فى اعتراف رسمى صريح بضلوع الولاياتالمتحدة فى ممارسة التبشير (التنصير) فى مصر، أصدرت السفارة الأمريكيةبالقاهرة رسالة أمنية لرعاياها فى مصر، تحذرهم من وجود معلومات حول إمكانية استهداف "المبشرات الأمريكيات" فى مصر فى عملية إرهابية! وطالبت السفارة رعاياها ضرورة اليقظة، واتخاذ كل الإجراءات الاحترازية؛ لضمان الحفاظ على أمنهم الشخصى، وقد تتبعتُ وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية فلم أجد تعليقا رسميا من مؤسسات الدولة المصرية!. وجاء رد الفعل المصرى الوحيد شبه الرسمى فى نفى د. إكرام لمعى المتحدث الرسمى باسم الكنيسة الإنجيلية، وجود مبشرات أمريكيات على الأراضى المصرية كم ادعت السفارة الأمريكية، مشيرا إلى أن السفارة الأمريكية من خلال مثل تلك التصريحات والتحذيرات تستهدف أغراضا معينة لإثارة الفتن والقلاقل داخل البلاد، لا سيما أن الأمريكان يعلمون تمام العلم أن كلمة "تبشير" تُثير الحساسية والغيرة لدى المسلمين، لافتا إلى أن الأمريكيات اللائى يعملن فى مصر هن مدرسات لغة إنجليزية فى مدارس اللغات أو الجامعة الأمريكية، مؤكدا أن الحديث عن مبشرات أمريكيات متفرغات فى المؤسسات المصرية لا أساس له على الإطلاق. والأسئلة التى تنتصب هنا عديدة: لماذا لم تحتج وزارة الخارجية المصرية بأقوى العبارات على هذا التدخل الأمريكى فى الشئون الداخلية المصرية، وزعزعة النسيج الاجتماعى والوحدة الوطنية؟ ولماذا رفع الأزهر الشريف وشيخه الجليل شعار "السكوت من ذهب" فلم نسمع له همسا؟ والأمر نفسه ينطبق على فضيلة وزير الأوقاف؟ وأين جهاز الأمن الوطنى وأذرعه الطويلة الموروثة والممتدة بامتداد الوطن فى مواجهة التهديدات بشق الصف الوطنى وإثارة الفتنة الطائفية؟ أسئلة حائرة تبحث عن إجابة من ذوى الشأن، خاصة مع مطالبة الرئيس مرسى قبيل رحلته الأخيرة لأمريكا بالمشاركة فى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن تغير واشنطن سياستها تجاه مصر والعالم العربى، وأن تدرك وجود اختلاف ثقافى بين البلدين. إن هذا التصريح المهين للسيادة المصرية يجب أن يفتح ملف التنصير فى مصر، ومعه كافة المؤسسات ذات النشاط المريب والجذور الماسونية؛ مثل: أندية الروتارى، والليونز، التى سبق وأغلقتها الدولة المصرية؛ لارتباطها بدوائر صهيونية عالمية فى الستينيات فى العهد الناصرى، الذى لا يمكن اتهامه باتخاذ قراره بناء على خلفية دينية بحتة، ولا ننسى أن قضية التنصير ارتبطت بالاستعمار الغربى للعالم العربى والإسلامى، وكانت القاهرة مقرا لأول مؤتمر تنصيرى عام 1906م، نظمه القس والمنصر الأمريكى صمويل زويمر، وجمع فيه الإرساليات التبشيرية لاستغلال انتشار الفقر والجهل والمرض فى معظم بلدان العالم الإسلامى لدعم الأهداف التنصيرية، التى لا تكتفى بالتنصير فحسب، بل ومعه أهداف خبيثة أخرى، والولاياتالمتحدة تزخر حاليا بالإرساليات التبشيرية، ومن أهمها: الجمعية التبشيرية الأمريكية التى يرجع عهدها إلى سنة 1810م، ومعهد صموئيل زويمر فى ولاية كاليفورنيا والمركز العالمى للأبحاث والتبشير فى كاليفورنيا. ويقدر تقرير أمريكى نشرته صحيفة "المصريون" بتاريخ 15-8-2007 أعداد الجمعيات والمنظمات التنصيرية فى مصر بقرابة 300، ويعمل بها ما لا يقل عن خمسة آلاف مصرى وألف وخمسمائة أجنبى مدججين بإمكانات هائلة، وتتركز أنشطتهم فى الأماكن الشعبية الفقيرة بالقاهرة، التى تتردى فيها الأحوال المعيشية؛ مثل: منطقة الكيلو أربعة ونصف، ومنشية ناصر، وعزبة الهجانة، والدويقة، والبساتين، ومصر القديمة، والمقطم، وجزيرة الدهب، والبحر الأعظم، وإمبابة... وكذلك فى بعض محافظات الصعيد. وبعد.. ليست الإثارة هدفا لهذا المقال، ولكن المطالبة بالتحقيق فى هذا الاعتراف الرسمى الأمريكى بوجود مبشرات أمريكيات فى مصر، واتخاذ الإجراءات الكفيلة للحفاظ على الوحدة الوطنية، والنظام العام، والسلام الاجتماعى، فى إطار القانون، واحترام حرية العقيدة لكل المصريين على حد سواء. -------------- [email protected]