أثار حكم محكمة العدل الأوروبية بحظر حجاب المسلمات في أوروبا، والسماح بطرد المحجبات من العمل، عاصفة من الانتقادات من قبل سياسيين أوروبيين وجماعات مدافعة عن حقوق الإنسان وزعماء دينيين. حيث قالت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، إنه لا يحق للحكومة أن تحدد للنساء ما يلبسنه، بعد أن قضت أعلى محكمة بالاتحاد الأوروبي بأن الشركات يمكنها حظر ارتداء الحجاب بشروط معينة. وقالت ماي، أمام البرلمان ردا على سؤال عن الحكم: "لدينا تقليد راسخ في هذا البلد الذي يحترم حرية التعبير، وهو حق جميع النساء في اختيار ما يلبسنه، ولا نعتزم سن قوانين فيما يتعلق بذلك". وأضافت "قد تأتي أوقات يصح فيها طلب رفع الحجاب، مثل أمن الحدود أو ربما في المحاكم، والمؤسسات منفردة يمكنها وضع سياسات خاصة بها، لكن لا يحق للحكومة أن تحدد للنساء ما يلبسنه". فيما طرحت شبكة "BBC" العربية استفتاء حول ظاهرة استنكار قرار المحكمة الأوروبية، وقال برنامج "BBC Arabic Talking Point" في استفتائه: "هل ترون قرار حظر الحجاب في أماكن العمل في أوروبا مشجعا أم معرقلا للجاليات على الاندماج في المجتمعات الأوروبية؟". العفو الدولية من جانبها، حذرت منظمة العفو الدولية من قرار المحكمة الأوروبية، واعتبرت المنظمة أن القرار يعد تمييزا ضد المرأة، وأن من شأنه أن يعطي فسحة أكبر أمام أرباب العمل للتمييز ضد النساء والرجال على أساس المعتقد الديني. الإندبندنت أما عن ردود فعل المسلمين أنفسهم في المجتمع الأوروبي، فكتبت الصحفية والناشطة "صوفيا أحمد"، أن "الإسلام والمسلمين لم يصبحا موضع ترحيب فى أوروبا"، مشيرة إلى أن ذلك الحكم القضائى يؤدى إلى زيادة تهميش المسلمات ودفعهن خارج نطاق الحياة العامة. وقالت أحمد، فى مقالها المنشور بصحيفة "الإندبندنت" البريطانية، اليوم، إنه «مع حظر فرنسا للنقاب عام 2010، واتجاه دول مثل ألمانيا إلى أن تحذو حذوها، فإن الاتجاه نحو تكريس ظاهرة الإسلاموفوبيا أصبح شائعا على نحو متزايد". وتابعت "أنصار هذه السياسات يقدمونها للرأى العام فى أوروبا على أنها إجراءات لتحرير المرأة المسلمة من أغلال متصورة للإسلام، لكن الواقع أن هذه القوانين ما هى إلا إجراءات اجتماعية تمييزية مصممة لمحاولة دفع المسلمات لتبنى الهوية العلمانية". ورأت الكاتبة أن قرار المحكمة مشابه للتشريعات المعادية لليهود التى صدرت فى ألمانيا قبل الحرب العالمية الثانية، فى إشارة إلى قوانين نورمبرج عام 1935، التى استهدفت الفصل القانونى والاجتماعى بين اليهود والألمان. الجارديان واصلت الصحف البريطانية، الصادرة صباح الأربعاء، تركيزها على القرار، ونشرت صحيفة الجارديان موضوعا للكاتبة إيمان عمراني، بعنوان "حكم الحجاب بمثابة منع للمسلمات". وقالت عمراني: إن "الهوية الدينية لا يمكن أبدا أن تتحول إلى شيء يمكن للنساء خلعه في الأماكن العامة"، مضيفة أن الحكم القاضي بالسماح للشركات بفصل المسلمات اللاتي يرتدين الحجاب في أماكن العمل، قرار "سيحول الحجاب إلى رمز للمقاومة". وأضافت أن قرار المحكمة أكد أن منع الحجاب يمكن أن يتم فقط كجزء من قرار أعم وأوسع يمنع ارتداء الرموز الدينية لكل الأديان والرموز السياسية أيضا. وشددت عمراني على أن "كل ما سبق لا يمنع حقيقة أن الجاليات المسلمة في الغرب هي المستهدفة بهذه القرارات والأحكام. تقارير إيطالية وعرضت صحيفة "لسبريسو" الإيطالية تقريرا يوضح آراء عدد من سيدات الجالية الإسلامية في إيطاليا. وتقول سمية عبدالقادر، التي تعمل في بلدية ميلانو: إن قرار حظر الحجاب أثار في نفسها عددا من المخاوف، حيث إن كل دعاوى التسامح والحيادية ذهبت أدراج الرياح في مواجهة التعصب الديني لمن لا يريد وجود أصحاب الثقافات الأخرى على الأراضي الإيطالية. وتعجبت نادية أبو زكرى، رئيس رابطة شباب المسلمين في إيطاليا، من صدور مثل هذا القرار، عقب أيام قليلة من الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، على الرغم من التغني بدعوات تحرير المرأة من الظلم والقهر، على الرغم من أنهن يشاركن بكل إخلاص في دفع الاقتصاد الوطني. قرار ظالم وأجازت محكمة العدل الأوروبية (أعلى محكمة في الاتحاد الأوروبي)، في وقت سابق من مساء الثلاثاء، للشركات حظر ارتداء الحجاب، وغيره من الرموز الدينية الواضحة على موظفيها، واعتبرت ذلك إلزاما وظيفيا، ومنافيا للتمييز. وأصدرت المحكمة قرارها ردّا على حالتين، واحدة في فرنسا والأخرى في بلجيكا، لسيدتين مسلمتين قالتا إنهما تعرضتا للتمييز، وتم طردهما من العمل بسبب ارتدائهما الحجاب. ولم تر المحاكم المعنية في الدول المذكورة في ذلك "تمييزا" ضد السيدتين، ما أدى إلى رفع القضية إلى محكمة العدل الأوروبية.