هناك أنبياء حقيقيون أرسلهم الله لهداية العالم، وهناك أدعياء دجالون حاولوا تقليد الأنبياء أملا فى الوجاهة والشعبية والجماهيرية الزائفة فادّعوا النبوة، وهناك ثورة حقيقية وثوار حقيقيون كانوا أداة سنة الله فى التغيير، وهناك ثورة مستنسخة وثوار تقليد كذابون ودجالون يحاولون تقليد واستنساخ الثورة فيرفعون شعاراتها ذاتها مثل الشعب يريد إسقاط النظام وارحل يعنى امشى يالى مبتفهمش .... إلخ، الشعارات التى أبدعتها الثورة الحقيقية ويسيرون بذات حركاتها ظنا منهم أنهم بهذه الشعارات وتلك الحركات يبدعون ثورة جديدة أو ثورة ثانية أو ثالثة على حد تعبير زعيمهم. عندما ادَّعى "مسيلمة الكذاب" النبوة قال له أتباعه: إن محمدا يقرأ قرآنًا يأتيه من السماء فاقرأ علينا شيئا مما يأتيك"، فقال لهم: "يا ضفدع يا ضفدعين.. نُقِّى ما تَنُقِّين.. نصفُكِ فى الماء ونصفك فى الطين"، وقال "والطاحنات طحنا، والعاجنات عجنا، والخابزات خبزا، والثاردات ثردا، واللاقمات لقما" طبعا يحاكى سورة الذاريات. وقال أيضا: "والشاة وألبانها، وأعجبها السود وألبانها، والشاة السوداء، واللبن الأبيض، إنه لعجب محض، وقد حرم المدق فما لكم لا تمعجون" يحاكى سورة الليل. ستظل المسافة والفرق بين الثورة الحقيقية والثورة المستنسخة مثل المسافة بين القرآن الذى نزل على محمد صلى الله عليه وسلم من السماء وبين هرطقات مسيلمة الكذاب. وهناك فرق آخر بين الثورة الحقيقية والثورة المستنسخة وبين الثوار الحقيقيين والثوار التقليد؛ وهو أن الأول يحركه الحب والحرص على المصلحة العامة، والثانى تحركه الأحقاد والطمع، فالذى جمع الثوار فى الثورة الحقيقية هو مشاعر الحب والتضحية والتجرد وإعلاء المصلحة العامة، والذى جمع الثوار التقليد فى الثورة المستنسخة هو الأحقاد والطمع فى الوجاهة والجماهيرية الزائفة. رغم أن ما قاله مسيلمة الكذاب لا يمكن اعتباره إلا من قبيل الفكاهة والمزاح الثقيل والتهريج، إلا أن الذى يثير الدهشة أن هناك خلقا كثيرا قد ساروا وراء هذا التهريج، ورددوا هذه المزاح على سبيل الجد، وتجاهلوا عقولهم وآمنوا بمسيلمة الكذاب وقاتلوا معه، فما الذى دعا هؤلاء إلى أتباعه والبعض مات وهو يقاتل فى صفه؟! عندما جرى حوار بين مسيلمة وأحد أتباعه.. سأله ماذا ترى عندما يوحى إليك؟ فقال مسيلمة "أرى رجسا"، فقال أفى نور أم فى ظلمة؟ فقال بل فى ظلمة، فقال الرجل "والله إن ذلك لشيطان، ولكن كذاب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر، وكذاب ربيعة هو مسيلمة الكذاب وصادق مضر هو محمد صلى الله عليه وسلم. فهل عرفت ما السبب؟ إنه كرههم وحقدهم على النبى محمد صلى الله عليه وسلم، إذا هو يُقر بكذب مسيلمة ويعلمه جيدا.. ويُقر بصدق محمد صلى الله عليه وسلم وذات الحال يتكرر.. لا نشك لحظة فى أن الذين يقودون الثورة المستنسخة لا يعلمون وجه الحق، وأن كثيرا من جماهيرهم تعلم ذلك، ولكن هى العصبية الشيطانية تُعمى الأبصار، والأطماع المجنونة فى السلطة تلغى العقول، والبغضاء التى بدت من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر.