"قنديل" مستنكرا: كيف حال مصر بعد "ميسي"؟

أكد الكاتب الصحفي وائل قنديل، أن مصر أكبر من كل حكامها الصغار الذين يقزّمونها ويهينون تاريخها، ويربطون مستقبلها بحذاء لاعب كرة، موضحا أن مصر ما بعد زيارة لاعب برشلونة، ليونيل ميسّي، ليست مصر التي قبل الزيارة، موضحا أن هذا نص واحد تكرّر، بتنويعاتٍ مختلفة، في كتابات صحافيي عبد الفتاح السيسي الذين ضموا الزيارة الميمونة إلى رصيد إنجازات جنرالهم البائس.
وقال قنديل -خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد" اليوم الجمعة- "دعك من الملايين التي أنفقت من أجل التقاط صورة لميسّي، عند الهرم الأكبر، وتأمل معي هذا الحشد من الوزراء والمسؤولين، والإعلاميين ورؤساء التحرير، الذين تم شحنهم في سيارات إلى مكان المهرجان، وكأنهم مجموعةٌ من تلاميذ المدارس الحكومية، جرى اصطحابهم للغناء في كورال ركيك، احتفالاً بزعيم دولة عظمى، يتعطّف على وطنٍ تعيس بزيارة".
وأضاف أن هذه المبالغة في الاحتفال بلاعب كرة، جاء من أجل دعم حملةٍ تتبناها منظماتٌ دوليةٌ لمكافحة أمراض فتّاكة في البلاد الأكثر مرضاً، لم تحدث في تاريخ مصر، إلا في مناسباتٍ معدودة على أصابع اليد الواحدة، وكانت مع زعماء دول، بدءً من زيارة الرئيس الأمريكي، ريتشارد نيكسون، في أيام أنور السادات، وسخر منها الثنائي أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام بأغنية "شرّفت يا نيكسون بابا" ثم زيارة الرئيس الفرنسي "فاليري جيسكار ديستان والست بتاعته كمان"، بتعبير ثنائي الأغنية المتمرّدة، ثم زيارة الرئيس الأمريكي، المنتخب حديثاً في ذلك الوقت من مايو2009، وهي التي عطلت كل مناشط الحياة في مصر، واعتبرها النظام شهادة في حق مصر الرسمية، وراح الإعلام المطبل يردد أن مجيئ باراك أوباما إضافةً وانتصاراً للقاهرة، ثم أخيراً، زيارة العاهل السعودي، الملك سلمان، وهي التي أفقدت إعلام السيسي صوابه.
وقال إن كل ما سبق من مظاهر طفولية يعبر عن إحساس حقيقي لدى نظام السيسي ومنصاته الإعلامية بالضآلة والرخص، إلى درجة أنهم يعتبرون وصول لاعب كرة فتحاً مبيناً ونصراً كبيراً، من دون أن يسأل أحد حملة المباخر نفسه: هل توجد دولةٌ في العالم تعتبر زيارتها لأسباب تتعلق بتصنيفها ضمن الأكثر إصابةً بفيروس سي يوم عيد؟.
وأشار إلى ما كتبه أحد الساخرين في منصات التواصل الاجتماعي قائلاً "اليوم الخميس هو ثاني أيام ما بعد زيارة ليونيل ميسّي، أعاده الله على الأمة بالخير واليمن والبركات"، تعبيراً عن سخريةٍ مريرة من مهانةٍ قومية، نقلت زيارة لمكافحة مرض التهاب الكبد الوبائي، من الصحة إلى السياسة والسياحة، فاشتغل الإعلام على تصويرها اختراقاً سياسياً، ونجاحاً سياحياً، ستعقبه هرولةٌ على مطارات دول العالم، من أجل السفر إلى مصر، المريضة بفيروس سي.
وتابع: "غير أن المتغير الأهم الذي دفعهم للنفخ في زيارة ميسّي هو توالي اندلاع الفضائح السياسية للسيسي، قادمة من تل أبيب، خصوصاً ما كشفه نتنياهو عن استدعائه جنرال الضرورة، سراً إلى غرفة مظلمة في العقبة، وما أذاعه وزير الحرب الصهيوني عن تنفيذ ضربات إسرائيلية في سيناء، وليس انتهاء بتأكيد جنرال صهيوني خطة السيسي لتوطين الفلسطينيين في سيناء".