* الدستور الجديد خطوة على طريق الديمقراطية والاستقرار * يجب أن نطوى صفحة الماضى ونتجه نحو البناء * التغيير الذى حدث فى مصر فاق توقعات علماء الإدارة! أكد الدكتور طارق السويدان –الداعية الإسلامى، المدرب فى مجالات الإدارة والقيادة – أن مصر تسير حاليا على طريق الاستقرار والتنمية والنهضة الحقيقية، وأن جميع المؤشرات تدلل على عودة مصر لدورها القيادى والريادى فى المنطقة، مشيرا إلى أن قوة مصر هى قوة للعرب والمسلمين. وأعرب السويدان فى حواره مع "الحرية والعدالة" عن سعادته بما يحدث فى مصر حاليا من إقرار الدستور الجديد، والدعوة للانتخابات البرلمانية، مؤكدا أن ذلك يعد الخطوة الأولى على طريق الديمقراطية الحقيقية. وأشار إلى أن زيارته لمصر حاليا تعتبر واجبا دينيا من أجل المشاركة فى صناعة نهضة كنانة الله فى الأرض؛ لأنها رائدة النهضة فى المنطقة والعالم العربى، معتبرا ذلك من أعمال الإصلاح فى الأرض. مزيد من التفاصيل فى الحور التالي.. * كيف ترى زيارتك إلى مصر؟ مصر هى رائدة النهضة فى المنطقة والعالم العربى كله، وإحداث أى تغيير ونهضة فيها سيصب بلا شك فى مصلحة جميع الدول العربية والإسلامية، لذا أردت أن أشارك فى صناعة هذه النهضة، بل أرى أن هذه المشاركة، وهذه الزيارة إنما هى واجب دينى، فهذا هو الإصلاح فى الأرض. * هل كنت تتوقع التغيير الذى حدث فى مصر؟ كنت أتنبأ منذ زمن أن هناك تغييرا سيحدث بالمنطقة العربية، وفى دورة تدريبية لى عن التغيير فى معهد إعداد القادة الذى أترأسه ومنذ أربع سنوات، تنبأت بالتغيير الذى سيطل على العالم من بعض الدول التى لها ثقل وأثر فى المنطقة الإسلامية، وهى مصر وتركيا وماليزيا والسعودية. وقلت إن على رأس هذه الدول هى مصر فهى رأس الحربة، وتعجب البعض حينها مستعرضين الظلم والقهر الذى تعيشه العديد من الشعوب الإسلامية، ولكنى أيقنت وقتها أن إرادة الشعوب تفوق كل الاحتمالات، ولكنى حقيقة لم أكن أتوقع أن يأتى التغيير فى مصر بهذه السرعة. * ما الذى ينقص مصر لتحقيق النهضة المأمولة وتعود لقيادة أمتها العربية والإسلامية؟ النهضة لها 4 عوامل ومقومات رئيسة؛ أولها: أن نحدد الواقع فلا بد أن نحدد التحديات والقدرات.. فهل تدرك مصر أهم التحديات التى تواجهها؟ وما أهم القدرات التى تمتلكها؟، ثانيا: المستقبل، يجب على القادة المصريين أن يسألوا أنفسهم ما الذى يمكن أن تحققه مصر فى غضون 20 عاما؟ وما الذى ممكن أن تحققه فى 50 عاما؟ ثالثا: فهم المقاومة، فما المعوقات التى تقف فى طريق مصر أمام تحقيق مستقبلها الأفضل، ومن ثم نضع الحلول لهذه المعوقات؟ رابعا: كيف ننتقل من هذا الواقع إلى ذلك المستقبل ونتخطى المقاومة والمعوقات؟ وهذه هى الأسئلة التى لن يستطيع أحد الإجابة عنها فى ظل التناحر السياسى الموجود حاليا، فأعتقد أن الذى تحتاجه مصر الآن هو أن تستقر لتبدأ بحل هذه الأسئلة، ومصر مليئة بالعقول الفذة التى تستطيع إحداث الطفرة، وأن يجتمع ويتفق الجميع على إجابة تلك الأسئلة، ولا بد من التخطيط السليم للمستقبل؛ حيث إن التنفيذ دون تخطيط ما هو إلا معادلة فشل، والتخطيط دون منهجية أيضا سيكون مصيره الفشل. * وهل ترى أن مصر تسير على طريق تحقيق النهضة؟ نعم أرى ذلك واضحا جدا، وأنا سعيد بما يحدث بمصر الآن، وأعتقد أن النتائج التى تحققت إلى الآن تفوق السرعة التى كنا نتوقعها، وأن مصر ستحقق سريعا نهضة يشهدها العالم أجمع، فهى بالفعل وضعت قدمها على أول الطريق، وعليها متابعة السير لقيادة العالم كما كانت من قبل. * وما الدلالات والمؤشرات على أن مصر تسير على هذا الطريق؟ أول هذه الدلالات التشاكس والاختلاف الموجود، وقد يتعجب البعض لما أقوله هنا، فتخيل معى مصر بعد الثورة وليس فيها هذا الاختلاف السياسى والكل على رأى واحد، فهذه معادلة ديكتاتورية جديدة، فوجود هذا الاختلاف والتنازع إنما هو تمحيص للرأى، على الرغم من كل ما تحمله هذه التنازعات من إزعاج، ولكنه لا بد أن يصب فى مصلحة اللعبة الديمقراطية. ومن أجل ذلك لابد أن تتضح الفكرة لدى الجميع والاتفاق على المصلحة العليا للوطن، فأظن أن هذا مؤشر نجاح، فاليوم أمريكا وبعد حوالى 350 عاما من ثورتها واستقرارها لكن بها اتجاهان رئيسيان وليس اتجاها واحدا متحكما ومنفردا بمقاليد الأمور، ويتنازع هذان القطبان إلى اليوم، فتارة تجد هذا فى الصدارة وتارة تجد الآخر. أما المؤشر الثانى فهو التخلص من لعب العسكر دورا سياسيا، فقد أخذت تركيا سنوات طوال للتخلص من تدخل العسكر فى السياسة، الأمر الذى أنهته مصر فى شهور معدودة، فهذه أيضا معادلة نجاح. ومن دلالات النجاح أيضا فى التجربة المصرية الحديثة أنه صار هناك دستور جديد بغض النظر عن الاختلافات والسخط من قِبل البعض أو التأييد من قبل البعض الآخر، فالجميع شارك فى التصويت عليه وإخراجه، سواء كان التصويت بالسلب أو الإيجاب، وهذه هى اللعبة الديمقراطية. وأقول: إنه بتلك المؤشرات قد بدأت مصر -ولأول مرة- أن يقودها نظام وليس فردا كما كان فى كل عهودها السابقة، حيث فقد الرئيس العديد من صلاحياته بالدستور الجديد وأصبح العمل مؤسسيا أكثر منه فرديا. * كيف ترى مبادرات لم الشمل المصرى؟ وهل تنوى إطلاق مبادرة فى هذا الشأن؟ أنا لا أهتم كثيرا بهذه المسألة، ولا أعتقد أنها من الأولويات، الوحدة فى حد ذاتها ليست غاية وإنما وسيلة، ومن الجميل أن نجمع أطياف الشعب المصرى ولكن على ماذا سنجمعهم! وبالطبع هى مبادرات رائعة، وأرجو أن يوفَّق مطلقوها. ولكن أصحاب الفكر لا يركزون جل تفكيرهم فى هذا وإنما يركزون على المنهجية وفكرة الوحدة، فلا بد من تصفية النفوس لتحقيق هذه الوحدة، كما حدث فى تركيا، فقد أجمع الشعب التركى على طيب أردوغان بسبب المنهجية فى العمل والنتائج الملموسة التى استشعرها المواطن التركى، لذا أرجو أن تضع هذه المبادرات فى حسبانها أنه على ماذا سيجتمع الفرقاء؟ فلا بد من تجميعهم على خطة يتم تنفيذها وتحقيق نتائج يلمسها المواطن المصرى. * ما الرسالة التى تود أن توجهها إلى جموع الشعب المصرى؟ يجب أن يطوى الجميع بمختلف انتماءاته وأطيافه صفحة الماضى، وألا نرهق أنفسنا فى الماضى ومعالجة أخطائه، فعلينا أن نتحرك نحو الاستقرار والبناء لنقيم دولة جديدة قادرة على الريادة، كما كانت مصر فى سالف عهدها. * وما سبب التغيير الذى حدث فى حياتك الشخصية؟ أحب أن أوضح فى البداية أن التغيير الذى يحدث للإنسان له ثلاثة أسباب؛ منها اثنان رئيسيان، إما بسبب حدث سواء كان سعيدا أم حزينا، فالسعيد مثل أن يحصل الإنسان -على سبيل المثال- على بعثة دراسية أو يتزوج إنسانة صالحة تغير مسار حياته. أما التغيير الحزين "سيئ" مثل مصيبة تصيب الإنسان أو صدمة كفقدان عزيز، فتوقظه هذه الصدمة من الثبات الذى هو فيه والغفلة التى كانت تغشاه، وهذان نوعان من أنواع التغيير، وهو الشائع. أما التغيير الذى حدث لى كان من نوع آخر، وهو الأندر والأعمق والأكثر أثرا، وهو التغيير الذى يأتى نابعا من التأمل والتفكر والتحليل، وهذا النوع من التغيير أدوم؛ لأنه ليس نتيجة حدث أو صدمة.. وأنا عندى هَم كبير بنهضة الأمة وإيقاظها، فهذه الأمة العظيمة لها منهج عظيم ولغة عريقة وتاريخ عظيم، سادت الأرض مشارقها ومغاربها، وقادت البشرية لفترة طويلة من الزمان، ثم تخلفت وما زالت تملك نفس المنهج العظيم واللغة والعقول القادرة، وما زالت لديها الأدوات كافة التى تؤهلها للعودة مرة أخرى لقيادة العالم.