الطرح الأخير الذى خرج مؤخرا من حزب الحرية والعدالة حول موقفه المتحفظ على قرار الحكومة بإغلاق المحلات التجارية فى العاشرة مساء أثار عند البعض نوعا من الالتباس. وأتصور أن الالتباس نشأ فى المقام الأول من الفهم الشائع لدى كثيرين فى عدد من وسائل الإعلام بأن الحكومة الحالية برئاسة الدكتور قنديل تمثل حزب الحرية والعدالة، ومحسوبة عليها جملة وتفصيلا. ولا أدرى على أى أساس بنى البعض هذا التصور وذلك الفهم، على الرغم من علم الجميع بالجدل الذى حدث فى بداية تشكيل الحكومة حول تركيبتها وتكوينها وانتماءات أصحابها السياسية. والحقيقة -التى لا تخفى على أحد- أن القوى السياسية الليبرالية واليسارية أصرت على رفض تشكيل الحكومة وفقا لتركيبة وحجم تمثيل التيارات السياسية فى البرلمان خوفا مما عرف حينها بتكويش حزب الحرية والعدالة على الحكومة. وأمام هذا الإصرار قرر الرئيس مرسى تشكيل الحكومة بهذه التركيبة التى خرجت بها، حيث غلب عليها الوزراء التكنوقراط، وقل بينهم الوزراء الذين ينتمون إلى أحزاب سياسية بصورة عامة وإلى حزب الأكثرية البرلمانية بصورة أخص. السبب الثانى الذى دفع إلى الالتباس الحادث هو الدعم المبدئى الذى قدمه وما زال يقدمه حزب الحرية والعدالة للحكومة، حيث تصور البعض أن الدعم مؤشر على الانتماء، ومن ثم قبول كل القرارات والممارسات التى تخرج من الحكومة، وربما تصور البعض أن الدعم والرغبة فى النجاح تعنى انتماء الحكومة لحزب الأكثرية رغم مخالفة الواقع لذلك. والحقيقة التى تغيب أحيانا عن البعض أن حزب الحرية والعدالة حريص كغيره من الوطنيين على إعادة بناء وتشكيل مؤسسات الدولة بعد الثورة، وهو ما يدفعه -مع كافة المخلصين من أبناء الوطن- إلى التكاتف والتآزر والتعاون مع أى إجراءات تتخذ فى طريق عملية إعادة التشكيل والبناء. ومن هذا المنطلق كان من المنطق أن تلقى حكومة الدكتور قنديل تأييدا ومؤازرة من حزب الحرية والعدالة ومن جميع القوى السياسية المخلصة والحريصة على تخطى المرحلة وتجاوزها بنجاح. ولعل النقد البناء والتوجيه الراشد الذى يمارسه حزب الأكثرية يكونا من الأدوات المهمة والفاعلة فى إطار منظومة المؤازرة والتأييد والدعم التى تحتمل الاختلاف فى وجهات النظر، وتحتمل تقديم النصح، مصحوبا بالرغبة الخالصة فى النجاح والتوفيق.