"عشانك يا مصر" الحملة التى أطلقها مفكرون ودعاة وأكاديميون وطلاب علم ومواطنون عاديون فى السعودية وقطر والبحرين والكويت بل كل دول الخليج، لدعم الاقتصاد المصرى، والدعوة لتحويلات دولارية للبنوك المصرية؛ لزيادة الاحتياطى النقدى، والحملات التى دشنها المصريون المقيمون فى الخارج كشفت عن مكانة مصر ودورها فى قلوب العرب والمسلمين، وحبهم الجارف لهذا البلد العظيم، فرفعة مصر وقوتها وريادتها ونهضتها قوة للعرب، بل للمسلمين جميعا، كما أبرزت دور الجاليات المصرية فى الخارج التى يتجاوز تعدادها العشرة ملايين، والتى باتت تلعب دورا قويا فى دعم الداخل سواء بالمشاركة السياسية الفاعلة فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى والرئاسة أو فى الاستفتاء على الدستور بعد أن حصلت على حقوقها السياسية التى حرمت منها . من يدخل على "الهشتاج" الخاص بحملة "عشانك يا مصر" وتدوينات المغردين المصريين والخليجيين والعرب لدعم مصر، وما سطروه من كلمات ومعانٍ فى حب مصر والمصريين، وأن "أم الدنيا" لن تركع لغير الله، ولن تفلس كما زعم المفلسون، يدرك تماما نبض الأمة ومشاعرها وتلاحمها فى السراء والضراء، وهو الأمر الذى يلقى بتبعات كبيرة على القيادة المصرية المنتخبة بل على الشعب المصرى كله- الذى ثار على النظام الفاسد الذى كان كل همه خطب ود الغرب والأمريكيين، و"الكنز الإستراتيجى" للصهاينة- أن يترجم آمال الشعوب العربية وطموحاتها إلى أفعال على الأرض بعد أن كانت مجرد "بيانات" تصدر من القمم العربية عقب كل اجتماع ولا نجد لها أثرا، آن الأوان أن يكون للعرب "سوق عربية مشتركة"، و"محكمة عدل عربية"، وتزال الحواجز الحدودية، وتفتح أبواب العرب للعرب، وتتدفق الاستثمارات العربية داخل الدول العربية بدلا من الهروب للخارج، وأن تعود العقول المهاجرة إلى أوطانها تبنى وتشيد وتدفع بقاطرة البحث العلمى للأمام . كم كنت أتمنى أن تجد "تغريدات" النخب العربية والخليجية فى حب مصر ودعمها الاهتمام من الإعلام المصرى وتسليط الضوء عليها وإجراء حوارات ومداخلات مع هؤلاء المغردين وهم شخصيات معروفة ومشهورة ولها مكانتها، ولكن للأسف انشغل الإعلام بمعارك وهمية وإثارة البلبلة، وتتبع السقطات، وافتعال المعارك الوهمية، وتصفية الحسابات السياسية على حساب قضايا الوطن! وكم كنت أتمنى اهتمام القائمين على برامج "التوك شو"- الذين صدعوا رءوسنا بالترهات وانشغلوا بالتوافه- بحملات دعم الاقتصاد المصرى ويعطونها الأولوية، ويتابعون تدفقات التحويلات المالية من المصريين والعرب إلى داخل البلاد! وكم كنت أتمنى أن أجد أى اهتمام من "جبهة الإنقاذ" وقادتها الذين تسلط الأضواء على همساتهم وسكناتهم وتحركاتهم، بنبض العرب والمصريين فى الخارج وتحركاتهم فى دعم اقتصاد الوطن، ولكن الواضح أن أمر الاقتصاد المصرى لا يهم "حمدين" الذى صار كل همه الانقلاب على الشرعية، ولا "البرادعى" الذى وجدناه يدافع وبقوة عن الهولوكوست وبناء معابد للبوذيين، ولا "موسى" الذى أصبح يغرد خارج السرب ولا يعنيه هم مصر ولا المصريين . لقد انكشف المستور وظهرت الحقيقة للمصريين؛ من معهم يعيش همومهم ويعانى كما يعانون، ومن لا يشغله إلا نفسه وحساباته السياسية وأجندته الحزبية الضيقة، وبان للجميع من يقف فى خندق عموم المصريين، ويعانى معاناتهم، ومن يؤلب الخارج على الوطن وينتظر ردا غربيا سريعا وعاجلا ضد الوطن، ومن يحرض المستثمرين الأجانب على عدم الاستثمار فى مصر، ومن يستعين بالبلطجية والسوقة والمجرمين لإحراق المنشآت العامة وتعطيل المصالح الحكومية، ومن يدفع الأموال لأصحاب السوابق للاعتداء على الممتلكات الحزبية والخاصة، ويحاول توقيف حركة مترو الأنفاق، ويمنع المواطنين من دخول مجمع التحرير لإنهاء مصالحهم وخدماتهم . ليت قادة جبهة الإنقاذ تعلموا درسا من حب العرب والخليجيين لمصر وأهلها، وتوقفوا عند الهبة القوية لدعم الاقتصاد المصرى، أو كان لديهم قياسات رأى عام للتعرف على المشاعر العربية الدافقة تجاه القيادة المصرية، ليعدلوا خطابهم ويستثمروا هذه المشاعر لصالح وطنهم كما يفعل اللبنانيون أو غيرهم من الغيورين على بلادهم! لقد جاء الشيخ العلامة ناصر بن سليمان العمر لمصر والتقى علماءها ومشايخها، وزار الشيخ عائض القرنى قاهرة المعز والتقى النخب والعلماء وخطب فى القاهرة والمنصورة واعتلى منبر جامع الحصرى، وألقى خطبة عصماء فى حب مصر وشعبها، وحظيت خطبة الجمعة التى ألقاها الشيخ محمد العريفى فى جامع البواردى بالعاصمة السعودية الرياض عن مصر وتاريخها ومكانتها باهتمام غير مسبوق، ولبى الشيخ دعوة الأزهر الشريف بزيارة مصر ويحاضر اليوم عن مكانة علماء مصر، ويخطب الجمعة غدا بجامع عمرو بن العاص، وكتب الشيخ أحمد بن عبد الرحمن الصويان رئيس رابطة الصحافة الإسلامية تغريدة على حسابه فى "تويتر" يقول فيها: "أمى"-وهى الآن تجاوزت التسعين- قالت إنها وهى طفلة فى قرية القصيم سمعت المنادى يجمع الناس لتوزع عليهم زكاة مصر، فمصر منا، ونحن لها". وأعلن الداعية الكويتى الشيخ نبيل على العوضى أن مؤسسة "الأصمخ للأعمال الخيرية" قررت أن يكون جزءا كبيرا من نشاطها التنموى الخيرى (عفيف) فى الحبيبة مصر، وقال المهندس عبد الله العقيل: "منذ ثلاث سنوات لم نسافر لمصر.. فاشتقنا لك يا مصر.. فحجزنا لكامل الأسرة هذا الصيف لأم الدنيا"، وكانت نبضات قلم الكاتب السعودى مهنا الحبيل تفيض بالمشاعر حبا لمصر ودعما لها، وكتب أستاذ الإعلام السياسى بجامعة الملك سعود د. أحمد بن راشد بن سعيد: "ستنقلب عليكم مكائدكم.. وكله عشانك يا مصر"، ودعا د. عبد الله الزايد المستثمرين الخليجيين للاستثمار فى مصر وقال: "لا توجد فرص استثمارية فى العالم كما هى بمصر الآن.. لعيونك يا مصر يا حلوة"، إضافة إلى المبادرات التى تتبناها نخب ومجموعات مصرية وخليجية لقضاء إجازة الربيع فى مصر، وشراء المنتجات المصرية، وتبنى المشروعات الخيرية والبرامج التنموية داخل مصر. وفى الوقت الذى نجد هذه المشاعر الدافقة والحركة المطردة لدعم الاقتصاد المصرى، نجد الدولة العميقة تتحرك فى الاتجاه المعاكس، ولعل ما حدث من سفير مصرى فى عاصمة خليجية كبرى ورفضه المشاركة فى تدشين مبادرة أحد البنوك فى هذه الدولة بالتعاون مع الجالية المصرية خير شاهد على الثورة المضادة وأذرعتها القوية، وأيضا ما صرح به دبلوماسى مصرى فى لقاء مع مصريين ورجال أعمال خليجيين ودعوته للمستثمرين العرب للتريث فى الاستثمار فى مصر، والذى أثار غضب الحضور، دليل قوى على التحركات المضادة، و"البرود" الدبلوماسى؛ بل تجاهل البعثات الدبلوماسية المصرية فى الدول الخليجية للحملات الداعمة لدعم الاقتصاد المصرى قرينة دامغة على أن هؤلاء "المستوظفين" الذين يتقاضون مرتباتهم "بالدولار"من أموال الشعب المصرى لا يهمهم لا مصر ولا اقتصادها، وآن الأوان أن يمتد التغيير إلى هذه العناصر، وأن نجد آثار الثورة فى سفاراتنا وقنصلياتنا فى الخارج، وأن نقطع دابر العناصر التى وصلت إلى مناصبها ب"الواسطة" و"المحسوبية" و"تقارير جهاز مباحث أمن الدولة" المنحل، فصوت الجاليات المصرية ينادى: "طهروا سفاراتنا وقنصلياتنا من الفلول".