* د.عزة كريم: تخالف الأعراف والسلوكيات والأخلاقيات العامة للمجتمع.. ومطلوب مزيد من الرقابة * مسئول بإدارة مرور القاهرة: قانون المرور الحالى لا يجرمها.. وجارٍ تعديله إذا كنت من ركاب المواصلات العامة باختلاف أنواعها، من الميكروباصات إلى "التوك توك"؛ فبالتأكيد ساءك المشهد الذى انتشر فى الآونة الأخيرة بين سائقيها، من استخدام الشاشات التليفزيونية الصغيرة لعرض وسماع الفيديو كليب والأفلام الهابطة، وهو ما يمثل خطرا على الأسرة المصرية. فالأمر لا يقتصر فقط على أن السائق يضع الشاشة فى مواجهته مما يشتت انتباهه عن القيادة ويعرض الركاب للخطر؛ ولكن إذا كنت قد امتنعت عن متابعة قنوات الأغانى واجتنبت دخول دور السينما فسائقو المواصلات يجبرونك على المشاهدة، مقدمين لك تلك المشاهد الساقطة التى تعج بها هذه الكليبات والأفلام، والتى هى غير مألوفة للشعب المصرى، والتى يرفضها الجميع ويطالبون بمحاربتها، هذه الأفعال التى تؤثر بشكل كبير فى مقومات المجتمع وتنخر فيه، وتنشر بين أبنائه عادات وتقاليد غربية تنافى عاداته وتقاليده كمجتمع شرقى. إيذاء نفسى وسمعى "الحرية والعدالة" رصدت العديد من هذه الحالات داخل وسائل النقل فى أكثر من مكان بالقاهرة الكبرى، حيث تقوم الشاشات بعرض كليبات وأفلام تحتوى على مشاهد إباحية ومثيرة للغرائز، مما يثير استياء العديد من الركاب واعتراض أغلبهم ومطالبتهم السائقين بإغلاق هذه الشاشات بعد مشادات كلامية. ولم تقتصر الظاهرة على وضع شاشات صغيرة أعلى التابلوه الأمامى للسائق، بل امتدت لاختراع شماسة للسيارات فيها شاشة عرض ومكان "يو إس بى" لتشغيل الأغانى والفيديو كليب والأفلام. يقول شريف خليفة – 33 سنة –: "بعد أن ركبت السيارة مع زوجتى وأطفالى من موقف الجيزة باتجاه السيدة عائشة وانتهى السائق من تحميل السيارة، وبعد أن بدأ التحرك بالسيارة قام بتشغيل شاشة صغيرة موجودة أعلى "التابلوه" الأمامى للسيارة، وبدأت تعرض (كليب شعبى) فيه مناظر سيئة تتنافى مع الأخلاق والقيم، فطالبته بأن يغلق هذه الشاشة، فرفض فى بادئ الأمر متعللا بأنه يسمع الأغانى أثناء عمله كسائق ولا يحق لأحد أن يمنعه من ذلك، وبعد مشادة كلامية انتهى لإغلاق الشاشة والأغانى، بعد أن تدخل عدد من الركاب المحترمين وصاحوا فى وجهه معلنين تضامنهم معى ورافضين مثل هذه الأفعال". ويشير خليفة إلى أن هذه ليست المرة الأولى، وأنه دخل فى أكثر من مشادة كلامية مع عدد من سائقى الميكروباص لنفس السبب، انتهت كلها إلى إغلاق الشاشات، وأحيانا كان السائق يتفهم ويغلقه مباشرة دون الدخول فى مشادة كلامية، مؤكدا أن الأغانى التى يستخدمها هؤلاء السائقون تحتوى على مشاهد سيئة وإباحية. وتروى أمينة حسن – 28 سنة – أنها تستخدم التوك توك كثيرا للتنقل داخل أوسيم؛ نظرا لبعد المسافات بين الأماكن المختلفة، وكثير منها تستخدم شاشات لعرض الفيديو كليب وأغلبها مرفوضة اجتماعيا وأخلاقيا، مما يضطرها فى كل مرة تركب فيه التوك توك إلى طلب إغلاق الفيديو، مشيرة إلى أنه فى بعض الأحيان تأتى الاستجابة سريعة من بعض السائقين. أما حمدى حسن – 40 سنة – ففوجئ أثناء ركوبه بأحد الأتوبيسات من أوسيم إلى الكيت كات بشاشة موجودة أمام السائق تعرض مشاهد سيئة مصحوبة بصوت أغانى فيها ضجيج عال، مما أثار حفيظته، وطالب السائق على الفور بإنهاء هذه المهزلة التى بدأت تجد طريقها فى الانتشار بين السائقين. ويطالب حمدى بأن تكون هناك وسيلة للتصدى لهذه الظاهرة، فالحرية التى طالب بها الشباب عندما خرجوا فى ثورة 25 يناير لم تكن أبدًا من أجل نشر المشاهد الجنسية بين أبناء المجتمع المصري، ولكن جاءت لنشر حرية الرأى والفكر والإبداع للنهضة بالوطن. سلطة المجتمع قبل القانون هذا التصدى نفسه تطالب به الدكتورة عزة كريم –أستاذة علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية– حيث ترى منع استخدام التليفزيون كشاشة فى وسائل النقل الخاصة بأى صورة من الصور بنص قانون المرور، لأن التليفزيون يربك ويشتت فكر السائق، مما يجعله عرضة لارتكاب العديد من الحوادث، مشيرة إلى أنه لا توجد هذه الشاشات إلا فى أتوبيسات السفر والقطارات التى تسير لمسافات بعيدة وتوضع خلف السائق. وتشرح قائلة: "إن سائقى هذه الوسائل من التوك توك والميكروباص والأتوبيسات الخاصة هم فى الأساس من مستويات دنيا من السائقين، والكثير منهم ليس لديه رخصة، والتوك توك فى الأساس غير مرخص، وهو ما يستوجب المزيد من الرقابة عليهم". وتنبه إلى أن المجتمع لا يرفض هذه ال(كليبات) فقط، وإنما يرفض أيضا هذه الأغانى بما فيها من ألفاظ بذيئة، والتى تخالف الأعراف والسلوكيات والأخلاقيات العامة للمجتمع المصرى، مطالبة المجتمع بمعالجة أى سلوكيات مخالفة أو فيها إساءة لطبيعة وأخلاق الشعب المصرى بوجه عام، حتى يكون المناخ العام للمجتمع رافضًا لهذه الظواهر. والمشكلة فى المرحلة الحالية كما تراها أستاذة علم الاجتماع تكمن فى أن قانون المرور لا يطبق بدقة؛ نتيجة لعدم وجود الأمن الكافى، أو بسبب وجود بعض مخلفات المرحلة الانتقالية للثورة، ووجود فجوات فى قانون المرور، مطالبة بالبدء وبشدة بالدقة فى تطبيق قانون المرور؛ منعا للحوادث، ومنعا لانتشار هذه السلوكيات المتدنية. التجريم بالقانون من جانبه يقول العقيد أيمن الضبع – من إدارة مرور القاهرة-: "إن مثل هذه الشاشات تؤثر على تركيز السائق أثناء القيادة وتشتت ذهنه، ولكن المشكلة أنه رغم خطورتها الواضحة إلا أن وجودها داخل سيارات الأجرة حتى الآن غير مجرم نصّاً فى قانون المرور الحالى، وبالتالى لا يمكن محاسبة السائق عليها ما دامت سيارته مرخصة وأوراقه سليمة". ووضح الضبع أنه يجرى الآن وضع مشروع مقترح لتعديل القانون وإدخال مادة لتجريمها؛ حيث تم تشكيل لجنة من عدد من داخل إدارة المرور والشرطة المتخصصة والشئون القانونية لبحث القانون وإدخال هذا التعديل ليتم وضعه أمام مجلس الشعب القادم.