شهدت السنوات الأربع الأخيرة، التي أعقبت فض اعتصامي رابعة والنهضة، العديد من المراجعات الفكرية والتغيير في المواقف والاعتذار عن تأييد فض اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة والتي خلفت مئات القتلى والجرحى، والانضمام إلى صفوف المعارضة. من جانبه يقول الدكتور عصام حجي، العالم المصري بوكالة ناسا الفضائية، والذي اعتذر مؤخرا عن تأييده للانقلاب ومذبحة رابعة :" لن يعيد أي ترحم أو حزن من فقدوا، ولكن اليوم علينا أن نتذكر أن من قاموا بتعبئة الشعب مستغلين الأذرع الإعلامية الكاذبة للترويج لهذه المذبحة وتبريرها ما زالوا في قلاع محصنة، ينشرون منها الجهل والكره، ويفرقون الصفوف بين مختلف أطراف المجتمع".
ولم يشاهد المصريون القتل على الهواء للمئات من أبنائهم وأقاربهم كما حدث يوم 14 أغسطس 2013، حينها كانت الصدمة قوية، لم يفق من هولها الكثيرون حتى الآن، رغم مرور 4 سنوات كاملة.
مشهد الدم
كان فارقاً لدى البعض، ولكنه كان عاديًا، بل ومستحبًا من آخرين، انجرفت مشاعرهم وراء عدد من الإعلاميين الذي صوروا "رابعة والنهضة" كأنها بؤر شيطانية يجب استئصالها مهما كانت النتائج، فتمنى هؤلاء أن يقتل كل المعتصمين؛ حتى تستقر الأوضاع، وتهدأ البلاد، بعد اضطرابات شديدة أدى إليها الانقلاب.
ومنذ يوم "الفض" وحتى الآن كان البعض مقتنعاً بأن فض رابعة والنهضة الخطوة الوحيدة الباقية حتى تتهيأ الأمور لمصر، وتقفز إلى صفوف العالم المتقدم، إلا أن ما حدث بعد ذلك كان كافياً لتأكيد أن الاستقرار والتقدم لم يكونا إلا سراباً تمناه مؤيدو الانقلاب، فتخيلوه.
ومع قدوم الذكرى الرابعة لمجزرة "رابعة العدوية والنهضة" بدأت مشاعر البعض تقودهم إلى أن ما حدث كان جريمة، وبدأت عقول بعض آخر بالوصول إلى خطئهم في تأييد فض رابعة، والرقص على جثث الضحايا.
حازم عبد العظيم
اعتذر الدكتور حازم عبد العظيم، الناشط السياسي ومدير لجنة الشباب بحملة "السيسي رئيسًا" سابقًا، عن تأييده لفض اعتصام رابعة العدوية والنهضة، بعد أن كان أحد المؤيدين لفض الاعتصام.
وقال "عبد العظيم"الذي أصبح معارضًا لسياسات الانقلاب عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "رحم الله الأبرياء وربنا ينتقم ممن ظلموهم سواء النظام أو من قيادات الإخوان الذين ورطوهم بوجود أسلحة حتى لو كانت قليلة".
وأعلن ممدوح حمزة، الناشط السياسي، وأحد أبرز الداعمين لانقلاب 3 يوليو، عن سحب تفويضه الذي منحه للسيسي عقب الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي.
وقال حمزة على حسابه على موقع "تويتر": "أقرّ وأعترف أنني صدّقته ونزلت أفوضه، والآن يجب أن أسحب التفويض وبنفس الطريقة".
محمد غنيم
واعتذر الدكتور محمد رءوف غنيم، منسق تيار "الكتلة المصرية" سابقًا، عن تأييده لفض رابعة بالقوة، ودفاعه عن فض الاعتصام بتلك الآلية
وقال:"أنا آسف كنت فاهم غلط، فكلامي طلع غلط، عدائي مع الإخوان خلاني اصدق القصة الرسمية، ماكانش عندي معلومات حقيقية عن اللي حصل، ماكنتش عارف إن اللي حصل مذبحة وحشية، ماكنتش عارف ان القناصة كانوا بيصطادوا الضحايا وهما مستخبيين او بيحاولوا يهربوا، وشوية بشوية من بعد اليوم ده ابتدت تبان الحقيقة, من خلال صور وفيديوهات ومعلومات مؤكدة, وشهادات موثوق فيها بالنسبة لي بدرجة مليون في المية".
رفضوا الدم
وعبّرت حركة 6 أبريل عن اعتذارها عن "عدم نصرة ضحايا رابعة والنهضة"، مؤكدةً أنه "برغم الاختلاف لم نشارك في التفويض، ووقفنا ضده بكل قوتنا، لم نكن مع إراقة الدماء وانتهاك الكرامة والحريات والإنسانية، ولكن عذراً إن أخطأنا، عذراً إن كنا وقفنا مكتوفي الأيدي ولم نستطع فعل شيء آخر يحول دون وقوع هذا الجُرم".
ويعتبر الحقوقي جمال عيد، رئيس الشبكة العربية لحقوق الإنسان، أحد أكبر المناهضين لحكم الرئيس محمد مرسي، إلا أنه اعتبر أن "قتل المئات في بضع ساعات لا اسم له سوى مذبحة، حتى المحاكمة لا تضم القتلة"، في إشارة لعدم فتح تحقيقات حول ضحايا الفض، وفق تصريحات سابقة لمحاميهم.
وهو ما أشار إليه زميله المحامي الحقوقي، طارق العوضي، الذي أكد أنه "سيكتب التاريخ أن مصرياً قتل مصرياً بدم بارد، وكان هناك مصري يؤيد ويهلل للقتل، ومصري آخر يتاجر بالقتل، ومصري ثالث وقف ساكتاً عاجزاً، لكننا في النهاية جميعاً نحمل مسؤوليتها، اللهم إني أبرأ إليك من تلك الدماء".
أما الإعلامي يسري فودة، الذي كان أحد أبرز مهاجمي الرئيس محمد مرسي، والذي أخذ النظام يضيّق عليه إلى أن اختار المنفى الاختياري في ألمانيا، فاعتبر أن ما حدث في رابعة "جريمة ومذبحة".