فقدان السمع يفقد الإنسان الصلة بالعالم الخارجى، بلغته وأصواته وأساليبه فى التواصل الاجتماعى، وإعادة حاسة السمع إلى فاقدها تعنى إعادة القدرة إليه على الحياة مندمجا فى المجتمع من حوله مرة أخرى.. هذا الحلم تسعى حملة "حكاية صوت" إلى تحقيقه لتأخذ بيد مرضى ضعف السمع الشديد. البداية كانت من مجموعة من المتطوعين انتبهوا إلى زيادة نسبة المرض فى مصر خاصة فى القرى، فبدءوا فى البحث حول المرض وطبيعته وسبل علاجه ومكافحته، حيث يعد فقدان السمع المرض الثالث على قائمة الأمراض المزمنة من حيث الانتشار بعد التهاب المفاصل وارتفاع ضغط الدم، وترجع أسبابه فى 60? منها إلى العوامل الوراثية الناتجة عن زواج الأقارب إلى جانب ضعف الرعاية الصحية وانتشار بعض الأمراض المعدية. وتقدر نسبة ضعف السمع فى الأطفال 4.6% عالميا، بينما لا يوجد فى مصر إحصاء دقيق نظرا لتأخر اكتشاف المرض، ولكن يفترض أن تكون النسبة أعلى وذلك لارتفاع نسبة أسباب المرض، وأثبت الإحصاء الذى أعدته القافلة الطبية التابعة لجامعة عين شمس فى بعض القرى المصرية، أن النسبة تقترب من 7% فى بعض المناطق النائية. وفى الحالات المبكرة للمرض يمكن علاجه عن طريق عملية زرع جهاز إلكترونى داخل الأذن يسمى "قوقعة"، وهى جهاز على درجة عالية من التقنية الطبية صمم لتجاوز الجزء التالف المختص بالسمع فى القوقعة الطبيعية داخل الأذن والتى ترسل إشارات كهربائية مباشرة لعصب السمع ومن ثم إلى الدماغ، وتتكون القوقعة من جزء داخلى يتم زراعته فى أثناء العملية وجزء خارجى يتم تركيبه بعد 4 أسابيع ليبدأ الطفل بعدها فى سماع صوت العالم من حوله. وتعد القوقعة الإلكترونية الحل الوحيد للمرضى المصابين بضعف سمعى حسى شديد والذين لم يستفيدوا من السماعات العادية، ويتجاوز ثمنها أقصى قيمة يغطيها التأمين الصحى، بينما يفقد المريض آخر أمل فى العلاج إذا تأخر اكتشاف المرض. كانت الخطوة الأولى من فريق "حكاية صوت" هى جمع تبرعات لإنقاذ حالات الأطفال المبكرة قبل أن تنتهى فرصة علاجهم، وبالفعل نجح الفريق فى علاج 13 حالة زرع قوقعة خلال عام 2012. ومع كثرة الحالات مقابل ارتفاع سعر القوقعة الإلكترونية، اتجه الفريق لتدشين حملة بنفس الاسم تحت رعاية إحدى المؤسسات الخيرية الكبرى، لتزداد أعداد حالات النجاح، ويشارك فى الحملة مجموعة من الأطباء تقوم بالكشف على 8 حالات أسبوعيا، ويتم تقييم الحالة بداية من التشخيص ومعرفة نوع وشدة السمع، بالإضافة إلى بحث اجتماعى للحالة، لتحديد الخطورة وأولويتها فى العلاج. ومن الحالات التى نجحت الحملة فى إنقاذ سمعها فاطمة عبد الفتاح، طفلة عمرها لا يتجاوز العامين، تم اكتشاف مرضها مبكرًا على أيدى أطباء الحملة، ولم تتمكن أسرتها البسيطة من تحمل تكلفة العملية، كما نجحت الحملة فى إنقاذ تقى الله الرفاعى "6 سنوات" وترجع إصابتها إلى زواج الأقارب بعد أن فقدت أختها الكبرى السمع تماما؛ حيث لم تتمكن من إجراء العملية منذ الصغر.