قالت صحيفة الجارديان البريطانية، إن وزير الخارجية الإيراني طلب شخصيا حضور سلطة الانقلاب فى مصر محادثات مهمة بشأن سوريا، عقدت في سويسرا الأسبوع الماضي، بعد تصويته لصالح مشروع قرار روسي في مجلس الأمن بشأن سوريا، وهو القرار الذي رفضته الرياض وعدد كبير من الدول العربية والإسلامية. وذكرت الصحيفة أن إيران كانت حريصة على حضور سلطة الانقلاب؛ حتى تدعم جبهتها في محادثات "لوزان" في مواجهة التحالف المناهض للأسد، الذي يضم تركيا وقطر والسعودية والولاياتالمتحدة. وذكرت أن ضغط إيران لحضور المسؤولين بسلطة الانقلاب في مصر للمحادثات بدأ قبل بضعة أيام من الخلاف الذي ظهر بين الانقلاب والسعودية مؤخرا. وكانت موسكو قد أعلنت، في الثاني عشر من أكتوبر الجاري، عقد محادثات في مدينة لوزان بشأن الأزمة السورية منتصف الشهر، بمشاركة الولاياتالمتحدة وعدة دول في منطقة الشرق الأوسط، من بينهم السعودية وإيران، لكنها لم تذكر نظام الانقلاب فى مصر. فيما قالت وزارة الخارجية بحكومة الانقلاب، إن سامح شكري سيرأس وفدا سيشارك في الاجتماعات عقب تلقيه اتصالا مساء يوم الرابع عشر من أكتوبر، من نظيره الأمريكي جون كيري يدعوه إلى المشاركة. وأخفق المشاركون في اجتماع لوزان، الذي عقد يوم السبت الماضي، في التوصل لإستراتيجية موحدة لإنهاء الصراع في سوريا الممتد منذ 6 سنوات. وتقول الجارديان، في تقرير نشر اليوم الخميس، إنها اطَّلعت على رسائل بالبريد الإلكتروني تفيد بأن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف طالب نظيره الأمريكي بمشاركة مصر في محادثات لوزان. وأضافت أن كيري قال في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى ظريف في الرابع من أكتوبر: إنه ناقش مع وزير الخارجية الروسي سيريجي لافروف عقد لقاء مصغر لأطراف رئيسية معنية بسوريا، بمشاركة روسياوإيرانوتركيا والسعودية والولاياتالمتحدة، على أن يكون الاجتماع في مدينة لوزان منتصف أكتوبر. وأشارت إلى أن "ظريف" رد قائلا: إنه سيحاول حضور الاجتماع، مشيرا إلى أن عليه العودة إلى طهران في اليوم التالي للقاء وزراء خارجية أفارقة، وتساءل: "لما لا تشارك مصر كذلك؟". وتابعت أنه عقب أيام من الجدل، قال نائب وزير الخارجية الإيراني للشرق الأوسط للصحفيين: "هناك أخبار هامة سيعلن عنها قريبا"، مضيفة أنه عقب ذلك التصريح بساعات، أعلن أن ما وصف بأنه لقاء مجموعة الاتصال المصغرة بشأن سوريا في لوزان سيشمل مصر والعراق بما يدعم إيران. وأضافت أن إيران وافقت على حضور المحادثات فقط في حال تأمين مكان لوزيري خارجية مصر والعراق في المناقشات. وأشارت إلى أن كلا البلدين (مصر والعراق) تدعمان موقف إيران المؤيد للرئيس السوري بشار الأسد. وانتقد المندوب السعودي في الأممالمتحدة تصويت مصر لصالح قرار روسيا التي تناهض المعارضة السورية، وقال: إن موقف القاهرة "مؤلم"، لتكون المرة الأولى التي يظهر فيها للعلن خلاف بين مصر والسعودية منذ تولى عبد الفتاح السيسي السلطة قبل عامين. ويختلف موقف مصر مع الموقف السعودي في التعامل مع الحرب الأهلية السورية التي بدأت قبل خمس سنوات، حيث تعطي القاهرة الأولوية للحل الدبلوماسي ولا تطالب برحيل الرئيس السوري بشار الأسد. فيما تدعم السعودية جماعات معارضة وترى أن رحيل الأسد جزء من حل الأزمة السورية. وتدعم إيران الأسد المنتمي للطائفة العلوية الشيعية في مواجهة جماعات المعارضة. ويسود التوتر العلاقات عادة بين السعودية السنية وإيران الشيعية. وقطعت السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، في يناير الماضي، بعد اقتحام مقر سفارتها في طهران وقنصليتها في "مشهد". وقالت صحيفة الجارديان، في تقريرها، إن طهران تنظر إلى مصر- التي تعد أحد المراكز الثقافية في العالم العربي- باعتبارها عامل توزان في مواجهة العداء السعودي في الدبلوماسية المحفوفة بالمخاطر بشأن مستقبل سوريا. ونقلت الصحيفة عن صديق جورباني، الصحفي بوكالة فارس الإيرانية شبه الحكومية، قوله في تغريدة عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر: "من المثير للاهتمام كيف أن رئيس مصر السيسي يتحول تدريجيا من محور التحالف الأمريكي السعودي إلى محور التحالف الروسي الإيراني. السؤال الآن: هو متى يتم إحياء العلاقات بين طهرانوالقاهرة وليس إذا ما كان سيتم إحياؤها؟". وتتأرجح علاقات القاهرةوطهران بين التوتر والتقارب منذ خمسينات القرن الماضي. ولا ترى إدارة السيسي في إيران عدوا، ويعتبر محللون أن علاقات مصر مع طهران ترتبط بحسابات عالمية وإقليمية. وتقول الجارديان، إن مصر وطهران أصبحتا أقرب بفضل تأييدهما لنظام الأسد في سوريا وترحيبهما بالتعاون الروسي. وتضيف أن البعض يرى أن تحركات مصر (بشأن الأزمة السورية) تكتيكية بحتة. ونقلت الصحيفة عن "إتش.إيه هيلر"، الزميل في المجلس الأطلسي والمعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن في لندن، قوله: إن "مصر لديها وجهة نظرها الخاصة في سوريا، والتي يصادف أنها تتماثل مع تلك الإيرانية.. القاهرة تريد دولة سورية قابلة للحياة وتشعر بالقلق من الجماعات الإسلامية. وفيما يتعلق بالمتطرفين، فهذا هو مصدر قلق مشروع. من ناحية أخرى مصر كثيرا ما تعاملت مع الروس، على ما يبدو لتظهر للغرب أن لديها خيارات. وأضاف "السعوديون اتخذوا قرارا إستراتيجيا منذ فترة طويلة. مصر أكبر من أن تفشل. الرياض لا تريد الفوضى الجارية في المنطقة، وسوف تفعل كل ما يلزم للحفاظ على الاقتصاد المصري واقفا على قدميه". وأعلنت الرياض، الشهر الجاري، في أعقاب الخلاف بشأن سوريا، عن وقف إرسال شحنات بترولية لمصر كانت تعهدت بإرسالها شهريا للقاهرة لمدة خمس سنوات بشروط سداد ميسرة، دون إبداء أسباب. ولجأت مصر عقب القرار إلى مناقصات كبيرة لتوفير احتياجاتها من المواد البترولية. لكن السيسي قال: إن قرار السعودية- أكبر داعمي مصر والاقتصاد المصري منذ عزل الجيش للرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في 2013- ليس له علاقة بتصويت مصر في مجلس الأمن على مشروعي قرارين بشأن سوريا. وقال تلفزيون (برس تي في) الإيراني الحكومي، في تقرير له الأسبوع الماضي: إن السعودية تبدو أكثر عزلة في أعقاب خلاف دبلوماسي مع حليفتها الوثيقة مصر. ويسود التوتر العلاقات عادة بين السعودية السنية وإيران الشيعية، وقطعت السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، في يناير الماضي، بعد اقتحام مقر سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد. وتسعى السعودية في مواجهة النفوذ الإيراني إلى تشكيل تحالف سني في المنطقة مع تركيا ومصر.