كسب الرئيس محمد مرسي احتراما يحسد عليه من منتقديه في الأيام المائة الأولى من رئاسته بإعادته الجيش إلى ثكناته بأسرع مما كان يتوقع الجميع وتعزيزه لمكانة مصر الدولية في عدد من زياراته الخارجية التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة. لكن حظوظه السياسية وحظوظ جماعة الإخوان المسلمون التي جاءت به إلى السلطة ربما تعتمد على ما سيكون قد حققه فيما يتعلق بقضايا أكثر تأثيرا على الحياة اليومية مثل الازدحام المروري ونقص الخبز والوقود بحلول السابع من أكتوبر عندما تنقضي المائة يوم الأولى من حكمه كما وعد. وشملت الاختبارات الصعبة التي واجهها مرسي، المهندس المدني الذي حكم مصر، إدارة فترة ما بعد أحداث العنف التي شهدتها الاحتجاجات عند السفارة الأمريكية في سبتمبر ايلول والتي اثارها الفيلم المسيء للإسلام. وشعر دبلوماسيون أن استجابته كانت بطيئة لكنها كانت فعالة فيما يبدو حيث لم تلحق أضرارا تذكر بالعلاقات بين مصر والولاياتالمتحدة في حين حظى مرسي في الداخل بمصداقية لما أبداه من حساسية تجاه الغضب الشعبي. وتجنب مرسي في أغلب الأحيان الاستغراق في قضايا حساسة مثل الدور الذي ستلعبه الشريعة الإسلامية في الحكم والقوانين في مرحلة ما بعد الرئيس المخلوع حسني مبارك. ويدور هذا الجدل بين أصحاب الفكر العلماني وبين الإسلاميين داخل اللجنة التأسيسية المكلفة بوضع دستور جديد للبلاد. لكن نجاحات مرسي كانت تطغى عليها في وسائل الإعلام المصري دائما المشكلات المحلية ومنها الاحتجاجات العمالية التي تذكر بعمق المشكلات الاقتصادية التي أثارت الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحكم مبارك. يقول اقتصاديون إن المناخ لمثل هذه المشروعات تحسن منذ أن تم تحييد قادة الجيش. حتى منتقدي مرسي أعجبوا بسرعته في تهميش المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع في عهد مبارك على مدى نحو 20 عاما ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تولى السلطة من مبارك في فبراير شباط 2011. وأحيل طنطاوي وكبار قادة الجيش للتقاعد بمرسوم مفاجيء أصدره مرسي بعد ستة أسابيع فقط من بدء فترة ولايته. وبث مرسي النشاط والحيوية في السياسة الخارجية المصرية بانطلاقه في زيارات إلى أديس ابابا وبكين وطهران ونيويورك وأنقرة مع تبنيه ما وصفها بدبلوماسية متوازنة . وكان الكثيرون من المصريين يرون مبارك أداة لتنفيذ السياسة الغربية أو الأمريكية. وتحاور مرسي مع طهران في مسعى لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا وهو معلم هام في العلاقات بين البلدين بعد انقطاع العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد الثورة الإسلامية عام 1979. وقدم تطمينات بأنه لا مساس بمعاهدة السلام وعمق علاقاته مع الإسلاميين في تركيا. وتمضي الأمور بسلاسة أقل مع الولاياتالمتحدة التي تقدم لمصر مساعدات عسكرية ومساعدات أخرى بقيمة 1.5 مليار دولار سنويا. قال دبلوماسي غربي في القاهرة طلب عدم الكشف عن اسمه ليتمكن من تقييم الهجوم بشكل صريح :"ما فهمناه هو أنه شخص يحب أن يتروى .. يحب أن يأخذ وقته".