مصير غامض يكتنف مستقبل الاستثمارات السعودية في مصر، لا سيما بعد اعتقال وتوقيف المئات من أثرياء العائلة المالكة؛ على خلفية اتهامات بالفساد للتغطية على صراع أمراء آل سعود على العرش، ورفض معظم فروع العائلة لتتويج محمد بن سلمان، ولي العهد، ملكًا على عرش بلاد الحرمين. وتبلغ قيمة الاستثمارات السعودية في مصر نحو 51 مليار دولار، بحسب تقديرات مجلس الأعمال السعودي المصري. حيث تعد السعودية أكبر داعم لنظام الجنرال عبد الفتاح السيسي، وظلت تمنحه المال والمحروقات بسخاء منقطع النظير منذ الانقلاب العسكري في 2013 حتى اليوم. وتوقعت صحيفة "نيويورك تايمز" أن يتسبب اعتقال الوليد بن طلال في تداعيات كبيرة ليس في الداخل السعودي وحسب، بل في المراكز المالية الرئيسية بالعالم؛ لما له من حضور اقتصادي في عالم المال وشراكات متعددة مع رجال الأعمال، مثل بيل غيتس أغنى رجال العالم، وروبرت موردخاي إمبراطور الإعلام الأمريكي. وعلى وقع اعتقاله، انخفضت مباشرة أسهم شركة المملكة القابضة بنسبة قاربت 10%، وهى الشركة التي يمتلك الوليد 95% من أسهمها. وبحسب صحيفة الوطن الموالية للعسكر، فإن الغموض يكتنف مستقبل هذه الاستثمارات بعد قرارات ملكية أفضت إلى توقيف مسئولين ومستثمرين سعوديين بارزين. وفي تقرير لها، تنقل الوطن عن أحمد الوكيل، نائب مجلس الأعمال المصرى السعودى، أنه من السابق لأوانه التنبؤ بمستقبل وضع الاستثمارات السعودية فى مصر، فى أعقاب القرارات الملكية الأخيرة التى جرى اتخاذها فى إطار مكافحة الفساد. وأضاف «الوكيل»: «نتمنى من الله ألا يكون لها تأثير على حجم الاستثمارات السعودية القائمة فى مصر أو تلك التى كان من المقرر ضخّها الفترة القادمة». التوظيف السياسي للاستثمارات السعودية ويشير «الوكيل» إلى التوظيف السياسي من جانب المملكة لاستثماراتها المهولة في مصر، حيث قررت الحكومة السعودية برئاسة الملك عبد الله، تجميد هذه الاستثمارات في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، كما توقفت الأنشطة الاستثمارية السعودية فى مصر، واستمر ذلك التوقف خلال فترة حكم الرئيس محمد مرسى، إلا أنها عادت وبقوة بعد انقلاب 30 يونيو 2013، وارتفعت وتيرتها بعد سطو الجنرال الدموي عبد الفتاح السيسى على رئاسة الجمهورية في مسرحية منتصف 2014م. ويرى الخبير الاقتصادي عبد التواب بركات، في مقاله بصحيفة "العربي الجديد"، أمس الأربعاء بعنوان «مصر في مرمى الاعتقالات السعودية»، أن «مصر لن تكون بمنأى عما حدث من اعتقالات في السعودية السبت الماضي». ماذا عن استثمارات الوليد في مصر؟ ويرجح بركات أن تتأثر استثمارات الوليد بن طلال في مصر؛ حيث إن الأمير السعودي الموقوف يستثمر ثُلث ثروته بمصر وحدها بقيمة 6 مليارات دولار، ويمتلك حصصا في شركات كبيرة، وفي قطاعات كثيرة، ما يجعله أكبر المستثمرين العرب والأجانب في البلاد. وقد يحرم اعتقال الوليد الاقتصاد المصري من استثمارات إضافية بقيمة 800 مليون دولار كان قد وعد بضخها في سوق السياحة، مطلع أغسطس، في صورة استثمارات جديدة تضاف إلى حافظة استثماراته السابقة، والتي تديرها شركته "المملكة القابضة" الواقعة قيد تحقيقات لجنة الفساد السعودية الآن. وزارة الاستثمار بحكومة الانقلاب، كانت قد علقت آمالا كبيرة على قرار الوليد للمساعدة في إنعاش قطاع السياحة المنهار منذ حادث سقوط الطائرة الروسية بعد إقلاعها من شرم الشيخ نهاية أكتوبر 2015، وأصدرت الوزارة بيانا في حينه أثنت فيه على قرار "بن طلال" التوسع فى منتجع فورسيزون على البحر الأحمر. توسعة منتجع الفورسيزون في شرم الشيخ رفعت سعته 800 غرفة جديدة باستثمارات 380 مليون دولار، وهو امتداد لمنتجع الفورسيزون الحالي الذي افتتح في 2002 في شراكة بين شركة الوليد، المملكة القابضة، ومجموعة رجل الأعمال المصري هشام طلعت مصطفى، وعند اكتمال التوسعة، العام المقبل، سيكون منتجع فورسيزون شرم الشيخ أكبر منتجع فورسيزون في العالم بسعة 1400 غرفة فندقية. كذلك كان الوليد قد قرر إنشاء فندقين جديدين في مصر، الأول في مدينة العلمين، على الساحل الشمالي الغربي لمصر، والثاني في تجمع "مدينتي" السكني شمال شرقي القاهرة، تضاف إلى نحو 58 فندقا ومنتجعًا يمتلكها الملياردير السعودي في البلاد. ويخشى بعض المستثمرين الموالين لحكومة العسكر، أن تجبر التحقيقات الجارية بتهم الفساد بعض أثرياء الأسرة الحاكمة على بيع حيازاتهم من الأسهم، لكن البعض يعتقدون أن الخطوة ستعزز مكانة ولى العهد الأمير محمد بن سلمان على تحقيق طموحه باعتلاء العرش، لكنها في ذات الوقت ربما تكون ذات تداعيات سلبية على مستقبل الاستثمارات السعودية في مصر. ويبلغ عدد الشركات السعودية المؤسسة فى مصر طبقاً لأحدث بيانات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، نحو 4309 شركات، ويبلغ التدفق فى رأس المال المصدر 6 مليارات و218 مليون دولار، وموقع السعودية هو الثانى فى ترتيب الدول المستثمرة فى مصر.