دفع تراجع إيرادات قناة السويس عام 2015 عن العام الذي سبقه، وكذلك استمرار هذا التراجع خلال النصف الأول من العام الجاري 2016، هيئة قناة السويس إلى إعلان تخفيض الرسوم بنسبة 45% لناقلات النفط العملاقة الفارغة والقادمة من أمريكا، والمتجهة نحو الخليج العربي بدلا من 20% سابقا. الهيئة أوضحت- في منشور ملاحي لها، اليوم الإثنين- أن التخفيضات الجديدة ستشمل رسوم العبور دون الخدمات الأخرى على ناقلات النفط العملاقة الفارغة ذات الحمولة الساكنة 200 ألف طن فأكثر، مشيرة إلى أن التخفيضات تستمر لمدة 6 أشهر، بدءًا من الإثنين، وتنتهي في ديسمبر القادم، كفترة تجريبية قابلة للتجديد. إدارة القناة وضعت 4 شروط للحصول على التخفيضات، شملت أن «تتقدم الشركة بطلب عن طريق التوكيل الملاحي قبل الإبحار، وفقا لنموذج محدد صممته الهيئة، وأن تقدم شهادة من ميناء القيام توضح تاريخ المغادرة والوصول وحالة الناقلة فارغة موقعة ومختومة من سلطات الميناء، والجهة القادمة منها في حالة التوقف في ميناء بيني يتم تقديم شهادة من سلطات الميناء بأسباب التوقف في مدة أقصاها 60 يوما من تاريخ العبور، ويتوجب على المستفيدين أيضا تقديم تعهد من توكيل السفينة بسداد قيمة التخفيض، في حالة توقف السفينة في أي ميناء غير محدد بالمنشور، أو عدم تقديم المستندات في المدة المحددة». التخفيض الثالث ويعد هذا التخفيض هو الثالث خلال هذا العام، وكانت الهيئة قد جددت تخفيضات رسوم العبور لمدة 3 أشهر أخرى تبدأ من الثلاثاء 7 يونيو، بنسب تتراوح بين 30 و45 %، وقررت الهيئة منح سفن الحاويات القادمة من موانئ الساحل الشرقي الأمريكي، والمتجهة إلى موانئ جنوب آسيا وجنوب شرق آسيا، تخفيضات على رسوم العبور. وكانت قناة السويس بدأت، في 7 مارس الماضي، أول تخفيض من نوعه، حيث تم منح تخفيضات بنسبة 30% من رسوم مرور سفن الحاويات القادمة من ميناء نيويورك والموانئ الواقعة جنوبه العابرة إلى موانئ جنوب شرق آسيا بميناء بورت كيلانج والموانئ الواقعة شرقه، والتي انتهت يوم 5 يونيو الماضي. وتم افتتاح قناة بنما بعد التطوير طريقًا للسفن للعبور عبر المحيط الهادئ إلى القناة لأول مرة، يونيو الماضي، وتتيح عبور السفن التي على متنها حمولات تقدر بحوالي 13000 حاوية شحن من مقاس 20 قدم، بحسب تقرير صادر عن القناة. وكان اللواء شيرين حسن، مساعد قائد القوات البحرية، قد توقع في تصريحات صحفية، زيادة أسعار الوقود في النصف الثاني من 2016، وبداية تعافي الاقتصاد العالمي في 2017 بزيادة النمو الاقتصادي الصيني، وهو ما سيزيد من حركة التجارة العابرة للقناة، وبالتالي زيادة الإيرادات، وهو ما لم يتحقق حتى اليوم. تراجع إيرادات القناة وكان عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري، قد نفى ما تردد حول تراجع إيرادات قناة السويس، قائلًا «غير صحيح». وزعم السيسي، أثناء إطلاق شارة بدء حصاد محصول القمح، ضمن فنكوش «المليون ونصف المليون فدان»، الخميس 5 مايو الماضي، «سمعت حد بيقول إيرادات القناة قلت بقولكم لأ، طبعًا بالعكس». لكن الأرقام الرسمية المعلنة من قبل هيئة قناة السويس، تقول إن الإيرادات السنوية للقناة انخفضت بنحو 290 مليون دولار خلال عام 2015. وأعلنت الهيئة، يوم الأربعاء 13 يناير 2016، في مؤتمر صحفي، بحضور الفريق مهاب مميش، رئيس الهيئة، أن إيرادات البلاد من القناة انخفضت في عام 2015 إلى 5.175 مليارات دولار، لأسباب من بينها انخفاض أسعار النفط العالمية، وبلغت إيرادات مصر من قناة السويس في عام 2014 حوالي 5.465 مليارات دولار، ما يعني أن الإيرادات السنوية انخفضت بنحو 289.7 مليون دولار. وفي لقاء ل«مميش» مع السيسي، في 16 أبريل الماضي، أعلن عن زيادة الإيرادات في 2015 بالجنيه المصري وليس بالدولار، بنسبة 3%، حيث بلغت 39 مليارًا و769 مليون جنيه، مقارنة ب38 مليارا و619 مليون جنيه في 2014، بزيادة قدرها نحو 1.1 مليار جنيه، وهو ما اعتبره خبراء ومراقبون تدليسا وتضليلا للجماهير. ويشار إلى أن سعر الجنيه انخفض أمام الدولار خلال الأشهر القليلة الماضية، وتعد قناة السويس أحد أهم مصادر العملة الصعبة للبلاد التي تعاني مصر من نقص حاد في الدولار؛ نتيجة تراجع إيرادات السياحة والصادرات والاستثمار الأجنبي، وفي مارس الماضي، خفض البنك المركزي المصري سعر العملة المحلية بمقدار 14%، نحو 1.12 جنيه مقابل الدولار. وأرجع «مميش» تراجع الإيرادات بالدولار إلى الانخفاض الشديد في أسعار البترول، والتي وصل متوسطها إلى 51 دولارًا للبرميل، مقارنة بنحو 100 دولار للبرميل في 2014، وما زال التراجع مستمرًا حتى بلغ حدود 30 دولارًا للبرميل، في يناير الماضي، وهو ما أدى إلى انخفاض قيمة الوفر الذي تحققه القناة، حسب قوله. وبحسب خبراء، فإن تراجع إيرادات القناة يعود إلى تباطؤ معدلات نمو الاقتصاد الصيني إلى نحو 6.5%، مقارنة بمعدلات فاقت 10% في سنوات سابقة، ما أثر سلبا على التجارة الخارجية للصين عامة، ومنها تجارتها العابرة لأوروبا التي تعبر من قناة السويس. ومن أسباب تراجع الإيرادات أيضا أن منطقة اليورو لم تحقق حتى الانطلاقة المرجوة؛ لأنها ما زالت تعاني من آثار الأزمة المالية المتمثلة في أزمة الديون السيادية ببعض دولها، والتي أثرت سلبا على واردات أوروبا من آسيا وعلى رأسها الصين، والتى تعبر قناة السويس. وكان عبد الفتاح السيسي قد جمع من المصريين 64 مليار جنيه لحفر تفريعة جديدة موازية لقناة السويس بفائدة قدرها 12%، متعهدا بزيادة إيرادات القناة، إلا أن الإيرادات تراجعت بشدة منذ افتتاح التفريعة الجديدة، أغسطس الماضي 2015. وتتحمل الميزانية العامة للدولة حوالي 7.6 مليارات جنيه سنويا، هي مقدار خدمة الدين "الربا" ل64 مليارا التي جمعها السيسي، في ظل أزمة خانفة تشهد ارتفاعا جنونيا في سعر صرف الدولار الذي بلغ 12.5 في السوق السوداء، وانهيارا غير مسبوق للجنيه أمام باقي العملات.