1.2 مليون طن أرز لا تجد من يشتريها من الفلاحين.. والمضارب تتدلل! الفلاحون: طوابير الانتظار تزيد نسبة الرطوبة وتقلل السعر وترفع أجرة النقل أصحاب المضارب: طاقتنا تراجعت 90%.. وشروط التصدير تعجيزية نقيب الفلاحين: مطلوب تكليف هيئة حكومية بالشراء بسعر 2000 جنيه للطن وتصدير الفائض بنك الائتمان الزراعى: الحل فى إلزام هيئة السلع التموينيةباستلام المحصول وزارة الزراعة: تمويل المضارب لشراء المحصول وتخفيف العبء عن المزارع خبراء: عودة العمل بنظام الدورة الزراعية الموحدةتفيد الدولة والفلاح تحقيق: بكر بهجت وفوزى هيكل وإسلام شوقى مليون و200 ألف طن أرز فى مخازن المزارعين لا تجد من يشتريها، إضافة إلى محصول هذا العام.. الفلاح حائر بين التجار والمضارب التى ترفض استقبال المحصول بحجة أنها مكدسة، وإذا "تكرمت" واشترت فيكون بأقل من السعر الذى أعلنته الدولة وهو 2000 جنيه للطن! الأزمة تتفاقم وبعض الفلاحين يؤجر سيارات كبيرة لنقل المحصول إلى أقرب مضرب ويضطر للبقاء أياما لعل المضرب يشترى منه المحصول، لكن الأمر يستغرق أياما مما يضطر البعض فيها للمبيت أمام المضرب، مما يقلل من جودة الأرز ويرفع نسبة الرطوبة به، فينخفض سعره! الخبراء والمتخصصون يطرحون حلولا للأزمة ويطالبون بتفعيل دور الدولة فى إنقاذ الفلاح وشراء محصول الأرز وتكليف هيئات حكومية مثل هيئة السلع التموينية بالشراء. يذكر أن قرارا وزاريا صدر عن وزارتى التموين والزراعة برقم 154 لسنة 2012 حول استلام الأرز الشعير من المزارعين لصالح هيئة السلع التموينية للموسم الحالى اعتبارا من شهر أكتوبر الماضى بسعر 2000 جنيه للطن رفيع الحبة و2050 جنيها للطن عريض الحبة على أن تكون حبوب الأرز الشعير ممتلئة وكاملة النضج وبدرجة نظافة لا تقل عن 96% ورطوبة لا تزيد على 14%. ويؤكد القرار ضرورة إعادة تسعير الأرز الشعير كل أسبوعين وفقا لأسعار السوق المحلية والعالمية، مشيرا إلى أنه فى حالة إضافة أو خلط أى مواد أخرى بالأرز خلال توريده لصالح السلع التموينية تعامل كأنها حالة غش تجارى. المضارب تتدلل! يقول محمود قنديل -مزارع- إن الفلاح يعانى من عدم استقبال الشون للأرز وعدم قبول المضارب بالسعر الجديد المقدر ب2000 جنيه، مؤكدا أنه حينما ذهب إلى المخازن الحكومية رفض مدير الشونة استقبال الأرز وقال إنه لم تأت تعليمات استلام من بنك التنمية والائتمان الزراعى. ويضيف محمد أحمد -فلاح- أن المزارعين بمحافظة القليوبية لا يقومون بزراعة محصول الأرز بمساحات كبيرة، مشيرا إلى أن إلزام الفلاح ببيع الأرز فى الشون يحمله أعباء مالية. ويقول عبد الفتاح السيد جاد -تاجر أرز، من قرية شبرا العنب مركز منيا القمح محافظة الشرقية- إنه قام بتجميع محصول الأرز من الفلاحين وتوجه به إلى مضرب الزقازيق فوجد المئات من السيارات المحملة بأطنان الأرز الشعير تقف فى طوابير امتدت أكثر من 500 متر فى اتجاهين واضطررت للمبيت فى الشارع 3 أيام مما كلفنى فوق طاقتى؛ حيث طلب منى سائق السيارة -أجرا جديدا– عن كل ليلة قضاها أمام المضرب. وأضاف أنه فى النهاية لم يستلم المضرب المحصول إلا بعد خصم 7% من كل طن ولا نعرف تحت أى بند، بالإضافة إلى عدم استلامه بالسعر المعلن (2000 جنيه) حيث يتراوح السعر عند الاستلام بين 1600 و1800جنيه وبعد طول انتظار وتكلفة عالية. وأوضح جاد أن محافظة الشرقية من أكبر المحافظات فى زراعة الأرز؛ حيث بلغت المساحة المزروعة هذا العام 259 ألفا و356 فدانا، وهى أكبر من المساحة الواردة فى القرار الوزارى رقم 58 لسنة 2012 الصادر من وزير الموارد المائية والرى والمحددة ب176401 فدان. ويشير على الدسوقى -صاحب مضرب خاص- إلى أنه لا يقوم بتخزين الأرز أو بيعه للشون لأن السعر فى السوق غير محدد، مؤكدا أنه يقوم فقط بعملية تحويل الأرز من شعير إلى أرز أبيض صالح للطهى حتى لا يعرض نفسه للخسارة. شروط تعجيزية على الجانب الآخر، رحب هشام عبد العظيم -صاحب مضرب أرز قطاع خاص بمحافظة كفر الشيخ- بقرار الوزارة بفتح باب تصدير محصول الأرز هذا العام، مشيرا إلى أن تدنى الأسعار العالمية هذا العام، التى تتراوح بين 700 إلى 720 دولارا للطن، كان له تأثير على الأسعار المحلية، ويحمل المصدر المصرى أعباء إضافية فيجعله عازفا عن التصدير لأن مزايدة التصدير تبدأ من 100 ألف طن وحتى 510 آلاف، وهذا يتطلب فرض رسوم تصدير تبلغ 1000 جنيه على كل طن، ورسوم إضافية أخرى تبلغ 300 جنيه للطن، وهو ما يعد أمرًا تعجيزيًّا أمام مصدرى القطاع الخاص. ويقترح عبد العظيم حلا للأزمة الحالية، يتمثل فى تدخل الحكومة بحزمة من التسهيلات؛ تبدأ بتخفيض الرسوم على الصادرات لتتراوح بين 800 و900 جنيه حتى يستطيع التاجر المنافسة على التصدير وتحقيق هامش ربح مناسب ومشاركة هيئة السلع التموينية لمضارب القطاع الخاص فى توريد الأرز للدولة من خلال مناقصات ومزايدات عامة، حيث لا يحدث إقصاء للقطاع الخاص.وأشار إلى أن طاقة المضارب تراجعت بنسبة 90% تقريبا، حيث كان المضرب ينتج يوميا 150 طن أرز أبيض من 300 طن شعير، لكن حاليا بعد تراجع الطلب من التجار أصبح المضرب ينتج 15 طنا فقط. وأوضح عبد العظيم أن استهلاك السوق المحلية من الأرز يقدر بحوالى 3 ملايين طن، ولكن وصول المحصول هذا العام إلى 8 ملايين طن أحدث ارتباكا وتسبب فى تراجع شديد فى سعر طن أرز الشعير مما يجبر الفلاح على بيع الطن بسعر لا يتجاوز ال1400 جنيه، ويطالب الحكومة بشراء كميات كبيرة من الأرز وعرضها فى المجمعات الاستهلاكية والإشراف على تصدير المتبقى منها بعد حاجة السوق، أى أن يكون التصدير قائما على تخطيط سليم ومدروس لأن الفائض ضخم ولا بد أن يستفيد منه الجميع. حلول مقترحة من جانبه، يقترح عبد الرحمن شكرى -نقيب الفلاحين- عدة إجراءات لحل الأزمة؛ منها تكليف هيئة حكومية بشراء الأرز من الفلاح مباشرة والتصدير للخارج مع إنشاء آلية حكومية تعاونية لضبط السعر وتسهيل الأمر على الفلاحين والتزام وزارة التموين بالتعاون مع الوزارات والهيئات المعنية بضبط السوق الداخلية للمستهلك حتى يأمن جشع تجار السوق السوداء مع استمرار التصدير. وطالب بتخصيص حصة من المحصول للهيئة الزراعية التابعة لوزارة الزراعة، حيث تتولى تجميع وتوزيع الأرز محليًّا وتساهم فى تصديره، مشيرا إلى ضرورة الضغط الإيجابى من مجلس الوزراء على كافة المضارب الحكومية لفتح أبوابها لاستقبال الأرز من الفلاحين وإعادة تصديره. ويضيف شكرى أن إنتاج الأرز الشعير هذا العام بلغ حوالى 7 ملايين طن، منها نحو 4.2 ملايين طن من الأرز الأبيض، وهناك 500 ألف طن باقية من العام الماضى، موضحا أن استهلاكنا من الأرز نحو 3.5 ملايين طن أى لدينا فائض يقدر بنحو مليون و200 ألف طن يمكن تصديره للخارج لجلب عملات صعبة لصالح الدولة ولصالح المزارعين. ويشير إلى أنه حتى الآن لم يتم تشكيل مجموعة وزارية من وزراء التموين والتجارة والصناعة والزراعة لتفعيل قرار زيادة سعر الأرز، لافتاً إلى أن الذى يعانى من ذلك هو الفلاح البسيط الذى أغلقت المضارب الحكومية أبوابها فى وجهه ولم تتسلم منه المحصول بعد أن استدان حتى ينتجه، وهو الآن لا يستطيع تصريفه بسبب تحكم التجار فيه وعدم وجود منافس حكومى حقيقى يدعمه ويساعده على البيع وزراعة العروة الجديدة. التجارة الخارجية ويقول على عبد الغفار -رئيس قطاع التجارة الخارجية بوزارة الصناعة والتجارة- إن الوزارة أجرت مزايدة لتصدير الأرز تقدم إليها نحو 88 تاجرا، وهى لا تزال فى انتظار تسديد هؤلاء التجار التأمين الخاص، وستقوم بمنحهم الموافقة على بدء التصدير، وأضاف: لا يوجد حصر حتى الآن بالكميات التى تم تصديرها وأن المهلة المحددة لبدء التصدير تمتد حتى 30 نوفمبر الجارى، مشيرا إلى أنه عقب المهلة نستطيع حصر الكميات التى تم تصديرها. وأوضح عبد الغفار أن الوزارة أعلنت أنه سيتم فرض رسم على صادرات الأرز بواقع 1000 جنيه على الطن، على أن يكون إصدار تراخيص التصدير عن طريق مزايدات علنية عامة بالمظاريف المغلقة، وفقا للقواعد والشروط التى يصدر بها قرار من الوزير، مؤكدا أن القرار يستهدف تصدير الكميات الفائضة عن احتياجات السوق المحلية، بما لا يؤثر على أسعار الأرز المخصص للمستهلك ويساهم فى تحقيق عائد مجز للفلاح، خاصة أن حجم إنتاج الموسم الجديد يصل إلى 7 ملايين طن أرز شعير، ينتج عنها ما يقرب من 4.6 ملايين طن أرز أبيض، يضاف إليها فائض الموسم الماضى، الذى يقدر بنحو 500 ألف طن، بينما تصل احتياجات السوق المحلية إلى 3.5 ملايين طن. بنك التنمية ويقترح د. رمزى مرسال -رئيس قطاع الشون ببنك التنمية والائتمان الزراعى- إلزام هيئة السلع التموينية باستلام الأرز من المضارب والفلاحين لحل هذه الأزمة؛ لأنها هى الجهة الوحيدة المختصة باستقبال الأرز منهم، طبقا للقرار الوزارى لتسويق الأرز. واعتبر أن استلام بنك التنمية الزراعية للأرز من الفلاح يصاحبه مشاكل كثيرة تتمثل فى أن مخازن البنك فى المحافظات المنتجة للأرز مثل البحيرة والدقهلية وكفر الشيخوالشرقية والغربية ودمياط يوجد بها حاليا كميات كبيرة من الأقماح التى تم استلامها فى الموسم الجارى، التى تقدر بنحو 1.5 طن، فلا يوجد مكان صالح لاستلام الأرز. وأشار مرسال إلى أن الأرز الشعير يحتاج إلى طريقة خاصة للتخزين ومساحات كبيرة ومظلات وفترة تخزينية قد تصل إلى عشرة شهور، مما يستلزم توفير الأماكن التخزينية اللازمة لتسلم كميات الأرز وهو ما لا يتوفر فى شون البنك، مؤكدا أن البنك منذ أكثر من 20 عاما لا يستقبل الأرز الشعير لأنه يتعرض لانخفاض الوزن نتيجة الرطوبة وقت الاستلام التى تصل إلى 14%، وهو ما يسبب مشاكل لأمناء المخازن والموظفين باعتبارهم مسئولين عن هذا العجز. وأوضح أن هناك صعوبة فى إجراء عمليات الفحص الدورى للأرز الشعير فى أثناء عمليات التخزين، لافتا إلى أن البنك يستطيع تمويل شراء الأرز من الفلاحين والمضارب فى حال توفير مخازن من وزارة التموين التى تمتلك مخازن مخصصة للأرز فى كل المحافظات وتتوافر فيها مواصفات التخزين. الدورة الزراعية ويقول د. محمد على أحمد -مدير الإدارة العامة لتنسيق المشاريع والشئون الزراعية والمتحدث الرسمى لوزارة الزراعة-: إن دور الوزارة ينتهى عند توفير التقاوى المنتقاة من أجود أنواع الأرز للفلاح والمساعدة فى توفير الأسمدة الكيماوية، فضلا على توفير ورعاية الحقول الإرشادية التى توفر أفضل سلالات المحاصيل الزراعية وكذلك الخبرات المتنوعة. وأشار إلى أن توقيع اتفاقية الجات -فى عهد المخلوع- كان وبالا على الفلاح المصرى؛ حيث اشترطت بنود الاتفاقية رفع الدعم عن الفلاح بكافة أنواعه فارتفعت أسعار كل شىء، بداية من البذور والأسمدة وحتى الخدمات الزراعية، ومن ثم كانت سببا رئيسيا فى إلغاء الدورة الزراعية، وكان هذا سببا كافيا لتراجع اسم مصر عالميا فى إنتاج القطن طويل التيلة أفضل أنواع القطن فى العالم، ثم تلا ذلك محاصيل عدة؛ منها القمح وفول الصويا والأرز وغيرها الكثير. ويضيف د. محمد على، أنه لا أمل الآن بعد الثورة إلا إصلاح شئون الزراعة بعودة السيطرة للدولة مرة أخرى، وتنفيذ برنامج الدورة الزراعية الموحدة التى كانت تلزم الفلاح بنوع المحصول الموحد، وتقدم له الدعم بكافة أنواعه حتى ينضج المحصول فتشتريه الحكومة منه بأعلى الأسعار ويعم الرخاء على الدولة والفلاح معا، وحتى تعود مصر إلى سابق عهدها سلة غلال العالم، موضحا أن سعر ال2000 جنيه للطن هو سعر استرشادى يزيد وينقص بحسب جودة المحصول والعرض والطلب. الحل الأمثل ويرى د. عباس الشناوى -رئيس قطاع الخدمات الزراعية بوزارة الزراعة- أن الحل الأمثل فى تبنى الدولة من خلال الهيئة المصرية الزراعية وهيئة السلع التموينية، بالإضافة إلى الاتحاد التعاونى الاستهلاكى شراء محصول الأرز من الفلاح وإعادة تسويقه من خلال منافذها، وكذلك تصدير الفائض منه إلى الخارج لجلب العملة الصعبة وإنعاش الاقتصاد المصرى. وطالب الشناوى بقرار سيادى لفتح مضارب الأرز الحكومية أمام محصول الفلاح البسيط، والضرب بيد من حديد على يد كل من تسول له نفسه التلاعب بمقدرات هذا البلد، مع توفير الدعم المالى الكافى لقيام هذه المضارب باستيعاب كل كميات محصول الأرز لدى الفلاحين؛ وذلك للقضاء على حالة الارتباك التى تسود القطاعات المختلفة فى اتخاذ القرار الصائب.