كتب محمد مصباح: بالأمس شهدت محافظة الجيزة انقطاع المياه عن 22 منطقة بالمحافظة، لمدة جاوزت ال48 ساعة، فيما تكرر الأمر في محافظات الصعيد.. وتارة تبرر الحكومة بتعديل خطوط المياه لأجل مترو الإنفاق، وتارة بالسدة الشتوية، التي تعطل عمليات سحب المياه في محطات المياه الممتدة على النيل. فيما تزايدت في الفترة الأخيرة أعداد الجزر في وسط مجرى نهر النيل، ممع تفاقم انخفاض منسوب المياه في مجرى النهر، منذ نهاية شهر يناير الماضي.. ما أدى لتعطل العديد من محطات المياه والكهرباء الممتدة على طول النهر. الأمر الذي برره بعض مسئولي حكومة السيسي بالسدة الشتوية.. وهو إجراء تلجأ إليه وزارة الري في مثل هذا الوقت كلّ عام، بحجة تنظيف الترع والمصارف من الحشائش، وتطهير مآخذ المحطات، بانخفاض منسوب المياه في نهر النيل. فبموجب "السدة" تمنع الوزارة تدفق مياه النيل من منابعه في أعالي النهر إلى الأفرع والترع. وهو ما أدى إلى توقف المئات من محطات مياه الشرب النقية في المحافظات، لفترات تتجاوز 10 ساعات وقد تمتد يوماً كاملاً، كما تسببت "السدة" في انخفاض منسوب المياه في الترع والمصارف التي تستخدم في ري الأراضي الزراعية. في هذا الإطار، نفى مسئول حكومي ما تردد عن عطل في محطات المياه بسبب انقطاع التيار الكهربائي في عدد من محافظات الصعيد أخيرا، وأدى إلى تضرر بعض مولدات محطات المياه، ما أثر على السحب. وأكد المسئول في تصريحات صحفية، أن ذلك لا أساس له من الصحة، فوزارة الري لم تجر خلال أيام "السدة الشتوية" الأولى التي بدأت رسميا الأسبوع ما قبل الماضي عمليات تطهير الترع ومآخذ محطات المياه بالتعاون مع الشركة القابضة للمياه، بسبب عدم وجود اعتمادات مالية، مشيرا إلى أن "السدة الشتوية" ستستمر في شهر فبراير الحالي. اختفاء مياه النيل بأسوان وظهور جزر بالقرب من السد العالي سد النهضة واعتبر المسئول الحكومي أن انخفاض منسوب المياه في النيل إلى حد ظهور جزر طينية في النهر في عدد من المحافظات لم يحدث من قبل، وهو مؤشر خطير على انخفاض منسوب المياه في النيل خلال الأشهر المقبلة، خصوصا عقب تشغيل "سد النهضة" الإثيوبي الذي يعد بمثابة كارثة تهدد حصة مصر من المياه. أضاف أن هاجس الخوف على مستقبل المياه في مصر يتسرب إلى كثير من المواطنين الذين ينظرون إلى النيل خلال تلك الأيام، في ظل وجود نقص كبير في مياه مجرى النهر. وقال: "هناك تخوف كبير على توقف توربينات الكهرباء في السد العالي على المدى الطويل، خصوصا في ظل توقف عدد منها حاليا نتيجة نقص المياه وانخفاضها في بحيرة السد العالي.. وهو الذي يعتبر المصدر الرئيسي للكهرباء والمياه. ومن المتوقع أن يبدأ المصريون مواجهة نقص المياه اعتبارا من صيف العام المقبل، الذي يوافق انتهاء إثيوبيا من بناء سد النهضة. وتسبب نقص المياه في الترع والمصارف في المحافظات بعطش الكثير من الأراضي الزراعية، فقد توقفت مياه الري عن الوصول إلى آلاف الأفدنة في العديد من القرى. وهو ما يهدد مساحات شاسعة بالجفاف، كما سيؤثر على عدد كبير من المشاريع الزراعية. كذلك، سيتوقف الكثير من مشاريع البناء التي تعتمد اعتمادا كبيرا على المياه، خصوصا بعدما أقرت الشركة القابضة لمياه الشرب في مصر للمرة الأولى بالنقص في كميات المياه اللازمة لإنشاء شبكات جديدة تطالب بها الحكومة. "بلاش نتكلم في التفاصيل".. هل بدأ الجفاف وسنوات السيسي العجاف؟! في ظل هذا الوضع، تعالت صيحات مصريين من انقطاع المياه خلال الساعات الماضية.. وقد بدأ بعضهم في استخدام طرق بديلة، كما هو الحال مع "الطلمبات الحبشية" التي تسحب المياه من باطن الأرض للتعويض عن انقطاع المياه، على الرغم من خطر اختلاط المياه بالتربة، ما يؤدي إلى أمراض الفشل الكلوي.. بينما البعض اشترى جراكن للاحتفاظ بالمياه لدى وصولها بعد منتصف الليل. ورغم تلك المخاطر المتصاعدة لا تعبأ حكومة الانقلاب بتطورات سد النهضة، بل يتجاهله السيسي خلال حديثه بالقمة الإفريقية الأخيرة في أديس أبابا، مؤخرا.