يجلس "عبده موتة" وسط قيادات العسكر، منتشيا باحتفال عسكري رسمي على شرف "غسل أدمغة المصريين"، والترويج لعناصر الجريمة في أوساطهم، وتحيط به ابتسامات بلاستيكية تصدر من قادة الجيش، وربما كان وزير التعليم الانقلابي حاضرا لنقل تجربته في تمثيل الإجرام للأطفال في المدارس. لم يقف الأمر في استقبال الممثل محمد رمضان الشهير ب"عبده موتة" عند هذا الحد، بل إن وزير دفاع الانقلاب صبحي صدقي انتفض واستقبله شخصيا، حينما علم بأنه أصبح مجندا لدى الجيش الذي استولى عليه من أموال المصريين، وأمنه على مستقبل زملائه من المجندين الغلابة، في أن يرفع درجة وعيهم، ويكسر الخوف من قلوبهم، من أجل هدف واحد هو التنازل عن الأرض، وتدمير العرض، وهلكة الحرث والنسل. هذا المشهد.. مع مشهد انتشار الدم في شوارع مصر على يد سلطات الانقلاب العسكري، والبلطجية الذين لا يجدون رادعا في ظل الانشغال التام بمطاردة شرطة الانقلاب للأبرياء في كل مكان، وضع المشهدان الأطفال أمام تحد كبير لم تتحمله أدمغتهم ولا قلوبهم الغضة؛ فتحول القتل وسفك الدماء والأسلحة إلى مفردات غير مدهشة للأطفال. مما لم يعد معه مستغربا ظهور أطفال مجرمين في تهم اغتصاب وقتل بشكل لم يعرفه أحد قبل "السيسي" و"موتة". جرائم الأطفال ولعل أول ما استفادت به وزارة تعليم الانقلاب من المجند "عبده موتة" كان زيادة معدلات الجريمة بين الأطفال، خاصة بعد أن تحول رمضان لرمز يسعى إليه الصغار والكبار الذي شاهدوه على قمة هرم السلطة وسط قيادات الجيش، وكأن لسان حال العسكر "علموا أولادكم القتل والاغتصاب والبلطجة"، بدلا من "السباحة والرماية وركوب الخيل". ونشرت وسائل الإعلام مؤخرا بعض جرائم أطفال "عبده موتة" والتي كان أحدثها اغتصاب طفل في الصف الأول الإعدادي لابنة عمه ثم قتلها، وقتل طالب عشريني جدته الأردنية مستغلا كبر سنها، ثم قام بخنقها، بعدما قام بكسر باب الشقة التى تقيم فيها للاستيلاء على مشغولاتها الذهبية والأموال التى كانت بحوزتها، وفى منطقة المطرية، قررت نيابة حوادث شرق القاهرة، حبس طالب لاتهامه بقتل والده بطعنة في القلب، بسبب وجود خلافات معه على المصروف داخل منزلهما، وآخر يغتصب طالبة جامعية، أثناء سيرها بالشارع بمنطقة القومية فى الزقازيق. ظاهرة الطفل القاتل وصلت إلى الصعيد، حيث أقدم طفل على قتل صديقه بسبب خلاف على تعليق زينة شهر رمضان بالشارع، بناحية "نزة الهيش" في محافظة سوهاج. وطفل أخر يقلد عبده موتة ويقتل اثنين آخرين في محافظة الشرقية، بعد أن أقدم على قتل اثنين آخرين خلال لعبه ب«فرد خرطوش»، داخل محل "سايبر"، بهدف تقليد الفنان محمد رمضان في فيلم «عبده موتة». أرقام خطيرة وكشفت إحصاءات المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن الأطفال المحكوم عليهم أو المحبوسين احتياطيًا بلغ عددهم أكثر من 10 آلاف طفل، بزيادة تصل إلى 25% عما قبل الثورة. كما كشفت الإحصاءات عن وجود زيادة لنسبة الأطفال المحكوم عليهم بالسجن بمدة تزيد عن عشر سنوات، حيث ارتفعت نسبتهم حتى وصلت إلى 23% من نسبة الأطفال المسجونين، وهذا ما يدل على أن الأطفال تطورت جرائمهم ووصلت إلى جرائم بشعة أدت إلى صدور هذه الأحكام ضدهم، كما كشفت عن عدم ميل القضاة إلى تطبيق أحكام مخففة متجاهلين المادة 111 من قانون الطفل، والمادة 17 من قانون العقوبات التى تجيز استخدام الرأفة والتى يمكن باستخدامها الحكم بوقف تنفيذ العقوبة وعدم الاتفاق مع قواعد الأممالمتحدة الدنيا بمعاملة الأطفال المنحرفين، والتى تلزم أن يكون سلب حرية الطفل فى أضيق نطاق، وأن يكون اللجوء للعقوبة هو الحل الأخير. وزادت نسبة المحكوم عليهم فى جرائم القتل العمد، إلى 20% من المحبوسين، كما ارتفعت نسبة الأطفال المتهمين في جرائم مخدرات وسرقة إلى50% من الأطفال المحبوسين في المؤسسات العقابية، في حين وصلت نسبة الأحكام بالحبس من 3 سنوات إلى سبع سنوات إلى 22.8% من الأطفال، وتراوحت باقى الأحكام بين نسبة الأطفال المحكوم عليهم بالحبس لمدة أقل من 3 سنوات، وبين باقى الأطفال المحكوم عليهم بعقوبات مختلفة، سواء سياسية أو التحريض على العنف أو التظاهر بدون ترخيص. أسباب جرائم الأطفال الخبراء أشاروا إلى أن من أهم أسباب انتشار الجرائم للأطفال، الفقر والجهل وانتقال الجينات الوراثية من الأبوين أو أحدهما إلى الابن خاصة الجينات التي لها دور في انحراف الطفل، بالإضافة إلى حالات الإدمان على المخدرات للآباء والأمهات والتي تنتقل إلى الأبناء؛ لأن الجينات الوراثية تتأثر بهذه الحالة وتنتقل هذه الجينات وهي محملة للقابلية إلى تعاطي المخدرات والإدمان عليها، وبذلك يخرج جيل جديد مدمن للمخدرات. وكشفت الإدارة العامة لمباحث الأحداث، عن ارتفاع نسبة أطفال الشوارع خلال الفترة الماضية إلى ما يزيد على 700 ألف طفل، في جميع المحافظات، مشيرة إلى أن أكثر المحافظات المنتشر بها أطفال شوارع هى القاهرة والإسكندرية والأقصر وأسوان. كما كشفت عن زيادة نسبة الأطفال المتورطون في جرائم، حيث كشفت عن أن هناك فئة كبيرة من الأطفال المقبوض عليهم متورطون في قضايا قتل ومخدرات وسرقة وشذوذ، وليس فقط تسول، موضحة أن الأطفال تبدأ بالتسول ومع التعرف على فئة كبيرة من الأطفال المنحرفين يتحول سلوكهم إلى الانحراف ويرتكبون الجرائم. كما كشفت دراسة جديدة بأحداث شمال الجيزة عن أن هناك 15 ألف جريمة ارتكبها الأطفال دون ال18 خلال عام 2016، منها 4730 قضية سرقة، و333 قضية مخدرات، و40 قضية هتك عرض، و200 مرور، و40 إصابة خطأ، و8 نصب، و217 ضرب، و4 قتل، و37 مظاهرات، و22 قضية سلاح ناري، و75 قضية سلاح أبيض، و11 قضية تموين، و8 قضايا دعارة، و11 تحريض على الفسق، و6 فجور، و5 خيانة أمانة.