كوارث انقلاب العسكر منذ 23 يوليو 1952 وحتى انقلاب 3 يوليو 2013م لا تتوقف، فمنذ سطا العسكر على حكم البلاد منذ 6 عقود وحل الخراب على البلاد، فباتت من أفقر بلاد العالم برغم ما تتمتع به مصر من ثروات طبيعية هائلة وسياحة وكنوز أثرية تضم ثلث آثار العالم وشواطئ تمتد على سواحل البحرين المتوسط والأحمر والنيل والبحيرات الداخلية، وموقع متميز وقناة السويس ولكن كل هذا لم يشفع أمام فشل العسكر المزمن حتى باتت بلادنا في ذيل الأمم تستورد كل شيء حتى غذاءها ويقوم اقتصادها على المنح والمساعدات الخارجية والقروض. وآخر هذه الكوارث هو تهديد ما بين 8 إلى 10 ملايين من العاملين في قطاع المعمار والتشيد والبناء بالتشرد على خلفية رفع أسعار الوقود مرتين في أقل من عام حتى ارتفع بنسبة 400% مقارنة بأسعار ما قبل انقلاب 3يوليو 2013م.
وتصاعدت حدة الأزمات التي تعانيها شركات المقاولات ولا سيما تلك التي ترتبط بعقود مع حكومة الانقلاب، فتأخر صرف المستحقات من جهة وارتفاع أسعار المواد الخام من جهة أخرى يهددان الشركات بالإفلاس ما دفعها إلى تسريح آلاف العمال أسبوعيا.
وكشف المهندس سهل الدمراوي، عضو اتحاد مقاولي التشييد والبناء في تصريحات صحفية، أن شركات المقاولات في كارثة حقيقة ولا تقتصر على المستثمرين فقط، بل تمتد إلى كافة العاملين لتصل إلى ما بين 8 و10 ملايين عامل في قطاع المقاولات، مشيرًا إلى خروج أكثر من ألفي شركة مقاولات من السوق، وأن معدل تسريح العمالة في ازدياد مستمر.
"5" آلاف شركة مهددة بالإغلاق
وفي تقارير سابقة نقلنا عن مصادر مطلعة إغلاق 2000 شركة في عام 2016على خلفية الغلاء ورفع سعر صرف الدولار إلى 18 جنيها بعد قرارات 3 نوفمبر الكارثية. ولكن تقارير حديثة في 2017 تكشف أن هناك 5 آلاف شركة أخرى مهددة بالإغلاق بعد هذه القرارات الكارثية التي يؤكد خبراء أنها لم تكن مدروسة ولم يتوقع متخذوها كل هذه التداعيات الكارثية.
كما أثار تأخير صرف تعويضات فروق أسعار مواد البناء التي أقرتها حكومة الانقلاب عقب تطبيق قرار تعويم الجنيه، حالة من الغضب الشديد في أوساط شركات المقاولات المتعاقدة مع الحكومة، حيث لجأت إلى تسريح العديد من العاملين لديها بعد تنامي الأزمة المالية التي تواجهها.
ووفقًا لمسؤولين في الغرف التجارية، فإن مشروعات الطرق تعد الأكثر تضررا من قرار خفض دعم الوقود نتيجة زيادة أسعار الخامات التي تستخدمها بنسبة 50%، مشيرين إلى ارتفاع أسعار الوحدات السكنية بنسبة تراوح بين 15% و20% في ظل ارتفاع كلفة أعمال البناء والتشييد.
وشهدت أسعار مواد البناء ارتفاعا ملحوظا بعد خفض دعم المواد البترولية، حيث ارتفع سعر الحديد من 9.7 الآف جنيه للطن في شهر يونيو إلى 11.3 ألف جنيه خلال يوليو الحالي. وارتفع سعر الإسمنت إلى 860 جنيها مقابل 650 جنيها خلال الفترة ذاتها.
وقف مرتبات وتسريح العمالة
ونقلت صحيفة العربي الجديد عن محمود سليمان الذي وصفته بمهندس معماري في إحدى شركات المقاولات، أنه لم يتقاض مع زملائه رواتبهم منذ ثلاثة أشهر بسبب عدم وجود سيولة لدى شركته المتعاقدة مع وزارة الإنتاج الحربي من الباطن لتطوير عدد من محطات السكك الحديدية نتيجة تأخر الوزارة في صرف الدفعات المستحقة للشركة، لافتًا إلى أن هذه الأزمة انعكست على أنشطة الشركة وتسببت في عدم قدرتها على إنجاز أعمال المحطات المتعاقدة على تطويرها.
وفي تصريحات له في يناير الماضي، كشف رئيس مجلس إدارة الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، حسن عبد العزيز، أن جميع شركات المقاولات المسجلة في الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، والبالغ عددها 30900 شركة معرضة لخطر الإفلاس.
وأكد مصدر مطلع في الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، رفض الإفصاح عن هويته، أن قرار الحكومة بشأن زيادة أسعار الوقود الصادر في 29 يونيو الماضي، أثر سلبا على قطاع المقاولات، حيث دخلت 5 آلاف شركة تعمل في هذا القطاع دائرة التعثر نتيجة الخسائر التي تكبدتها بعد ارتفاع أسعار مواد البناء بمتوسط 25% خلال يوليو الجاري.
وكشف المصدر عن أن 70% من مشروعات الإسكان والطرق توقف العمل فيها خلال الأيام القليلة الماضية في ظل تنامي الأزمة المالية الطاحنة التي تعاني منها، فضلا عن تأخير صرف تعويضات فروق أسعار مواد البناء التي أقرتها الحكومة لمعالجة الخلل في التعاقدات مع المقاولين بعد تطبيق قرار تعويم الجنيه.
وقدرت اللجنة المشكّلة من الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء لتحديد قيمة تعويضات شركات المقاولات، المستحقة لها عن ارتفاع سعر الدولار، بنحو 10 مليارات جنيه.
وأشار المصدر إلى أن العقود التي تنفذها معظم شركات المقاولات خلال الفترة الحالية تم إبرامها مع الجهات الحكومية المختلفة في 2013، وبالتالي فإن الكلفة ارتفعت بنسبة تتجاوز 100% وتعويضات فروق الأسعار تمثل 25% فقط، ورغم ذلك فإن التعقيدات الإدارية ما زالت تحول دون صرف التعويضات رغم أن خسائر الشركات تصل إلى 75%.