توجيه الدعم للرغيف هو الحل.. بدليل 300 مليون جنيه غرامات على أصحاب المخابز لا تجد من يحصلها الخبز أو رغيف العيش كما يسميه المصريون صار أزمة يومية يعانيها الملايين فالحصول عليه أصبح مشقة يومية يبدؤها البعض فى الطابور من بعد صلاة الفجر وقد ينتهى اليوم دون الحصول على ما يسد به رمقه وجوع أسرته. ولا يتوقف الأمر عند معاناة الطابور ولكن المأساة تكمن فى جودة رغيف الخبز وصلاحيته للاستهلاك الآدمى فالمسامير والعجينة والشعر أصبحوا هدايا تقدم للمواطن الفقير على رغيف الخبز. ورغم أن الدولة تعلن ليل نهار أنها تنفق أكثر من 18 مليار جنيه سنويا لدعم رغيف الخبز.. فإن السؤال: أين تذهب هذه المليارات؟ ولماذا لا نشعر بأثرها على مستوى رغيف الخبز؟. فى هذا الإطار، كشفت دراسة أعدها الخبير ممدوح زيد وهو مفتش تموين سابق ومدير عام بشركة الغربية للتنمية الزراعية والأمن الغذائى أن مليارات الدعم التى تقدمها الدولة تضيع بسبب منظومة الفساد المتراكمة فى مفاصل الدولة بشكل عام وفى قطاع التموين بشكل خاص. وأشار زيد فى دراسته التى خص "الحرية والعدالة" بنسخة منها إلى أن هناك عقدا بين وزارة التموين والمخابز على أن تعطى الدولة ممثلة فى وزارة التموين لأصحاب المخابز دقيقا مدعما مقابل أن يقوم المخبز بصناعة خبز مدعم للمواطنين وهو ما لا يحدث فالدولة تدعم أصحاب المخابز بالدقيق وأكثر من 80% منهم يبيعون هذه الدقيق فى السوق السوداء ولا ينتجون سوى عدد قليل جدا من جملة الدقيق الذى تعطيه لهم الدولة. ويضيف: للأسف غالبية مفتشى التموين يتواطئون مع أصحاب المخابز ويتغاضون عن مخالفاتهم مقابل مبالغ يومية أو شهرية يتقاضاها المفتش بالإضافة إلى عدم قيام المفتشين بتحصيل الغرامات المفروضة على أصحاب المخابز والتى وصلت إلى أكثر من 300 مليون جنيه مخالفات متراكمة للدولة لا تجد من يحصلها! وأكد زيد أن الحل لهذه الأزمة هو تحرير سعر الدقيق وتوجيه الدعم إلى المنتج النهائى المتمثل فى رغيف الخبز وليس إلى الدقيق كما هو الحال الآن، مشيرا إلى أن هذا الأمر سيوفر على الدولة ما لا يقل عن 11 مليار سنويا من الدعم المخصص للخبز. وقال زيد: إن حل أزمة الخبز يعتمد على عدد من الخطوات أهمها تحرير سعر الدقيق، بالإضافة إلى إلغاء العقد الموقع بين أصحاب المخابز البلدية ووزارة التموين فورا، وتحويل جميع الغرامات المقررة التى تتعدى ال300 مليون جنيه على أصحاب المخابز إلى النيابة العامة. كما تتضمن الدراسة إلغاء جميع إدارات التموين بالجمهورية وتحويلها إلى مكاتب تموين متعددة ومتطورة مع توصيل رغيف الخبز إلى المستهلك مباشرة ودون وسيط. وكشفت الدراسة آلية تحويل الدعم النقدى من الدقيق إلى رغيف الخبز مباشرة بأن تتولى هيئة السلع التموينية التابعة لوزارة التموين مهمة الأشراف على تسليم محصول القمح المحلى من المزارعين والتجار إلى شون بنك التنمية والمطاحن بالدولة واستكمال العجز فى الاستهلاك من الاستيراد حسب القوانين المتبعة حاليا، وتحديد سعر حر للدقيق شهريا يصرف من المطاحن لأصحاب المخابز والتجار مع تحقيق هامش ربح ودون أى نسبة دعم، مع الإعلان عن مناقصة على مستوى الدولة يتقدم لها أصحاب المخابز كافة لإنتاج وتسليم رغيف خبز بمواصفات محددة تضعها وزارة التموين تختار من بينهم المخابز حسنة السمعة عن طريق لجنة مشكلة برئاسة قاض وعضوية أعضاء من المحافظات والتموين والصحة. ووفقا لهذه الآلية، تقوم وزارة التموين بعمل دراسة عن مواصفات الرغيف المطلوبة وبتكلفة لا تتجاوزها المناقصة حتى لا يغالى أصحاب المخابز فى تكلفة الرغيف، فيما تقوم مكاتب التموين بإعلام أصحاب البقالات الموجودة بنطاقها بالتقدم بطلب برغبتها فى توزيع الخبز المدعم على أن يقوم كل بقال بتسجيل كشف برغبات 100 أسرة على الأكثر مدعم بصور بطاقات الرقم القومى لكل رب أسرة بالكشف على اعتبار أنه أقرب بقال لإقامته يراجع ويدقق ويعتمدها مكتب التموين المختص ويعين مفتش تموين محددا للمراقبة والمتابعة وتحرير المخالفات. ويضيف: يتولى صاحب التروسيكل التابع للشركة المسئولة عن التوزيع مسئولية استلام الخبز من المخابز المتعاقدة مع الوزارة وتسليمها إلى محلات البقالة والتى لا يزيد عددها للتروسيكل الواحد عن 15 بقالا تحت أشراف مسئول من مكتب التموين الواقع فى قطاعها هؤلاء البقالون؛ بالإضافة إلى مسئول الشركة ولن تتحمل الدولة أى مرتبات أو مخصصات إضافية حيث يدفع المواطن ثمن كيس الخبز 50 قرشا لكل 10 أرغفة، بالإضافة إلى 25 قرشا مقابل خدمات توصيل الخبز للبقال. وأشار إلى أن المواطن سيدفع وفقا لهذه الآلية فى كل كيس به 10 أرغفة مبلغ 50 قرشا + 25 قرشا مقابل خدمات نقل وتوصيل الخبز إلى البقالات بجوار المستهلك مباشرة، ويتم حصر عدد المستهلكين الذين تسلموا الخبز يوميا ثم أسبوعيا ثم شهريا بمعرفة لجنة ثلاثية من التموين والشركة الموزعة والبقال المختص تعتمد من مديرية التموين ومكتب التموين التابع له البقال ويحرر شيك من مديرية التموين المختصة لكل مخبز بكمية الخبز التى استهلكت من قبل المواطن فعليا ويكون من حق المواطن رفض استلام الخبز فى حالة عدم صلاحيته أو سوء إنتاجه أو عدم مطابقته للمواصفات التى وضعتها وزارة التموين لإنتاج الخبز الجيد. وأشار زيد إلى أن هذه الطريقة تحتاج إلى 7 مليارات جنيه سنويا بما يوفر على الدولة 11 مليارا من أصل 18 تذهب لدعم الخبز سنويا، بالإضافة إلى توفير 11 ألف وظيفة للشباب بمرتب شهرى 4500 جنيه للفرد. وقال زيد: إن الأمر نفسه يمكن تجربته مع أسطوانات الغاز فتقوم شركات تعبئة أنابيب البوتاجاز بتسليم حصص المحافظات إلى المستودعات المرخصة من قبل كل محافظة، ويقوم كل تروسيكل السابق الإشارة إليه فى موضوع الخبز باستلام أنابيب الأسر المربوطة على البقالات نفسها بكشف الخبز (عدد 100 أسرة) لكل بقال بمعدل متوسط 5 أنابيب يوميا حسب المسجلين لدى البقال فى اليوم السابق على أن يستلم صاحب التروسكل (الشركة الموزعة الأنبوبة) بسعر 5 جنيهات من المستودع ويقتصر توزيع الأنابيب على الشركات المعتمدة وإنهاء عصر الباعة السريحة والبلطجية وهؤلاء يمكن استيعابهم فى الشركة الموزعة بمرتبات مجزية تصل إلى 4000 جنيه شهريا على أن تسلم الأنبوبة للبقال بسعر 7 جنيهات ويسلمها البقال للمستهلك بسعر 9 جنيهات. وبذلك يكون دخل البقال فى اليوم 2 جنيه × 5 أنابيب= 10 جنيهات× 30 يوما= 300 جنيه متوسط. والشركة الموزعة (التروسكل)= 2 جنيه× 5 أنابيب× 15 بقالا= 150 جنيها يوميا، وفى الشهر تقريبا= 150 جنيها× 30= 4500 جنيه.