الكلام الواضح والصريح والمحدد الذى جاء على لسان رئيس نادى القضاة المستشار الزند فى مؤتمر الصحفى، ومناشدته للرئيس الأمريكى باراك أوباما التدخل فى الشئون الداخلية المصرية، وصمة عار فى جبين كل مصرى، وموقف مخز سوف يطارده فى كل مكان حل به، ولا بد من اتخاذ موقف قوى ورادع ضده من المجلس الأعلى للقضاة -أعلى سلطة قضائية فى البلاد- بل ومن كل قضاة مصر الشرفاء، الذين لا يقبلون ما تفوه به "الزند"، بل لا يقبلون كمصريين أى محاولة من كائن من كان أن يتدخل فى الشئون المصرية الداخلية، أو يدس أنفه فيها . مناشدة "الزند" وطلبه الرئيس الأمريكى معلنة على الهواء ومسجلة "صوت وصورة" ومنشورة، ولا تقبل الشك أو التأويل أو الظن، فجاء على لسانه: "أقول لأوباما: إذا كنت لا تدرى ما يحدث فى مصر، فتلك مصيبة، وإن كنت تعرف فالمصيبة أكبر، فالسياسيون والقضاة يتعرضون لمضايقات وانتهاكات، وعلى أمريكا أن تتحمل مسئوليتها، وأن ترفع هذا العبء عن كاهل الشعب المصرى، خاصة القضاة، فالسن بالسن والعين بالعين، والبادئ أظلم". وأمام هذا التصريح المستفز الذى لا يليق بقاض، بل بأى مصرى، فلا بد من محاسبة قائله وإخضاعه للتحقيق، وهو أمر بات ضروريا، ولا يقبل التأجيل أو التباطؤ، أو وضعه كغيره مما يتعلق بالرجل "على الرف" أو "حبسه فى الأدراج"؛ لأنه يمس هيبة ووطنية وشموخ القضاء المصرى كله، كون أنها تأتى من رئيس ناديهم الاجتماعى، الذى تحول بتصريحاته إلى زعيم سياسى، ونسى منصة القضاء وهيبته، وأصبح خروجه على الفضائيات وأحاديثه لوسائل الإعلام أكثر من اهتمامه بتحقيق الأهداف المخولة للنادى فى خدمة أعضائه، بل أكثر من اهتمامه بواجباته ومهامه الوظيفية المنوطة به، ولا نريد فتح ملفات باتت معروفة للجميع، ولا الغوص فى تاريخ أحد واستعراض سيرته ومسيرته ومواقفه فى عهود الظلم والاستبداد والقهر، يوم أن كان قضاة الاستقلال يصدعون بكلمة الحق، وكان لناديهم هيبة ورأى قوى دفاعا عن استقلال القضاة، والتحم الشعب معهم، وخرج الآلاف دفاعا عن استقلال القضاة، واعتقل المئات منهم من قبل أمن الدولة، وعلى رأسهم الدكتور محمد مرسى الذى قضى ستة أشهر معتقلا. لم نسمع لمن يملأ الدنيا ضجيجا صوتا عندما اعتدى ضابط أمن دولة على أحد القضاة الأطهار، أمام نادى القضاة، وانهال عليه بالضرب وأصابه إصابات مختلفة؟ وأين كان صاحب التصريحات والإنذارات يوم أن احتجز رئيس محكمة من قبل ضابط شرطة فى اللجنة الانتخابية بالبدرشين، وسحب منه كارنيه القضاء وحبسه فى غرفة داخل مدرسة وتعدى عليه بالسب والإهانة؟ وأين كان عندما وصمت فضائيات يخرج عليها صاحب التصريحات النارية رئيس نيابة فى شبين الكوم ورئيس لجنة انتخابية بأنه "عامل منجد"؟ وأين كان من يستقوى بأوباما عندما اتهمت فضائية رئيس محاكم محافظة المنيا بأنه يدخل إحدى اللجان ويقوم بالتزوير بنفسه، وسمع القاضى الجليل بخبر هذا الاتهام من زميل له معار فى دولة عربية، وتدخل على الهواء مباشرة ليدحض هذه الفرية الكاذبة، والكلام مسجل ومثبت؟ وأين كان عندما تجرأ البعض على القضاة وطالبوهم بإبراز بطاقاتهم فى اللجان الانتخابية؟ ولكن من الواضح أن الاستقواء بالرئيس أوباما، وأمريكا والغرب طريق "البعض" الآن ،خاصة أن وقعة السماح للمتهمين الأمريكيين فى قضية تمويل منظمات مشبوهة داخل مصر التى أثارت ضجة كبرى، والسماح لهم بالسفر لم يحقق فيها ولم تتخذ أى إجراءات ضد من سهل لهم السفر؟ ولم يتعرض لأى محاسبة من أى نوع؟ بل أغلق الملف بالضبة والمفتاح وكأن شيئا لم يكن؟ بل إن "الاستقواء" بالغرب وأمريكا صار قبلة بعض الرموز السياسية، التى صدعت رءوسنا بالهجوم على الغرب والأمريكيين، فصاحب التغريدات المشهورة، الذى ينتظر على استعجال تدخل الأوربيين والأمريكان ضد الرئيس المصرى المنتخب، معروفة للجميع ومثبتة، بل دعا إليه جهارا نهارا وبلا خجل، وقضية السياسى الناصرى الذى حرض المستثمرين ورجال الأعمال الأمريكيين بعدم الاستثمار فى مصر مثبتة، والمفكر والسياسى وصاحب المركز الحقوقى المشهور الذى يقوم بحملة لقطع المعونات الأمريكية لمصر معروفة ومشهورة، والذين حرضوا الاتحاد الأوروبى على مصر والنظام المنتخب معروفون جميعهم بالاسم، ولا يستطيعون إنكار ذلك، ولا ننسى حفاوتهم بالتصريح الذى أدلى به أحد المسئولين الأوربيين وهدد فيه بقطع المعونات عن مصر، لأنه الأمر الذى ينتظرونه؟ إننا أمام مفاصلة واضحة مع هؤلاء الذين يستقوون بالخارج ضد وطنهم وبلدهم ونظامها السياسى، ويطالبون بالتدخل الخارجى فى الشئون الداخلية ب"الضغط" و"قطع المعونات" و"منع المساعدات"، ونسى هؤلاء المثل المصرى الشهير "تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها"، ونسى هؤلاء أن الشعب المصرى صاحب الحضارة والتاريخ الذى يضرب بجذوره فى الأعماق لن يقبل من كائن من كان أن يمس ذرة من تراب مصر، ولا أن يدس أنفه فى أى شأن من شئونها، أو يفرض أى شىء على مصر وقيادتها . لقد انتهى زمن الخوف من أمريكا، والفرائص التى كانت ترتعد عندما تسمع بخبر زيارة وزير الخارجية الأمريكية السابقة للمنطقة، وفروض الطاعة والولاء التى كانت تؤدى سنويا للبيت الأبيض "الحج لأمريكا"، والتحريض المستمر الذى كان يقوم به رؤساء عرب على شعوبهم وتخويف الغرب من الإسلام والمسلمين، وأنهم "حماة" المصالح الأمريكية، انتهى زمن "الكنز الإستراتيجى" لأمريكا والغرب فى مصر، والإملاءات التى لا تنتهى من واشنطن على المخلوع والتى كانت تنفذ حرفيا، وانتهى عصر تسليم المصريين للتحقيق معهم فى السجون والمعتقلات الأمريكية بمزاعم الإرهاب، ووضعهم فى معسكر جوانتنامو الرهيب، وتسخير الأمن المصرى لخدمة الاستخبارات الصهيونية والغربية . على المصريين "رعايا أمريكا" و"المستقوون بها" والذين يعيشون تحت مظلتها وحمايتها أن يعرفوا جيدا أن "مصر الجديدة" و"مصر الثورة" اختلفت وتغيرت تماما، وأن القرار المصرى لا يمكن أن يكون يوما موضع التأثير أو المساومة؛ لأنه قرار الشعب المصرى، لا "الحاكم الفرد"، قرار يتخذه رئيس مخول من المصريين، خادم لهم لا وصى عليهم، يعرف أن من يحاسبه المصريون، لأنهم الذين جاءوا به إلى كرسى الحكم، وهذا ما تعرفه الأنظمة الديمقراطية لا "عباد أمريكا" و"المعتمرون" فى العواصمالغربية . ليتنا نسمع كلاما أو نقرأ بيانا من المجلس الأعلى للقضاء صاحب السلطة والولاية على القضاء، تجاه التصريحات المخزية الصادرة من "الزند"؟ وليتنا نسمع شيئا عن قضية رفع الحصانة عنه لسؤاله عن مئات الأفدنة التى حصل عليها فى مرسى مطروح؟ ونعرف شيئا عن قضية النائب العام السابق وقبوله الهدايا من المؤسسات الصحفية "الأهرام" و"الأخبار" و"الجمهورية" ورد مبالغها بإيصالات تسليم باتت صورها فى يد الجميع واطلعوا عليها؟ تحية لقضاء مصر الشامخ.. والعار لمن ارتشوا ونسوا الثوب الأبيض وحصلوا على هدايا ورشاوى وأراض دون وجه حق .. والعار كل العار لمن يستنجدون بأوباما وأمريكا والغرب؟