بسم الله الرحمن الرحيم "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَى آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطتَ إِلَىّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِى إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ(28) إِنِّى أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِى وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ(29)".سورة المائدة أهدى هذه الآيات الثلاث من كتاب ربنا عز وجل لإخوتنا فى الوطن ولأصدقائنا وزملائنا وخصومنا الألداء المعارضين. منكم من بلغت به الغيرة والأحقاد مبلغًا يورطكم فعليًا وجنائيًا فى القتل والحرق. صحيح رموزكم ومفكروكم وكتابكم لم يلقوا بأنفسهم زجاجات المولوتوف ولم يمتشقوا السنج والسيوف والمطاوى، لكن المؤكد لدينا أن غيرتكم وأحقادكم التى تأخذ شكل أخبار ملفقة وبرامج ومقالات محشوة بالبهتان والاجتزاء والتدليس، تزين وتتيح وتبرر لبلطجية المخلوع وأجهزة التعذيب ارتكاب جرائم حرق المقار وقتل وإصابة البشر. كنا نتوقع منكم أن تكونوا أكثر فطنة وصبرا بأن تتحولوا بعد الانتخابات الرئاسية إلى حكومة ظل حقيقية. ومازلنا نأمل فيكم أن تدربوا كوادركم وتستقطبوا مزيدا من الشباب وتطوروا أيديولوجيتكم على طريقة الراحلين العظيمين عبد الوهاب المسيرى وعادل حسين مثلا. نريد منكم أن تهدوا إلى من ابتلاهم الله بالمسئولية كل عيوبهم فى الحكم والإدارة. بالتأكيد تستطيعون لأن فيكم خبراء وفقهاء وساسة وإعلاميين محترمين. نربأ بكم أن تضعوا أياديكم فى الأيادى الملوثة بالنهب والقتل والظلم طيلة عهد المخلوع. لن نفقد الأمل فى أن تترفعوا عن أساليب الكيد السياسى وتمنى الفشل وتصيد خطأ هنا وزلة لسان هناك. لقد جرف النظام البائد حياتنا السياسية عمومًا من الخبرات والممارسات الكفيلة بإدارة البلاد بنجاح بعد الثورة. ومع ذلك فمن المصريين من خالطوا وجربوا وعايشوا فصيل الإسلاميين الذين لم يستسلموا واجتهدوا ودفعوا الثمن. حقق الإسلاميون نجاحات نسبية لا بأس بها وكانت لهم كوادر يشهد لها طلابيًا ونقابيًا وبرلمانيًا. بعض فصائل المعارضة المصرية عموما استراحت إلى صحفها الحزبية ومكلماتها، والبعض استسهل قبول الرشى والفتات على موائد النظام البائد. رفعت السعيد ليس النموذج الوحيد أو الاستثنائى. راجعوا كتّاب الصحف الموصوفة بالقومية واستعرضوا المتحولين من الماركسيين والاشتراكيين فى عهد المخلوع. لا أريد الخوض فى قوائم غير قصيرة ممن تخلوا عن الاشتراكية واليسار والفكر القومى واستكانوا إلى الراحة والصمت تحت سنابك البائدين وذهب ونثريات المخلوع وعصابته. وكى أكون منصفًا لا بد أن أشير إلى أن نفرًا قليلا جدًا ممن كانوا ضمن الإسلاميين ضعفوا أمام غواية صحافة السلطة أيضا. إن تجربة الاستعانة بالمخالفين أيديولوجيًا فى الحكم والإدارة لم ولن تسفر إلا عن تمزيق وتعطيل عمل الوزارات والمحافظات والإدارات. علم الإدارة يتحدث عن شرط "الهارمونى" بين العاملين فى المؤسسة الواحدة. وقديما قال أجدادنا: "ريسين فى المركب تغرق". الفريق المبتلى بالمسئولية يتعبد لله بآيات الشورى والتشاور. حكومة الظل لو أحسنتم تشكيلها ستجعل الشعب حكمًا بين بضاعتكم وقرارات وسياسات المتنفذين، يومًا بيوم حتى يأتى يوم الفصل أى الانتخابات. أقطع بأنكم موقنون ولو فى قرارة أنفسكم بأن تزوير الانتخابات فى بلادنا أصبح تاريخًا وعارًا لن يجرؤ مسئول أو مواطن على التفكير فى إعادته.