مع بدء حكومة الانقلاب عمليات حذف الملايين من المستفيدين من دعم السلع ونقاط الخبز تلبية لشروط صندوق النقد الدولي، طفت على السطح أزمات كبيرة تتعلق بعشوائية الإجراء الذي طال قطاعا كبيرا من الفقراء، ولم يقترب إلا نادرا من فئات ثرية تحصل على الدعم دون وجه حق. ومن أهم الفئات التي لم تجرؤ الحكومة على الاقتراب منها، ضباط الجيش والشرطة والقضاء وكبار موظفي الدولة من درجة مدير عام وما فوق، ونواب البرلمان وأعضاء السلك الدبلوماسي الذين يتقاضون رواتب خيالية، ورغم ذلك يطمعون في الجنيهات القليلة المخصصة للفقراء ومعدومي الدخل. حذف «30,9» مليونا ونشرت وسائل إعلام موالية للعسكر، خلال الأيام القليلة الماضية، خطة حكومة الانقلاب بشأن المنظومة الإلكترونية ل"شبكات الأمان الاجتماعي"، التي أعدتها وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري بحكومة الانقلاب، والتي تظهر أن من بين إجراءات حساب الموازنات، استبعاد المستفيدين "المستحقين" من صرف السلع التموينية والخبز المدعوم في الشريحتين الأولى والثانية بإجمالي 30.9 مليون مواطن، بما يناظر 37.8% من إجمالي صرف المستفيدين من هذه الخدمات. وتوضح الدراسة أنه سيتم حساب مبالغ الدعم التي سيتم توفيرها من خدمات الدعم المختلفة بناء على تخصيص دعم السلع التموينية ب 18 جنيها للفرد، وأن دعم الخبز 45 جنيها للفرد. وتؤكد الأرقام المتداولة في دراسة الحكومة، أنها بصدد حذف 45 مليونا من المقيدين ببطاقات التموين، وهي الشرائح التي تصنفها الحكومة بالفقيرة والأكثر فقرا.. وذلك رغم غياب قاعدة البيانات التي تتضمن معلومات حقيقية عن كل حالة، ما سيسفر بلا شك عن حذف ملايين المستحقين، بينما لا تجرؤ الحكومة على المساس بفئة الأثرياء. توفير «23,4» مليارا وأكدت الدراسة أن قيمة "موازنات الوفر" هي حاصل ضرب أعداد المستبعدين وهم 30.9 مليون مواطن في 18 جنيها قيمة دعم السلع التموينية، إضافة إلى 45 جنيها لدعم الخبز، وذلك في 12 شهرا، سيبلغ حجم "مبالغ الوفر" في موازنة الدعم 23.4 مليار جنيه سنويا. جدير بالذكر أن وزارة التموين قررت قبل نحو شهرين، زيادة البطاقات التموينية من 18 جنيها إلى 21 جنيها، اعتبارا من شهر ديسمبر، بما يعني زيادة في موازنة الوفر حال استبعاد الشريحتين الأولى والثانية. «37.8%» للأغنياء وتؤكد الدراسة أن نحو 17.6% من الدعم يذهب إلى طبقة أغنى الأغنياء، وحصلت طبقة الأغنياء على نسبة 20.2% من الدعم، والطبقة المتوسطة 20.5%، والطبقة القريبة من الفقر 20.8%، وطبقة أفقر الفقراء 20.9%. وتوضح الدراسة أن نحو 81.6 مليون مواطن يحصلون على دعم السلع التموينية من أصل عدد سكان مصر البالغ أكثر من 91 مليون مواطن، بما يعادل 19.9 مليون بطاقة تموينية. عشوائية الحذف تطال الفقراء الواقع يؤكد أن طريقة الحذف تتم بصورة عشوائية طالت الفقراء ولم تقترب من الأثرياء، على الرغم من مزاعم الحكومة عكس ذلك. توالي المشكلات أرغم نواب البرلمان الموالي لسلطات الانقلاب على تقديم العديد من طلبات الإحاطة والبيانات العاجلة، بشأن الحذف العشوائى للأسماء بالبطاقات التموينية، إلا أن الأزمة ما زالت مستمرة، ويبدو أن وصول عدد الوزارات المعنية ل7 جهات تسبب فى حدوث بعض الاضطرابات التى انتهت بالحذف العشوائى، بحسب موقع "برلماني"، المعبر عن برلمان العسكر. ورغم تأكيد وزارة التموين بحكومة الانقلاب إعادة أى فرد تم حذفه خلال شهر يناير الماضى، لكن جاء دون جدوى، ما أدى الى استياء عدد كبير من عدم صرف كامل مستحقاتهم من السلع التموينية المدعمة، خاصة فى ظل معاناة ما يقرب من 15% من المسجلين على البطاقات؛ نتيجة عدم انتظام صرف السلع لهم بشكل شهرى؛ بسبب أخطاء الشركات المنفذة. ويشار إلى أن المرحلة الأولى تتضمن حذف المتوفين والمسافرين خارج البلاد لمدة 6 أشهر فقط، على أن تتضمن المرحلة الثانية حذف غير مستحقى الدعم، وهم الأغنياء بحسب مزاعم الحكومة. من جانبها نشرت صحيفة "الشروق"، الموالية للعسكر، في عدد اليوم الثلاثاء، تقريرا موسعا حول الأزمة، جاء بعنوان ««الشروق» تحقق في الاستبعاد الخاطئ من بطاقات التموين: أينما تكونوا يدرككم الحذف».. ونقلت عدة نماذج من مواطنين مستحقين للدعم يقصّون شهاداتهم على عشوائية الحذف، وأكدت أن حالة من الغضب العارم تنتاب هؤلاء الذين تم استبعادهم أو استبعاد بعض أفراد أسرهم بغير حق. ونقلت عن المتحدث باسم نقابة بقالى التموين ماجد نادى، أن أزمة الحذف الخاطئ من البطاقات التموينية ما تزال مستمرة، ولم يتم تداركها من الوزارة والشركة المسئولة، مشيرا إلى أن الأيام الماضية شهدت تزايد حدة الشكاوى من المواطنين، مطالبا بسرعة إنهائها. من جانبه، قال مصدر مسئول فى وزارة التموين، إن أزمة الحذف العشوائى للمواطنين من على البطاقات التموينية حملت الوزارة مسئولية كبيرة، رغم عدم تبعية مشروع البطاقات لها، مضيفا أن المواطن البسيط معذور، فهو يمتلك بطاقة يريد من خلالها الحصول على مستحقاته كاملة من السلع دون نقصان، ولا يدرى من المسئول عن الإشراف على البطاقات والتنقية. وأكد المصدر أن وزارة التخطيط تتحمل مسئولية عملية التنقية وإجراءات الحذف، التى ستُسلم مهمة الإشراف على شركات البطاقات إلى وزارة الإنتاج الحربى خلال الأيام المقبلة، كاشفا عن أنه تم توقيع البروتوكول بين الوزارتين، ولا يتبقى سوى نقل البيانات. لماذا لا يقترب الحذف من هؤلاء؟ من جانبه، يقر الدكتور نادر نور الدين، مستشار وزير التموين الأسبق، بأن هناك ملايين لا يستحقون الدعم بالفعل، ويحصلون عليه دون وجه حق. واقترح نور الدين- في تصريحات صحفية اليوم الثلاثاء- حذف جميع أساتذة الجامعة ورجال القضاء والنيابة وضباط الجيش والشرطة والدبلوماسيين ورجال القيادات العليا من درجة مدير عام في كل الوزارات، مطالبا الشرائح السابقة بالتعفف عن 71 جنيها من الحكومة. وبحسب مراقبين، فإن الحكومة تتناول حبوب الشجاعة فيما يخص الفقراء، ولا تجرؤ أبدا على المساس بطبقة الأثرياء والجنرالات.