أدلة على استخدام السلاح الكيماوى، إلا أن الرئيس السورى بشار الأسد يبدو وكأنه قد حصل على الضوء الأخضر من اللاعبين السياسيين الكبار ليقوم بعدة مجازر، خاصة فى حمص وحماة. فقد حشد النظام السورى، أمس الأول (السبت)، قواته مدعوما بعناصر من حزب الله اللبنانى على تخوم مدينة القصير بريف حمص، منوها إلى هجوم وشيك على المدينة، ويأتى الحشد العسكرى بعد تعرض بلدات بريف حماة فجر الجمعة الماضى لقصف شديد ومقتل 30 شخصا فى بلدة "حلفايا" بريف حماة. وطبقا للشبكة السورية لحقوق الإنسان وصل عدد القتلى فى مختلف أنحاء سوريا 114 قتيلا، معظمهم فى حماة وحمص. وتأتى تلك الأرقام فى الوقت الذى أبدت فيه المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، نافى بيلاى، مخاوفها من وقوع مجزرة جديدة فى سوريا جراء حشد قوات النظام الجنود حول مدينة القصير بحمص، وطالبت المجتمع الدولى باتخاذ إجراءات فعلية لوقف سفك الدماء فى سوريا. وعن وضع سكان تلك المناطق عقب القصف، أعربت بيلاى عن صدمتها الكبيرة إزاء مجزرة بلدة "البيضا" التى وقعت مطلع هذا الشهر، التى استهدفت أكثر من مائة شخص من النساء والأطفال والرضع والرجال، فى إشارة إلى حملة تستهدف مجتمعات معينة يُنظر إليها على أنها داعمة للمعارضة. وما يثير الريبة هو حدوث تلك المجازر فى الوقت الذى أعلن فيه مسئول روسى، أمس الأول السبت، أنه سيكون من المستحيل عقد مؤتمر دولى للسلام بشأن سوريا بحلول نهاية مايو الجارى، وذلك رغم إعلان وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى، الجمعة الماضى، أن الولاياتالمتحدة تملك "دليلا قويا" على استخدام النظام السورى أسلحة كيميائية ضد المدنيين. وأكدت تركيا انتهاكات الأسد الكيميائية، وقال رجب طيب أردوغان -رئيس الوزراء التركى فى حديث تليفزيونى-: "يوجد مرضى تم نقلهم إلى مستشفياتنا أصيبوا بهذه الأسلحة الكيماوية.. يمكنكم أن تروا من الذى تأثر بالصواريخ الكيماوية من الحروق". كما قال وزير الخارجية التركى أحمد داود أوغلو أيضا إن عددا من المصابين السوريين الذين يتلقون العلاج فى تركيا أظهرت الفحوصات تعرضهم للهجوم بأسلحة كيماوية". ورغم اعتبار الولاياتالمتحدة استخدام أسلحة كيماوية فى سوريا "خطا أحمر"، إلا أنها تبدو مماطلة فى اتخاذ أى إجراء فعلى للمساعدة فى وقف المجازر بحق الشعب السورى، وهو ما يتلاقى مع رغبات روسيا التى تدعم نظام الأسد وتمده بالسلاح، وقد علق أردوغان على هذا ال"خط الأحمر" بقوله إن هذا الخط تم تجاوزه "منذ فترة طويلة". ويفك لغز التردد الأمريكى والضغط الروسى معرفة أن لكل منهما مخاوفه من سقوط "النظام الأسدى"، فالولاياتالمتحدة تتوخى الحذر من المعلومات الخاطئة على غرار تلك التى استغلت لتبرير حرب العراق عام 2003، كما تخشى من تولى الإسلاميين فى سوريا مقاليد الحكم، وهو ما يزيد من تغيير موازين القوى فى منطقة الشرق الأوسط. على الجانب الآخر، تدعم روسيا الأسد؛ لأنها تريد الحفاظ على القاعة البحرية الوحيدة لها الموجودة فى طرطوس، كما أنها لا تريد ترك الساحة السياسية فى المنطقة للولايات المتحدة.