تعيش جيبوتى حاليا نفس إرهاصات بداية رياح الربيع العربى التى هبت على العديد من البلدان العربية أواخر 2010 وبداية 2011، وانتهت فى معظمها بالإطاحة بالأنظمة الديكتاتورية التى ظلت لعقود طويلة جاثمة على صدور الشعب، فقد كانت الانتخابات المزورة فى تلك الدول هى "القشة التى قسمت ظهر البعير"، وهو ما يحدث حاليا فى جيبوتى ذات الأهمية الإستراتيجية الواقعة على الساحل الشمالى الشرقى لإفريقيا. وعقب رفض "ائتلاف المعارضة" الذى يضم أبرز الأحزاب السياسية المعارضة فى جيبوتى للنتائج الانتخابات التى جرت 22 فبراير الماضى، التى حصد فيها الحزب الحاكم أغلبية فى البرلمان، خرج الآلاف من المواطنين إلى الشوارع، مطالبين بتغيير الحكومة، ووقعت صدامات بين الشرطة والمتظاهرين ما زالت مستمرة فى شوارع العاصمة. وقال ضاهر أحمد فرح، المتحدث باسم اتحاد الخلاص الوطنى، التحالف الذى ترشحت المعارضة للانتخابات باسمه: "الناس فى حال استنفار لقد منعونا من عقد لقاء إعلامى فى وسط العاصمة.. الشرطة والدرك ضربوا أنصارنا بالهراوات والغاز المسيل للدموع لتفريقهم؛ مما أوقع صدامات مع الشرطة خصوصًا فى الأحياء الشعبية" من العاصمة الجيبوتية، وتعيش أحزاب المعارضة حالة من الغضب نتيجة الخروقات الفاضحة لنزاهة الانتخابات التشريعية. ويؤكد المراقبون أن هناك بوادر قلق كبير من تداعيات الاضطراب السياسى فى جيبوتى على أوضاع الاقتصاد والتنمية فى هذا البلد الذى يعد واحدا من أفقر بلدان العالم، خاصة أن تكتل أحزاب المعارضة تدعو باستمرار لتظاهرات شعبية حاشدة للتعبير عن الغضب من نتائج تلك الانتخابات؛ وهو ما جعل المراقبون يراهنون على تجدد إرهاصات الربيع العربى فى جيبوتى التى بدأت مع موجة الربيع العربى فى 2011 ضد سياسات الرئيس الجيبوتى إسماعيل عمر الذى ألغى مادة فى الدستور كانت تمنعه من الترشح لولاية ثالثة. وقال عبد الرحمن بوريه، أحد زعماء المعارضة -الصديق السابق للنظام فى المنفى-: إن الرئيس لن يفلت بفعلته، فقد اخترق الدستور، وهذا أمر غير مقبول اليوم فى ظل مع ما يجرى فى الدول العربية، وحان الوقت كى لا يبقى هناك أى فقير. وينذر الخلاف حول النتائج باحتمال زعزعة الاستقرار فى جيبوتى التى تستضيف القاعدة العسكرية الأمريكية الوحيدة فى إفريقيا وحليف الغرب فى حملته ضد الإسلاميين، والانتخابات التى جرت هى أول انتخابات برلمانية تنافسية منذ 2003 عندما حصد الحزب الحاكم جميع مقاعد البرلمان فى انتخابات شابتها مزاعم تزوير. وكان الائتلاف الحاكم الموالى للرئيس الجيبوتى إسماعيل عمر جيلة، قد حصل على 49.39% من الأصوات فى العاصمة الجيبوتية فيما حصل مرشحو اتحاد الإنقاذ الوطنى المعارض على 47.61% من أصوات الناخبين؛ وهو ما يعنى سيطرة الائتلاف الداعم للرئيس الجيبوتى على 50 مقعدا من إجمالى مقاعد البرلمان الوطنى للبلاد المؤلف من 65 مقعدا. وفى المقابل، وصف رئيس كتلة الاتحاد من أجل الأغلبية الرئاسية عبد القادر كامل محمد، فى كلمة عبر التليفزيون الجيبوتى، عملية التصويت بأنها كانت ديمقراطية، مؤكدا أن الناخبين فى جيبوتى عبروا عن رغبتهم فى مواصلة مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المرسومة من قبل رئيس الجمهورية الذى يرأس أيضا أحد الأحزاب الخمسة للتحالف الرئاسى وهو حزب التجمع الشعبى للتقدم الذى أنشئ يوم 4 مارس 1979، ويرى الاتحاد من أجل الأغلبية الرئاسية الذى سيستمر فى تولى السلطة التشريعية لخمس سنوات أخرى طبقا لنتائج الاستحقاق النيابى؛ أن تصريحات المعارضة ورفضها نتائج الانتخابات مجرد مزاعم تفتقر إلى المصداقية.