مع الارتفاع الجنوني لسعر الدولار حتى وصل إلى 13 جنيها في السوق السوداء، انتابت أسعار مستلزمات المدارس حالة من الهيجان والفوران، وتضاعفت أسعارها بصورة غير مسبوقة، الأمر الذي يثير استياء واسعا بين المواطنين وأصحاب المكتبات على حد سواء. وبحسب خبراء ومتخصصين، فإن مطابع وشركات إنتاج الورق، ومستوردي الورق من الخارج يواجهون أزمة في نقص المعروض عن الطلب؛ نتيجة تراجع واردات الورق المستورد من الخارج. وتشتد الأزمة كلما اقترب الموعد النهائي لدخول الطلاب المدارس، يوم 24 سبتمبر المقبل، وزيادة الطلب على الأدوات المدرسة المصنعة من الورق. وأرجع رؤساء مجالس إدارات شركات إنتاج الورق سبب تراجع الواردات إلى صعوبة تدبير المستوردين للدولار المطلوب من السوق السوداء، علاوة على شراء الدولار بأسعار مرتفعة تقترب من 13 جنيها مقارنة بسعر 8.88 جنيهات، السعر الرسمي للبنوك. وبحسب رؤساء الشركات ومندوبين وأعضاء بغرفة تجارة القاهرة واتحاد الصناعات، فإن فرق سعر صرف الدولار بين الرسمي والسوق السوداء، وصعوبة تدبيره أدى إلى ارتفاع كبير في سعر طن الورق المستورد والمنتج محليا، ما ترتب عليه سعي الشركات المصنعة للورق لدراسة خطط زيادة أسعار منتجاتها (الكتب الخارجية – الكشكول – الكراس- وأوراق لأغراض أخرى) مجددا بداية من أكتوبر المقبل، بعد زيادتها قبل شهرين. وتشير بيانات غرفة تجارة القاهرة إلى أن مصر تستورد ما يزيد عن 250 ألف طن من ورق الكتابة والطباعة المستخدم في إنتاج كتب الدراسة الخارجية والكشاكيل والكراسات، وتستورد أيضا 150 ألف طن من الورق الخاص بإنتاج الجرائد سنويا. وتشير بيانات الغرفة أيضا إلى أن إنتاج مصر من الورق 200 ألف طن سنويا، من خلال 22 مصنعا، يوجد بينها مصنعان حكوميان (إدفو- قنا لصناعة الورق). شكاوى أصحاب المكتبات باستنكار وأسى شديدين، يؤكد مايكل منير، صاحب مكتبة لبيع الأدوات المدرسية بالفجالة، أن «الأسعار ولعت نار في خمس شهور والزباين غضبانة». ويضيف منير أن جميع أسعار المنتجات المصنوعة من الورق ارتفع سعرها بواقع 3 إلى 6 جنيهات للدستة. (20 كراسة– 10 كشاكيل). ويوضح منير أنهم لا يرغبون في بيع الأدوات المدرسية بأسعار مرتفعة، لكنهم مضطرون لذلك بسبب ارتفاع أسعارها في المصانع المنتجة لها. عشرة من أصحاب مكاتب بمنطقة الفجالة أكدوا- بحسب «تقرير لأصوات مصرية التابع لوكالة رويترز»- ارتفاع أسعار الأدوات المدرسية الورقية والمستوردة من الخارج مثل الأقلام (الحبر- الرصاص). ويضيف محمود، صاحب مكتبة بالفجالة، أن الزبائن لا تتقبل أي زيادة في أسعار الأدوات المدرسية "ولولا أنهم مجبرون على شرائها لاستكمال مسيرة تعليم أبنائهم لرفضوا الشراء". أزمة مصانع الورق يكشف عمرو خضر، رئيس مجلس إدارة المصنع الدولي لتحويل الورق، عن أن سعر طن الورق المنتج محليا ارتفع ليتراوح سعره ما بين 8 إلى 9500 جنيه بعد الزيادة، وبحسب نوع الورق وسمكه. ويضيف خضر أن أسعار طن الورق بدأت في الارتفاع منذ بداية تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار قبل خمسة أشهر تقريبا. ويشير خضر إلى أن أسعار الورق المستورد من الخارج تأثرت بتراجع الجنيه أمام الدولار، ووصل سعر طن الورق المستورد بعد الزيادة إلى 11 ألف جنيه، بدلا من 8 آلاف جنيه في السابق. ويؤكد خضر- بحسب تصريحات صحفية- ن جميع مستوردي الورق هم من يقومون بتدبير العملة الدولارية من السوق السوداء مقابل 13 جنيها لكل واحد دولار، لدفع ثمن شحنات الورق المستوردة من الخارج. ويوضح خضر أن صعوبة الحصول على الدولار حتى من السوق السوداء بجانب شرائه بسعر مرتفع يزيد عن سعر البنوك بحولي 4.12 جنيهات تعرقل عملية توفير الورق، خاصة مع بداية عام دراسي جديد يتطلب طباعة كتب ومستندات التقديم للمدارس والجامعات الخاصة والحكومية بجانب الأدوات المدرسية الورقية. والمطابع تعاني أحمد جابر، نائب رئيس غرفة صناعة الطباعة والتغليف باتحاد الصناعات، يؤكد أن المطابع تواجه أزمة الآن بسب ارتفاع أسعار الورق، متأثرة بتراجع صرف الجنيه أمام الدولار، ما يتسبب في عرقلة طباعة الكتب المدرسية أو تأخرها. وأرجع جابر سبب تأخر الكتب المدرسية إلى أن المطابع التي رست عليها مناقصة طباعة الكتب المدرسية تعاني من فروق زيادة الأسعار؛ بسبب أن سعر الدولار الرسمي في البنوك وقت تعاقد المطابع مع وزارة التربية والتعليم كان 7.83 جنيهات، وقفز الآن رسميا إلى 8.88 جنيهات، وهو ما زاد من تكلفة الإنتاج لأن نسبة 90% من مستلزمات الطباعة يتم استيرادها من الخارج. ويقول جابر: إن المطابع تقوم بشراء مستلزمات الطباعة من أحبار وورق وغيرها من مستوردين، أو تقوم هي بعملية الاستيراد في ظل عدم توفير البنوك للدولار المطلوب للمستوردين، ما يزيد من الأعباء المالية على كاهل المطابع وتجار الورق لتدبير الدولار من السوق السوداء بأسعار مرتفعة. ويقول جابر: إن ارتفاع سعر الورق يزيد من سعر المنتج النهائي ويتحمله المستهلك. ومع استمرار أزمة ارتفاع أسعار الورق توقع متعاملون بقطاع الطباعة والمكتبات ارتفاعات جديدة في سعر الأدوات المدرسية، خاصة الورقية منها في مطلع أكتوبر. تصريحات المسئولين حبر على ورق من جانبهم، وصف مواطنون تصريحات المسؤولين عن الرقابة على الأسعار بأنها «حبر على ورق»، وهو ما كشف عنه ضعف الإقبال فى ظل ارتفاع الأسعار، سواء فى الأحياء الشعبية أو الراقية. مواطنون من جانبهم اتهموا التجار بالجشع- بينما اتجه عدد من تجار مدينة 6 أكتوبر بالجيزة إلى رفع لافتات تروج لتخفيضات هائلة تصل إلى 70% في بعض الأحيان، إلا أن ذلك لم يشفع لها عند المواطنين الذين زهدوا في الشراء، ولا يزال الإقبال ضعيفا للغاية على المكتبات والأسواق والمولات التجارية.