يحاول بعض الفاشلين سياسيا إيهامنا بأن عجلة الحياة تسير إلى الخلف وعكس عقارب الساعة أحيانا! فيلقون بأوهامهم على شكل تعليقات ومقالات تظهر أن شبح الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لا يزال يخيم على المشهد السياسى، وأن هذا الشبح يقلق الرئيس محمد مرسى والإخوان، ولا أعرف من الموهوم الذى أوهمهم بهذا الوهم. لقد ناضل الشعب المصرى من أجل نيل حريته، ونالها بعد جلاء الإنجليز الذين دخلوا مصر، وكانت وقتها مصر والسودان، وخرجوا منها فى عهد عبد الناصر بعد أن أصبحت مصر دولة والسودان دولة أخرى!. عبد الناصر قدم ما فى وسعه لخدمة بلده، لكن وسعه كان عقله الفردى الأحادى ومعه خبراء الاتحاد السوفيتى والكتلة الشرقية. اليوم الدنيا تغيرت ولم يعد للزعيم الفرد مكان فى عالم متعدد ومتنوع ومثقف ومتحرر من كل القيود بما فيها قيود السلطة والزعامة. ليس لعبد الناصر شبح يخيف الإخوان اللهم إلا شبح السجون والمذابح، أما غير ذلك فالإخوان هم من احتضن الضباط الأحرار ومن بينهم عبد الناصر، وليس بينهم وبينه ثأر فقد أفضى إلى ما قدم. تفسيرى لهوجة "شبح عبد الناصر" هو أن القوم من زعماء الناصرية قد أفلسوا سياسيا على مستوى إنتاج زعامات تحمل لواء فكرة الناصرية المتمثلة فى الاهتمام بقوى الشعب العامل، وبالطبقات المعدمة من الشعب وهى ليست بالقليلة، وكل ما فعلته الزعامات الحالية أنها سوقت نفسها على أنها ضد الليبرالية، ثم ألقى بعضهم نفسه فى حضن الليبرالية المتمثلة فى جمعيات حقوق الإنسان وترويج الديمقراطية على الطريقة الغربية الدولارية. لم يقدم الناصريون الجدد أى شىء لصالح الوطن سوى استدعاء عبد الناصر من قبره، ودعوة ابنه عبد الحكيم ليرفع اللواء، وهو الذى غاب لعقود عن المشهد السياسى، ولم يعرف عنه أى نشاط ولو حتى اجتماعى، يمكنه من الاقتراب أكثر من شعب مصر سوى انضمامه للثورة فى الميدان وهو عمل عظيم لكنه جاء متأخرا. الناصريون الجدد ليس لهم مشروع سوى يافطات وشعارات، ولم يقدم لنا أى منهم برنامجا سوى إعادة توزيع فقرات من خطب عبد الناصر ورفع صوره فى تجمعات (عشارية) أى بالعشرات فى بعض المناسبات. هل هذا هجوم على عبد الناصر، أبدا إنما هجوم وتوبيخ لمن لبسوا قميصه، وتدثروا بعباءته طلبا لمقاعد فى البرلمان... الله يرزقهم إن شاء الله. [email protected]