في الوقت الذي توجه في الأمير الأردني، زيد بن رعد الحسين، المفوض السامي لحقوق الإنسان بجنيف التابع للأمم المتحدة، إلى الانقلابيين في مصر، ناصحًا بضرورة البحث عن حلول أخرى غير الاعتقالات العشوائية بأعداد كبيرة، والتعذيب في السجون، والإجراءات الأمنية العنيفة، مخافة أن تدفع لمزيد من "التطرف" بالسجون، انبرى دبلوماسيو عبدالفتاح السيسي، ومنهم المتحدث الرسمي باسم "خارجية" الانقلاب، إلى إدانة التصريحات، مثبتا إياها بشكل آخر، عندما اعتبر أن تلك الإجراءات- الموصومة بالخطأ والمثبتة لدى المفوض الأممي- مهمة لمواجهة "الإرهاب .. ظاهرة عالمية تضرب كل المجتمعات على السواء، ولا تميز بين المنتمين لثقافات أو ديانات معينة". ولم يلتفت "أحمد أبوزيد" إلى متن المطلب الحقوقي، بل اتجه إلى "توقيت مجلس حقوق الإنسان، ليس فيه في حالة انعقاد، ولا توجد إحاطة منتظرة من جانبه عن حالة حقوق الإنسان في أي من دول العالم، وفي توقيت يثير علامات استفهام حول مغزى وهدف إصدارها". وبمزيد من التبرير، اتهم "أبوزيد"– كأفضل وسيلة للدفاع – المفوض السامي الأمير الأردني بعدم اتخاذ "مواقف مشابهة" حيال ما افترض أنه واجب "قوات إنفاذ القانون في مصر" ضد ما تتعرض له من "قتل وقنص وترهيب"، وخلط بين ذلك وما وصفه بالتصريحات النارية ضد قنوات فضائية تبث سموم الكراهية وتحرض على العنف وتمجد الأعمال الإرهابية. إجراءات لاحقة وبغض النظر عن تعليلات زيد بن رعد، إلا أنه علاوة على التعذيب والاعتقالات، ضم المفوض السامي لحقوق الإنسان إلى لائحة الإجراءات الأمنية، "حالة الطوارئ" و"الحملة الصارمة على المجتمع المدني، متمثلة في قرارات المنع من السفر وأوامر تجميد (الأرصدة) وقوانين منع التظاهر"، مضيفا أنها "كلها عوامل نعتقد أنها تسهل التطرف في السجون وتدعمه"، معتبرا أنها "ليست الوسيلة لمحاربة الإرهاب"، وذلك بعد "الاعتقالات بأعداد كبيرة والتقارير عن عمليات تعذيب واستمرار الاعتقالات العشوائية". وقال "الأمير زيد"، في مؤتمر صحفي في جنيف: "في مصر، أدين بشدة الهجوم على الكنيسة القبطية الشهر الماضي. مرة أخرى لا نقلل من خطورة التحديات التي تواجه مصر أو أي دولة أخرى في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف". والأمير زيد يشير إلى هجومين انتحاريين استهدفا كنيستين في مدينتي طنطا والإسكندرية، الشهر الماضي، وأسفرا عن مقتل 45 شخصا على الأقل. وتشكو منظمات حقوقية في مصر من أنها تتعرض لضغوط غير مسبوقة لمنعها من أداء عملها. وتقول الحكومة إن الانتهاكات فردية ويحال مرتكبوها للمحاكمة. كما تطالب بأخذ الأمن بعين الاعتبار عند الحديث عن وضع حقوق الإنسان في البلاد. انتقادات سابقة وكشف الحقوقي أحمد مفرح، في يناير قبل الماضي، عن أن لجنة التنسيق الدولية للمجالس الوطنية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، تطالب المجلس القومي لحقوق الإنسان بمصر باحترام المهنية في عمله، وتقرر النظر فى إعادة اعتماده. واعتبر أن "لجنة التنسيق" تقرر من وراء القرار إعادة النظر في الاعتماد الخاص بمجلس حقوق الإنسان في مصر. اللجنة تطالب المجلس القومي لحقوق الإنسان بالنظر في قضايا حقوق الإنسان في مصر بطريقة متوازنة وغير متحيزة. وعلق الصحفي قطب العربي على ذلك، بأن اﻷمم المتحدة هددت المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر بإعادة النظر في اعتماده؛ بسبب افتقاده للمهنية والموضوعية، وتبريره للانتهاكات التي ترتكبها السلطات ضد المواطنين، هذا التهديد لم يأت من فراغ، ولكنه جاء نتيجة جهود العاملين في الملف الحقوقي ضد سلطة الانقلاب، فتحية لهم". وهو دور مشابه لما أعلنه أخيرا زيد بن رعد بخصوص طريقة التعامل الأمني مع المصريين من قبل سلطات الإنقلاب.