ما أشبه واقع مصر بعد انقلاب 30 يونيو بأشد أفلام السينما ظلما وبطشًا وقمعًا، بل ربما يفوق الواقع ببشاعة الظلم الذي لم يتصوره مؤلف الرواية وكاتب السيناريو، ولم يخطر على بال المخرج ولو في أبشع كوابيسه، ففي فيلم "شىء من الخوف"، الذي قامت ببطولته الفنانة الفاضلة "شادية" التي رحلت عن عالمنا أمس قبل أن تتكحل عينها بسقوط "عتريس" قامت البطلة "فؤادة" – مصر- بالتمرد على الظلم. وقفت "فؤادة" في وجه السفيه السيسي في حين صمت كل "شنبات" القرية، إلا القليل منهم الذين رفضوا الانقلاب، ويخشونه سوى هى "مصر"، الشعب الذي قال يسقط حكم العسكر، والذي هاجمه المطرب علي الحجار بالقول "أنتوا شعب.. واحنا شعب"، مصر الرافضة لعتريس.. والسيسي.. والعسكر هي فقط من تحررت من الخوف منه، ولم تخشى من أن تُطلق كلمة "لا" فى وجهه. ففى مشهد عالق فى ذاكرة الجماهير، تحدت فؤادة سلطة السفيه "عتريس"، ومنعه للمياه عن أهل قريته "مصر"؛ لتقف متحدية عصابة الانقلاب، وتقوم بتشغيل الهويس، فتغمر مياه الثورة الأرض المتعطشة للحرية والكرامة والعدالة. رحيل فؤادة ورحلت مساء أمس، الفنانة المعتزلة شادية، بعد صراع مع المرض، عن عُمر يناهز 86 عامًا، وتعد أحد أهم الفنانات التي تركت إرثًا فنيًا كبيرًا، وُلدت على بُعد خطوات من قصر "عابدين"، وعند ولادتها أطلق عليها والدها المهندس الزراعي أحمد شاكر اسم "فاطمة"، وترجع أصولها إلى محافظة الشرقية. ووقعت عين والدها على خبر منشور في إحدى المجلات الفنية عن مسابقة تنظمها شركة "اتحاد الفنانين"، فشجع ابنته التي لم تتجاوز 16 عاماً على التقدّم للمسابقة التي كانت شهادة الميلاد الثانية للفتاة التى حملت فيها اسم "شادية". وفي عام 1947 كان بداية التعارف بينها وبين الجمهور الذى حفظ وجه تلك الفتاة جيداً، التى ستُصبح خلال أعوام ليست طويلة واحدة من أهم الفنانات فى عالم التمثيل والغناء، وبحرفية ونضج شديد استطاعت التقلب بين الأدوار لتتحول من "دلوعة الشاشة" إلى "معبودة الجماهير"، "غول تمثيل" تستطيع تأدية أي دور مهما كانت درجة صعوبته، وتجاوزت الأدوار التي قدّمتها خلال مشوارها الفني ما يقرب من 100 عمل سينمائي ومسرحية واحدة. إلى الله من جهته روى الشاعر الغنائي صلاح فايز قصة توبة واعتزال الفنانة شادية، قائلا: "الشاعرة عالية الجعار كتبت أغنية خذ بإيدي للمطربة شادية وكانت تلك بداية رحلة السير في طريق اعتزال شادية". وأضاف أن الشاعرة عالية اصطحبت شادية وياسمين الخيام وعرفتهما على الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي، متابعا: "شادية كان نفسها يبقي عندها أولاد ولكن لم يحدث ذلك، وأنها كانت تفقد الجنين في الشهور الأولى من حملها، وكان ذلك أحد أسباب تقرب شادية إلى الله والاعتزال". وأوضح "فايز"، أن شادية حالة فريدة بين الفنانين المعتزلين، لأنها لم تفكر في العودة مرة أخرى، ولم تتحدث يوما ما عن حرمة الفن. يشار إلى أن الجيش المصري قام بانقلاب عسكري قبل أربع سنوات، تحت قيادة السفيه عبد الفتاح السيسي، علي الرئيس المنتخب محمد مرسي وعطّل العمل بالدستور، وتم احتجاز الرئيس الشرعي محمد مرسي في مكان غير معلوم لعدة أشهر، وقدر الله للفنانة "شادية" أن ترى الانقلاب إلا أنها ماتت دون أن ترى زوال "عتريس" العسكر ولعله يكون قريباً ويأتي من يقطع حبل الخوف ويفتح هويس الثورة مثلما فعلت "فؤادة".