تشير الأرقام تشير إلى مؤشرات مخيفة.. 30% مصابون بفيروس "سي، و20% يغسلون الكُلى، و200 ألف يصابون بالسرطان سنويًا، يقول الدكتور محمد عز العرب، المستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء ومؤسس وحدة الأورام بالمعهد القومي للكبد، إن الفترة الأخيرة حدث تناقص في تقديم الخدمات الوقائية لكثير من الأمراض، فالفترة الماضية شهدت الاهتمام بالجانب العلاجي فقط.
وأضاف، في تصريحات صحفية مؤخرًا، منذ 16 أكتوبر 2015 وحتى الآن تم علاج 400 ألف مريض بالالتهاب الكبدي الوبائي في حين أُُصيب خلال تلك الفترة أكثر من نصف مليون دخلوا في المرض حديثًا لعدم وجود الخدمات الوقائية للمرض، متابعًا: مصر ستظل تتربع على المركز الأول.
وأوضح عز العرب أن سبب المشكلة الصحية في مصر يلعب تدني المخصصات المحددة لوزارة الصحة سببًا فيها، فهناك تدنٍ في الإنفاق على الصحة، لافتًا إلى أنه على الرغم من تحديد ميزانية الصحة في الدستور المصري ب 3% تزداد سنويًا، إلا أنه إلى الآن لم تزدد ميزانية الصحة من تاريخ إقرار الدستور بل تقل نسبة مخصصات الصحة، فنجد غياب الأدوية ومنتجات الألبان وغيرها، وإضافة إلى ذلك فهناك صعوبات في استخراج قرارات علاج نفقة الدولة وتوفير الأدوية التي بها نقص بسبب الدولار مثل أدوية السرطان التي تتحملها الدولة.
ويقول الدكتور رشوان شعبان: إن الحديث حول احتلال مصر المرتبة الأولى في نسبة أمراض السرطان والكلى والكبد كلام صحيح بنسبة مائة بالمائة، وذلك يرجع إلى العديد من المشكلات التي في مقدمتها ضعف الاهتمام بتلك الأمراض وعلاجها وعدم الاكتشاف المبكر لها وهو الأمر الذي يساهم في انتشار تلك الأمراض داخل المجتمع.
وأضاف في تصريحات له: يأتي ذلك لعدم الاهتمام بالصحة العامة وعدم توفير الأدوية والإمكانيات اللازمة لمواجهة تلك الأمراض، موضحًا أنه على سبيل المثال فالأورام لا توجد حملات قومية لاكتشافها كما لا يوجد سوى معهد قومي واحد للأورام ومعهد آخر صغير بالصعيد وآخر بمحافظة الشرقية، فكيف نستطيع القضاء على تلك الأمراض ومواجهتها في ظل غياب توفير وسائل العلاج.
ولفت شعبان إلى أن أمراض مثل الكلى والكبد تأتي بسبب العدوى عبر استعمال الأدوات الشخصية مثل الاستخدام غير الصحي لأدوات الحلاقة عبر أكثر من شخص، ولكن رغم ذلك توجد نسبة كبيرة من الأمر تتعلق بغياب تجهيز المستشفيات بصورة ملائمة، مشيرًا إلى أن الأوضاع الصحية مسئولية وزارة الصحة التي هي في الأساس محكومة بميزانية ضعيفة تقيد مواجهة تلك الأمراض وتقنينها.
وأشارت الدكتورة نعيمة القصير رئيس منظمة الصحة العالمية السابق، في تصريحات سابقة، إلى أن الإحصاءات الحديثة كشفت عن وجود أوبئة عديدة وأمراض خطيرة تهدد حياة الإنسان وتستنزف الموارد البشرية وأن الأمراض غير السارية ممثلة في القلب والأوعية الدموية والسكر والجهاز التنفسي والهضمي وأمراض الكلي والعيون والأورام وغيرها من الأمراض المعدية تودي بحياة 36 مليون نسمة سنويًا وتصل إلي 52 مليونا عام 2030 ممثلة السبب الرئيسي للوفيات في العالم.
وأكدت القصير أن الأمراض غير المعدية تعد أحد الأسباب الكبري للوفيات علي مستوي العالم، والتي تزداد في الدول منخفضة أو متوسطة الدخل، مؤكدة أن نتائج هذا المسح أظهرت أن ثلثي المصريين تقريبا "63٪" يعانون من فرط الوزن وثلثهم تقريبا 32٪ يعانون من البدانة، وأن ما يقرب من 40٪ من المصريين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، كما أن 37٪ منهم يعانون من ازدياد مستوي الكوليسترول.
أعلى معدلات الإصابة بفيروس "سي"
وحول انتشار فيروس سي في العالم ومقارنة مصر، أشار الدكتور عبدالحميد أباظة استشاري أمراض الكبد والجهاز الهضمي إلي أن نسبة الإصابة بفيروس سي في مصر من أعلي النسب في العالم، مضيفا أن إجمالي المصابين في العالم 170 مليونا منهم 20 مليونا في مصر ومنهم في محافظة البحيرة وحدها 3 ملايين مصاب.
وأوضح الدكتور أباظة فى تصريحات سابقة، أن السبب الرئيسي لانتشار المرض هو ضعف المناعة لدي عدد كبير من المواطنين بسبب السلوكيات الخاطئة مثل الغذاء غير الصحي والتلوث وعدم النوم الكافي مشيرا إلي أن مشكلة فيروس سي أن الشخص يصاب به ولا تظهر عليه أي أعراض ولكنه في نفس الوقت يقوم بعملية تخريب وتدمير للكبد وبعد ذلك تظهر الأعراض.
كارثة مياه الصرف
إنها كارثة حقيقية كاملة الأركان تزيد من معاناة المواطن المصري من جراء تناول الخضراوات والفاكهة المروية بمياه الصرف الصحي دون أدني رقابة حكومية من الجهات المسئولة وتسبب أمراض الفشل الكلوي والكبدي والوبائي وسرطانات الرئة بأنواعها المختلفة بين المواطنين.
والتقارير والإحصائيات الصادرة عن المعهد القومي للأورام تشير إلي إصابة 150 ألف مواطن بالسرطان سنويًا بخلاف الأمراض الأخري ومن الأسباب الرئيسية للإصابة بهذه الأورام السرطانية وتليف الكبد والفشل الكلوي وأمراض القلب وغيرها اعتماد مئات الآلاف من الأفدنة سواء في القاهرة الكبري أو محافظات الوجه البحري والصعيد علي مياه الصرف الصحي غير المعالج في عمليات الري وهو ما يتطلب ضرورة تكاتف كافة الجهات والمؤسسات الحكومية والمواطنين معا لمواجهة تلك الكارثة المحدقة التي تفتك بآلاف المصريين.
وتكشف التقارير الصادرة عن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي والخاصة برصد المساحات المزروعة بمياه الصرف الصحي غير المعالج عن وجود 180 ألف فدان تروي بتلك المياه تمثل 0.3٪ من المساحة المزروعة بمصر وتأتي في مقدمة المحافظات المستخدمة لها محافظة الشرقية تليها محافظة كفر الشيخ.
وتشير الدراسة إلي أن ما يقرب من 40٪ من الخضروات والفاكهة التي يتناولها المصريون مسممة ببعض العناصر التي تحتويها مياه الصرف غير المعالج وهو مايمثل تهديدًا واضحًا لصحة المواطنين، مؤكدة فشل المعمل المركزي لتحليل متبقيات المبيدات والعناصر الثقيلة في الأغذية في القيام بدوره المنوط به والمتعلق بتحليل عينات الخضر والفاكهة المتداولة في الأسواق المصرية بهدف التأكد من سلامة المنتجات الزراعية مما تسبب في انعدام السيطرة علي الأسواق وتدمير صحة المواطنين.
أما الإحصائيات والتقارير الصادرة عن وزارة الري فتشير إلي أن حجم مياه الصرف الصحي المستخدمة في الري تبلغ 6 مليارات متر مكعب سنويًا وهو ما وصفته المصادر ب"الكارثية" علي الرغم من "عدم دقته" نتيجة لعدم امتلاك مصر لتقنية المعالجة الثلاثية لمثل هذه المياه وهي المعالجة الخاصة بالقضاء علي الميكروبات الممرضة والضارة في حين تبلغ أقصي درجات المعالجة في مصر علي مياه الصرف الصحي هي المعالجة الثنائية المتمثلة في فصل الرواسب والعوالق العضوية فقط دون قتل البكتريا والفيروسات والفطريات أو التخلص من العناصر الثقيلة بها مثل الرصاص والكادميوم والمنجنيز والحديد والنحاس والزئبق بالإضافة إلي السيلينويم والنترات والبورات وغيرها من المواد شديدة السمية والقابلة للتراكم في الخضر والفاكهة مسببة أضرارًا أكيدة لكل من يتناولها.
وتشير تقارير وزارة البيئة إلي أن عدد السكان الذين يتمتعون بخدمات الصرف الصحي لا يتجاوز 31 مليون مواطن فقط منهم 19.5 مليون في القاهرة والإسكندرية وحدها بينما لا يزيد عدد المستفيدين في باقي السبع والعشرين محافظة الأخري عن 11.5 مليون مواطن بما يعني أن هناك أكثر من 50 مليون مصري لا يتمتعون بخدمات الصرف الصحي الحكومية.
يقول الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري الأسبق إن وزارة الري هي المسئول الأول عن كافة عمليات الري في مصر سواء كانت المياه النيلية أو مياه الصرف الصحي المعالج، مشيرا إلي أن الري بمياه الصرف الصحي غير المعالج ممنوع استخدامه في ري المحاصيل الزراعية أو الغابات الخشبية وذلك بحسب اللوائح وعلي الرغم من وجود تلك اللوائح إلا أنه لا توجد لها قوانين تضمن تطبيقها.
وأضاف الوزير الأسبق أنه سبق الاتفاق مع الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية علي زراعة عدد من المناطق الصحراوية بالغابات الخشبية وريها بمياه الصرف الصحي إلا أن ذلك الاتفاق لم ينفذ، ومن بين تلك المناطق مساحة تقرب من 20 ألف فدان بالصف إلا أن المزارعين قاموا بتحويل الغابات الخشبية لزراعة الخضراوات رغبة في الربح السريع.
ويشير إلي أن 50٪ من إجمالي مياه الصرف الصحي يتم معالجتها في حين يتم التخلص من 50٪ من الصرف غير المعالج في الترع والمصارف حيث تستقبل معظم شبكات الري في الدلتا الصرف الصحي الخام واستخدامه في عمليات الري في زراعة الخضر، ويضيف أنه من المفترض أن يتم إزالة كافة المحاصيل التي يتم ريها بمياه الصرف الصحي ومنع تداولها في الأسواق إلا أنه لا يتم تطبيق أي من تلك التعليمات ويتم تداول تلك المنتجات في مصر مما يصيب المواطنين بأضرار وخيمة.