اعتبر نشطاء وسياسيون وحقوقيون أن المؤتمر الذي يعقده قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بشرم الشيخ، اعتبارا من يوم غد الثلاثاء وحتى الخميس الذي يليه، تحت عنوان "المؤتمر الوطني الأول للشباب"، هو بمثابة تتويج لعام من القمع والتهميش للشباب، واستكمالا لسلسلة عبثية من الحوارات الشكلية، لم تسفر عن شيء، ولا تشهد اختلافا من حيث الشكل، أو المضمون عن دعوات سابقة لما يسمى بالحوارات المجتمعية. ووقع على بيان جماعي- بشكل مبدئي- نحو 150 شابا من الناشطين المصريين المنتمين لمختلف الاتجاهات السياسية المعارضة للنظام، والمؤطرة في أطر حزبية، رفضوا فيه المؤتمر، موضحين أن المؤتمر محاولة لتزيين عروة هذه السلطة بالشباب، وأن ممارسات السلطة تؤكد عدم إيمانها في الأساس بالحوار الديمقراطي الجاد، أو تسمح بالاختلاف والتنوع، كما لا تستجيب لأية مقترحات أو حلول بديلة. وعبر الموقعون، في بيانهم، عن عدم وجود الحد الأدنى من الثقة، معلنين إطلاقهم حملة توقيعات واسعة على مدار الأيام المقبلة لرفض المؤتمر الشبابي. وشملت التوقيعات أسماء بارزة، من بينهم أحمد حرارة، وإسراء عبد الفتاح، والبرلماني السابق زياد العليمي، وشريف الروبي المتحدث باسم حركة 6 أبريل، ومالك عدلي المحامي، وماهينور المصري، ووسام عطا، ومحمد القصاص نائب رئيس حزب مصر القوية. صوت معارض ورفض معارضون للنظام من الداخل دعوة المشاركة في المؤتمر، ومن ذلك ما يسمى ب"التيار الديمقراطي"، والذي يضم أحزاب التيار الشعبي، والكرامة، والتحالف الشعبي، والدستور، والعدل، ومصر الحرية. وأضافت أحزاب التيار، في بيان أصدرته، أن "القرار راجع أيضا إلى نكوث النظام بوعود عديدة سابقة بالنظر في الإفراج عن الشباب المحبوسين، إضافة إلى أن سياسات الحكم الحالي أغلقت الأفق أمام حق الشباب في التعبير السلمي عن الرأي". وتابعت "لن نشارك في مناسبات كل هدفها التقاط الصور التذكارية والتعمية على المشاكل الحقيقية من تزايد لمعدلات الفقر، وغلاء في الأسعار، وغياب الخدمات الأساسية من صحة وتعليم، وكذلك التدهور الحاد في الحقوق والحريات الأساسية". إنفاق بذخي ونسبت تصريحات صحفية إلى محمد سالم، عضو المكتب السياسي بالحزب المصري الديمقراطي، قال إنه "لا توجد دعوة حوار جادة وسط قبضة وسيطرة أمنية من الألف إلى الياء، وحضور نحو ألف شاب للتصفيق، دون مساحة للنقاش عن الحريات أو المشاركة السياسية". وأضاف أن "العام الجاري لا بد وأن يسمى بعام التنكيل بالشباب، بعد حبس المئات من الشباب داخل السجون، ومعاملتهم بشكل غير آدمي، لمجرد مطالبتهم بالحرية للمعتقلين، أو مصرية جزيرتي تيران وصنافير". واعتبر "سالم" أن المؤتمر إهدار للمال العام، حيث قال في منشور على صفحته بموقع فيسبوك: إنه من غير المقبول المشاركة في مؤتمر لعدة أيام على نفقة الدولة، وإقامة أكثر من ألف مدعو في فنادق فاخرة تكلف الموازنة العامة رقما كبيرا، ما يعد إهدارا للملايين، من أجل حوار ديكوري". وهاجم مجدي طنطاوي، الذراع الإعلامية للجهات السيادية، ما وصفه ب"سفه الإنفاق"، واصفا إياه بأنه "افتكاسة". وقال، في برنامجه "كلام جرايد"، عبر فضائية "العاصمة"، مساء الأحد: إنه ضد أي مؤتمر يتم عقده في هذه الفترة الاقتصادية العصيبة. وتابع "عايزين نوقف البلد على رجليها، وإزاي نقول للمواطن اصبر، وإحنا عاملين مؤتمرات ملهاش لازمة، وكان ممكن نوفر الفلوس دي، ونعمل مشاريع نشغل بيها الشباب أحسن". ترصد للشباب وكانت مسئولة الملف المصري في منظمة هيومن رايتس مونيتور "سلمى أشرف" قد اعتبرت أن العام الثاني من ولاية المنقلب شهد توحشا للدولة واستعداء للجميع دون استثناء، وأسوأ انتهاكات للحقوق والحريات في مصر. وقالت أشرف: إن الشباب قتل واعتقل وعذب وأهين وشرد وطورد وضاع مستقبله التعليمي والمهني، وضاع أمله في أن يحيا كريما في مصر خلال عمر الانقلاب، وهذا لا يخفى على أحد، مضيفة "في الحقيقة لم يعد هناك ما يحتفل به شباب مصر، فقد جمعتهم القبور والمعتقلات".