صاحب تولى الرئيس محمد مرسى تصاعدا تدريجيا فى مؤشر لجوء المعارضة السياسية إلى تبنى لغة خطاب تتسم بالصلف واحتكار الحقيقة والإملاءات السياسية وفرض الشروط ورفض الحوار، وليت ذلك يستند إلى قاعدة شعبية ترتكن إليها، بل إلى توفيرها غطاء سياسيا لإشاعة حالة من الفوضى فى البلاد، من خلال تبرير مظاهر البلطجة التى لا تهدأ إلا ريثما تعود أكثر حدة وإجراما، لتستخدم ذلك وسيلة لإرباك الرئيس وإفشاله وإظهاره أمام مواطنيه وأمام العالم بأنه عاجز عن الوصول بالبلاد إلى أجواء الاستقرار والأمن. وانعكس هذا الغطاء السياسى فى انتشار وتتابع موجات من أعمال العنف والتخريب وحرق الأقسام ومقار الإخوان وحزب الحرية والعدالة وقطع الطرق والكبارى والأنفاق وتعطيل السكك الحديدية ومترو الأنفاق واقتحام وزارات ومؤسسات الدولة وإطلاق زجاجات المولوتوف على مقر مجلس الشورى ووزارة الداخلية بعد إزالة الحواجز، والهجوم على الفنادق، ما أدى لإغلاق اثنين من أكبر فنادق القاهرة لأول مرة (سميراميس وشبرد)، ليبلغ الإجرام ذروته بوصول الاقتحام والحرق والتخريب إلى مقر رئيس الجمهورية، وتسلق أسواره وبواباته وإلقاء العبوات الحارقة عليه، بل محاولة اقتحام قصر الاتحادية من خلال ونش، وبعد القبض على سائقه تنظم جبهة "الخراب" مظاهرات مطالبة بالإفراج عنه! ولأن من أمن العقاب أساء الأدب، فقد أغرى التراخى والطبطبة فى مواجهة هذا الخروج عن القانون فى العاصمة لانتقال عدوى مظاهر الفوضى بشكل سرطانى إلى المحافظات واقتحام مقارها، وظهور ما يسمى بجماعة "بلاك بلوك" وممارساتها العنيفة السوداء لإغراق البلاد فى دوامة من العنف، تحت ستار كثيف من القصف الإعلامى لمنتقديها من قنوات الفلول، وتبرير وإسناد سياسى لأفعالها من جبهة الخراب، التى استعاضت عن ضعف منطقها وحضورها الشعبى بنشر الفوضى التى فى ظلها يسود السفيه وترتفع أسهمه الإعلامية على طريقة "حمادة" الذى ندين سحله، وندين أكثر انتهازيته وافتقاده للرجولة والمبادئ وافتضاح أمر انضمامه لمؤيدى المخلوع أثناء محاكمته، وارتزاقه من مظاهرات التخريب. لقد رفعوا برقع الحياء ورفعوا معه شعار "إذا لم تستح فاصنع ما شئت"، ولشعورهم بالأمان من العقاب فقد ودعوا "الحياء السياسى"، وعاثوا فى الأرض فسادا، ونشروا الانفلات الأمنى، وقطعوا شعرة معاوية مع الدولة، ليجاهروا بجريمة إسقاط أول رئيس منتخب انتخابا حقيقيا، ليس عبر صناديق الاقتراع التى فشلوا فيها، ولكن عبر الانفراد والتسيد الزائف للشارع من خلال مظاهرات تخريبية، جرى من خلالها الابتذال الإعلامى لمصطلحات ومفاهيم راقية فأصبح الداعى للفوضى ناشطا سياسيا وحقوقيا، والبلطجية وأولاد الشوارع والباعة الجائلون متظاهرين وثوارا وشهداء، وأصبحت المواجهة الأمنية (المتراخية أصلا) للإجرام قمعا وديكتاتورية! إن الحلم (بكسر الحاء) واللين والرفق المبالغ فيه من أجهزة الدولة الأمنية والقانونية، والضعف والتخاذل فى مواجهة هذه الحالة من السيولة الأمنية وغياب القانون، وعدم ردع المظاهرات التى تتحول إلى التخريب والحرق، والترويج للمقولة الشائعة بأن البلد "سايبة"، كل هذا يغرى هؤلاء بمزيد من العنف، ويغرى غيرهم باللحاق بهم من خلال تجنيد بلطجية هواة من قبل رجال الأعمال والمال الحرام من فلول نظام المخلوع بسطوتهم المالية والإعلامية، فالحلم والرفق قد يجدى مع أصحاب الضمائر الحية، ولكن أصحاب الضمائر الميتة يخيل إليهم أن الحلم ضعف، وأن الرفق قلة حيلة، فيستمرون فى غيهم! وفى ظل هذه الأجواء التى تنذر بالخطر على البلاد والنظام، يجب على رئيس الجمهورية استعادة هيبة الدولة ومؤسسة الرئاسة وكافة أجهزتها، من خلال إظهار عصا القانون لمن عصاه، وفرض كلمته بكل حسم ضد المخربين للمنشآت العامة والخاصة، والمعوقين لحركة الشارع، والمعطلين للإنتاج، وضد المحرضين ومن يوفرون غطاء سياسيا وإعلاميا لهؤلاء، وعسى أن يكون اجتماع سيادته بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة، والمجلس الأعلى للشرطة، فى سياق تحقيق الأمن والاستقرار فى البلاد، واستعادة قيم الثواب والعقاب، وتشديد الإجراءات والعقوبات ضد مثيرى الشغب، ومروجى الفتن من الإعلاميين والسياسيين الانتهازيين. إن للدولة ذراعين تفرض بهما هيبتها، ذراع الأمن، وذراع القانون.. وأرى أن هناك تراخيا وضعفا فادحا يصل لحد الاستكانة فى قيام الأمن والنيابة العامة بدورهما.. فوزير الداخلية وقواته والنائب العام وأعضاء نيابته يستخدمون قفازات من حرير فى منازلة قبضات إجرامية قاسية من حديد!