المبدأ الذى لا يحيدون عنه ولا يلتفتون إلى غيره ولا يقبلون سواه، أن يقف أحدهم ضد الإخوان ويعارض ما يقولون ويرفض ما يفعلون ويترصد لكل ما يصدر عنهم فى كل مكان وفى كل اتجاه. هذا هو المبدأ الذى لا يختلف عليه المعارضون أو تتباين بشأنه رؤاهم أو تتعدد أمامه وجهات نظرهم، بغض النظر إن كان الحق مع الإخوان أم جانبهم أو كان الصواب معهم أو خالفهم. وبغض النظر إن كانت المصلحة العامة للمواطن تصب فى خانة ما يفعل الإخوان أو تتعارض معها، وبصرف النظر عن الحقيقة أو المنطق فيما يفعل الإخوان أو يتركون. ومن هنا حفلت مواقف المعارضة بمواقف متباينة وتصريحات متضاربة وتوجهات متغايرة، لأن الهدف انتقل من دائرة المصلحة ومدى تحقيقها إلى ساحة المعارضة على الدوام. فهم يطالبون بإقالة النائب العام، فإذا أقاله الرئيس وفقا للصلاحيات المخولة له حينها قامت الدنيا ولم تقعد، وتحول قرار الرئيس من كونه قرارا ثوريا جاء استجابة لمطالب الثوار إلى قرار ديكتاتورى يبشر بحاكم مستبد. وهم يطالبون بتعديل قانون السلطة القضائية ويدشنون مليونيات بشأنها، ويحذرون مجلس الشعب حينها من التراخى عن مناقشة القانون، فإذا فعلت المؤسسة التشريعية ذلك أصبح هذا تعديا على سلطة القضاء وانتهاكا لحرمته. وهم يقاومون الدستور ويعدونه غير شرعى، وصادرا عن مؤسسة غير شرعية ويقررون مقاطعة التصويت عليه، وما إن تتم الدعوة للتصويت يتقدموا لمطالبة الناس بالتصويت برفض الدستور. هم يؤكدون كل يوم على فشل الحكومة وعجزها فى مواجهة حاجات الجماهير وتحقيق مطالبهم اليومية، وما إن يظهر وزير ناجح يتمكن من تحقيق هذه الخدمات واختراق الواقع الصعب يسارعوا فى المطالبة بإقالته. يقفون فى تظاهرة أمام دار القضاء العالى للتعبير عن رفضهم لبقاء النائب العام طلعت عبد الله، ويرون ذلك حقا مشروعا ومنطقا لا يقبل الرفض، ثم يقفون بالمرصاد أمام تظاهرات الإخوان التى تطالب بتعديل قانون السلطة القضائية من خلال الطرق المشروعة والقنوات الرسمية فى المكان ذاته، ويعدون ذلك إرهابا لمؤسسة القضاء وتطويقا لإرادتها. أتصور أن هذا المقام لا يسمح بسرد المزيد مما بات معلوما وأصبح مفهوما ومكشوفا، إلا أن مجمل النماذج يدل على فقر فى المبادئ وتقزّم فى الثوابت التى تأخذ طريقها للتحول إلى مبادئ هَشة وثوابت متهتكة لا يصلح معها سوى البيع فى أسواق الخردة.