قررت أن أعتذر عن عدم كتابة مقالى هذا الأسبوع؛ لأننى أشعر بغضب شديد، لكننى تراجعت عن هذا القرار لأننى سألت نفسى: هل الغضب الذى يغلى فى صدرك يقل عن غضب كل المصريين الوطنيين الشرفاء الذين ثاروا ضد الاستبداد، وحققوا إنجازا حضاريا عظيما يحاول لصوص النظام السابق أن يدمروه، فإن كنت تشعر ككل المصريين، وتشاركهم حزنهم وألمهم فاصبر، وعبر عن حقهم فى معاقبة المجرمين الذين استباحوا دماء المصريين، وتفاخروا بأنهم تمكنوا من إصابة الكثير منهم لأنهم إخوان! إنها جريمة تشكل عارا، وتلك أسوأ الجرائم، ومن ارتكبها فقد الإنسانية والشرف والأخلاق، والشر يزيد وجوه المجرمين قبحا وهم يحاصرون المساجد ويلقون المولوتوف ويحرقون مصريا ويقومون بسحل آخرين!! لكن عار تلك الجريمة وإثمها لا يلحق فقط من ارتكبها، بل يطال كل من حرض وبرر ومول وغسل عقول المجرمين وملأها بكل ذلك الشر. تلك الجريمة لايعاقب عليها فقط من ارتكبها، وهو بالتأكيد يستحق عقوبة الشروع فى القتل والاعتداء والتخريب كما قررها القانون، ويجب أن تقوم أجهزة الأمن بالقبض على هؤلاء المجرمين وتقديمهم إلى المحاكمة. لكن هناك الكثير من الأطراف التى شاركت فى صنع هذه الجريمة، ولذلك لا بد أن تقوم النيابة بتقديم كل من حرص على ارتكاب العنف باعتباره شريكا فى سفك الدماء، وكل المصابين لهم حق فى رقبة من شاركوا فى ارتكاب الجريمة. وكل الفاسدين فى نظام مبارك يجب أن يوجه إليهم الاتهام، فهم الذين ضخوا قليلاً من الأموال التى نهبوها لشراء البلطجية وتسليحهم وشحنهم إلى المقطم ليقوموا بحرق مقر الإخوان المسلمين والاعتداء عليهم وسفك دمائهم !! هذا يعنى أن الفاسدين نهبوا أموال المصريين وأفقروهم، والآن يستخدمون هذه الأموال لتدمير مصر. وهناك الكثير من أشكال الفساد وأنواعه، وقد شكل نظام مبارك بطانة من الفاسدين، منحهم أراضى مصر وثرواتها وكنوزها المعدنية، والتى حققوا من ورائها ثروات خيالية، وحتى لا يأتى اليوم الذى يتعرضون فيه للحساب وتفتح ملفات فسادهم، فإنهم يستخدمون القليل من تلك الثروات المنهوبة ليشكلوا ميليشيات مسلحة تحرق وتدمر وتسفك دماء الإخوان. وبمناسبة الميليشيات فإن وسائل الاعلام التى أنشأها اللصوص بأموال مصر المنهوبة ملأت الدنيا ضجيجا، وروجت الكثير من الأكاذيب عن ميليشيات الإخوان، ولكن ها هى ميليشيات البلطجية التى أنشأها لصوص نظام مبارك تملأ شوارع مصر رعبا وخوفا وإرهابا وعنفا وتسفك دماء الإخوان، وتحرقهم وتسحلهم وتحاصرهم داخل المساجد والبيوت، فلماذا لم يتحدث أحد عن تلك الميليشيات أو يتساءل عمن شكلها ولماذا؟! ومن الذى أعطى تلك الأسلحة المتنوعة للشبيحة، وكيف حصلوا على المولوتوف، ثم إنه من المؤكد أن هدف هذه الميليشيات التى تم شحنها للاعتداء على مقر الإخوان هو إشعال الحرب الأهلية فى مصر، وجر الإخوان إلى معركة تسيل فيها دماؤهم ويثور غضبهم فتحدث مذبحة. لذلك فإننا لا بد أن نعمل لحماية مصر من ذلك المخطط، وأن يتنادى كل الشرفاء الوطنيين المصريين للاتفاق على منع العنف وإدانة كل من يلجأ إليه أو يرفع سلاحا فى وجه مصرى، أو يحاول أن يدمر ممتلكات عامة أو خاصة. لكن قبل ذلك لا بد من كشف كل ملفات الفساد، ومحاسبة كل الفاسدين على الأموال التى نهبوها وعلى الضرائب التى تهربوا من دفعها، وعن أية أموال استخدموها لتمويل مخطط إشعال الحرب الأهلية والإنفاق على البلطجية. كل من تربح من وظيفته، أو نهب شيئا من أموال شعب مصر بغير حق يجب محاسبته، وهذا هو الرد المناسب على الجريمة التى خطط لها الفاسدون، وهذا وحده هو الذى يمكن أن يخفف من غضب شعب مصر. نريد هذا الأسبوع أن يتم فتح كل ملفات الفساد، وتقديم الفاسدين إلى القضاء والتحفظ على أموالهم ومنعهم من التصرف فيها؛ حتى لايستمروا فى الإنفاق منها على تدبير المذابح وسفك الدماء، وحتى لا ينجحوا فى جرنا إلى حرب أهلية. يجب أن تقوم الأجهزة الأمنية بدورها فى الكشف عن الحقائق، فهناك مؤامرة تديرها دول خارجية من أهمها أمريكا وإسرائيل وبعض التوابع من طواغيت العرب، ويشارك فيها مجرمون مثل دحلان وسمير جعجع، بالاشتراك مع رموز سياسية مصرية أصبحت ترفض الديمقراطية وتريد أن تصل الى الحكم باستخدام العنف والبلطجية، والأحزاب العلمانية (الليبرالية واليسارية). توفر المبررات والغطاء السياسى، بينما تقوم وسائل إعلام اللصوص بترويج الأكاذيب وتزييف الوعى والتضليل والتجهيل وتزيين الباطل والدفاع عن المجرمين وإخفاء الحقائق. إن كل أجهزة الدولة الآن لا بد أن يتم تطهيرها من الفاسدين، وأن يتم فتح كل ملفات الفساد وفضح المؤامرة وكل من شاركوا فيها، وكشف كل الحقائق لشعب مصر. هذا هو الرد الوحيد الذى يقبله الشعب الذى سالت دماء أبنائه. والتحية واجبة لكل الإخوان على صبرهم الذى أفشل مخطط المعتدين الأشرار، لكن فى الوقت نفسه لا بد أن نقدر أن الغضب يغلى فى نفوس الإخوان الذين رأوا أخا لهم يحرقه البلطجية.. عندما أتذكر هذا المشهد أشعر أن الدم ينزف من قلبى، وأن الحياة لا تساوى شيئاً.. اللهم احفظ مصر.