من أجل مصر وحاضرها ومستقبلها يتحمل الإخوان أفرادا وقيادات كمًّا من الاتهامات والانتقادات الضالة والمضلة لا يمكن أن يتحمله بشر، فى عصر انقلبت فيه الحقائق رأسا على عقب، وتحول فيه الضحية إلى جانٍ، والجانى إلى ضحية، فمن يرى مصر الآن يحزن بل يعتصر قلبه ألمًا، لكم الافتراءات والادعاءات إلى تروج دون وجه حق، والتى تتهم فيها قوى وأحزاب إسلامية بارتكاب أفعال ما أنزل الله بها من سلطان، لا لشىء سوى لتحقيق أجندات مشبوهة، بعضها داخلى يتعلق ببعض رجال أعمال النظام السابق، الذين تحولوا إلى حيتان تحاول نهش كل ثروات ومقدرات الشعب المصرى، وتصديرها إلى أوروبا تارة وإلى أمريكا تارة أخرى، والبعض الآخر يتعلق بأجندات خارجية تديرها إسرائيل، التى أصيبت بصدمة كبيرة جراء سقوط كنزها الإستراتيجى، وتحول السلطة فى مصر إلى التيار الاسلامى، الذى يحمل مشروعا تنمويا ونهضويا، يستهدف النهوض بهذا الوطن العزيز، وبعث الروح فيه، وإعادة أمجاده القديمة من جديد. إن إمعان النظر وتدقيق الفكر فى مواقف جماعة الإخوان المسلمين بداية من قرارها التاريخى بالمشاركة فى الانتخابات الرئاسية، بالرغم من علمها بعظم المسئولية، ليتأكد أنها ضحت وتضحى وستضحى بالكثير ليس من أجل مصالحها الخاصة، كما يدعى البعض، ولا من أجل الاستمرار فى السلطة، ولا من أجل تحقيق أجندات خاصة، وإنما من أجل الشعب المصرى، ومساعدته فى إقامة حياة ديمقراطية سليمة، يستفيد منها الوطن، فإقامة نظام ديمقراطى سليم، يصب فى مصلحة الجميع، وليس فقط الإخوان، فقد استرد د. مرسى وجماعة الإخوان والشرفاء من أبناء هذا الوطن "مصر" من إسرائيل وكنوزها الإستراتيجية داخل الدولة، وأعادوها لأبنائها ليعيدوا بناءها من جديد، ولو وصل أى شخص آخر بعيد عن التيار الإسلامى للسلطة فى هذا الوقت العصيب، لضاعت مصر وضاعت الثورة، وعدنا إلى ما قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير مرة أخرى. فكلنا يعلم أن ما واجهه الرئيس "محمد مرسى" كان سيواجهه أى رئيس آخر منتخب، سواء كان حمدين صباحى، أو عمرو موسى أو أحمد شفيق، لأن لغة المصالح الاقتصادية والسياسية الداخلية والخارجية، لها حساباتها الخاصة، التى تقوم على الإذعان والفرض، ولا تصلح معها الوعود البراقة، فإما يستجيب الرئيس الجديد لأجندة هؤلاء، والتى لا تصب مطلقا مع المصالح العليا للوطن، وتضر ضررا بالغا بحقوق الفقراء ومحدودى الدخل، وتستهدف نهب ثروات الدولة، وتوجيه سياساتها الخارجية فى اتجاه يضر بمكانتها الإقليمية والدولية، وإما تلقى فى طريقه العواقب والعراقيل، التى من شأنها أن تعجل بسقوطه، ومن ثم فإن أى رئيس خلاف د. مرسى سيكون أمامه خياران، إما أن يستجيب لتلك الضغوط خوفا من ضياع الكرسى، وإما أن يدخل الوطن فى حالة من الفوضى لا يمكنه الخروج منها، ومن ثم تضيع الثورة والوطن على حد سواء. ولو أن الدكتور مرسى يريد ذلك لفعله من أول يوم، وقدم لأعداء الوطن فى الداخل والخارج ما يريدونه، من أجل الحفاظ على الكرسى كما يزعمون، ولكنه يرفض ذلك، ويسعى لإعادة بناء الوطن على أسس سليمة، تستفيد منها الأجيال المقبلة، ولكنه يواجه بأشد أنواع التحديات، والأزمات التى تروج لها الكثير من وسائل الاعلام الخاصة بشكل يستفز الرأى العام، ويجعله يحمل الرئيس وحده مسئولية ما يحدث، بدلا من تقديم الدعم المادى والمعنوى له، خاصة فى هذا الظرف العصيب الذى يمر به الوطن. ويعتمد الرئيس فى ذلك على دعم جماعة الإخوان المسلمين والشرفاء من أبناء هذا الوطن الذين تصدوا لمخططات إسقاطه، ليس من أجله، ولكن من أجل الوطن، وهذا ما يجب أن يعلمه الجميع، فدعم الرئيس من القوى الوطنية، ليس حبا فيه، بقدر ما هو حبا فى الوطن، ورغبة صادقة فى تفويت الفرصة على المتربصين بأمنه واستقراره، ممن يسعون لسرقة ثورته، وإعادة الكنز الإستراتيجى لإسرائيل مرة ثانية، ولكن فى شكل جديد وثوب جديد. لذلك نؤكد أن حماية الثورة الآن بل حماية الوطن كذلك مسئولية الشعب بأكمله وليس مسئولية فصيل أو حزب بمفرده، بعد أن وصل حجم التحديات والضغوط الملقاة على رجال الشرطة لمستوى لا يمكن تحمله، ويمكن فى حال زاد أن يتحول إلى كارثة، لا يمكن أن يتحمل نتائجها الشعب المصرى. لقد أصبح من الواضح تماما أن جبهات الخراب التى تزعم أنها "حامية للثورة" لا تلقى بالا لما يتطلبه الشعب المصرى من أمن وأمان، وهى على استعداد لنشر الفوضى والعنف فى البلاد، مهما كانت النتائج، فى سبيل تحقيق مطالبها الخاصة بإسقاط النظام، وهى فى ذلك ترفض النزول للشارع والالتحام بالجماهير وتقديم بديل مقبول، يسمح للجماهير باختيارها فى أى انتخابات مقبلة عن طريق صناديق الاقتراع، باعتبار أن ذلك هو الطريق الشرعى، الذى يمكن من خلاله حماية الوطن، والحفاظ على أمنه واستقراره.