كشف الناشط السياسي والشاعر الثوري عبدالرحمن يوسف كواليس الأزمة المتصاعدة بين القاهرة وروما على خلفية مقتل وتعذيب الشاب الإيطالي جوليو ريجيني، مشيرا إلى تسريب أدلة إدانة قتلة طالب الدكتوراه بجامعة كامبريدج إلى السلطات الإيطالية وفضيحة تداول أسرار الدولة المصرية على قارعة الطريق. وأوضح يوسف –فى مقاله بموقع "هافينجتون بوست"- أن أجهزة الأمن المصرية تعاقدت مع شركة (Hacking Team) الإيطالية وهي شركة متخصصة في مجال تكنولوجيا المراقبة والاختراق، ويتمحور عملها في صميم الأعمال القذرة المتعلقة بالتنصت لصالح الحكومات، والزبون الأول لهذه الشركة هو الأنظمة المتخلفة المستبدة، مثل النظام المصري!. وأشار إلى أنه "في يوم 5 \ 7 \ 2015 تم اختراق شركة "هاكينج تيم" ذات نفسها، وتسربت وثائق وعقود بين حكومات مختلفة وهذه الشركة التي تقوم ب (dirty job) لصالح الأنظمة المستبدة، وتم أيضا تسريب البرنامج الذي دفعت فيه الحكومات (ومنها حكومة العسكر في مصر)، ملايين الدولارات سنوياRemote Control System أو RCS ! وألمح الناشط السياسي إلى أن التسريبات كشفت عن تورط شخصيات أمنية رفيعة، وتفاصيل تواريخ واتفاقات سرية للغاية لتفعيل هذه البرامج الخبيثة للتجسس على المواطنين ومراقبتهم، مشددا على أن تلك المعلومات كشفت عن ضلوع الأجهزة الأمنية في شراء برامج خبيثة من هذه الشركة للتنصت على المواطنين واختراق خصوصياتهم، وأشهر هذه البرامج هو برنامج RCS الذي يستهدف الهواتف، وأجهزة الكمبيوتر، وكاميرات المراقبة، لتسجيل المكالمات والرسائل ومقاطع فيديو ومكان الموبايل الشخصي. وأكد المقال أن "من أخطر التسريبات التي خرجت إلى العلن هو الإيميل المرسل بتاريخ 4 إبريل 2012 للشركة الإيطالية من محمد منعم بعنوان: "Egyptian Army Pilot - HT " أي الجيش المصري مرحلة أولى أو تجربة أولى pilot، في هذا الإيميل تبليغ للشركة بأنه قد تم الاتفاق مع (ISP) أي مع مزودي الخدمة لبداية تنزيل البرامج في الأسبوع القادم، ويقصد بمزودي الخدمة هنا أو ISP هو المسؤول عن تزويد خدمة الإنترنت أو البيانات لمصر كلها -أي إن هذه البرامج الخبيثة كانت تتجسس على كل مص- ولا توجد كلمة ولا حرف ولا إيميل ولا فيديو ولا أي شكل من أشكال المعلومات يتم إرساله أو استقباله داخل مصر، دون أن يكون هناك إمكانية التجسس عليه من هذه الشركة. وتابع: "تتضمن التسريبات كذلك مجموعة من تذاكر الدعم الفني التي طلبها الجانب المصري من الشركة الإيطالية لكي يدخلوا على النظام ويصلحوا خطأ ما، أو دعمهم في تعديل أو تحديث لتلك البرامج الخبيثة، وهذا معناه أن الجانب الإيطالي كان يملك كل الصلاحيات من موقعه في إيطاليا، بمعنى آخر كانت مصر كلها في أيديهم تقنيا، وبإمكانهم التجسس على أي شخص وأي جهة دون حتى علم الطرف المصري، أي إننا منحناهم حق التجسس علينا واختراقنا ودفعنا لهم ملايين اليوروهات أيضا!". ولفت إلى أنه عن طريق هذه البرامج تمكنت إيطاليا من معرفة آخر فيديو شوهد فيه المغدور "جوليو ريجيني" قبل تسلم ملفات القضية من مصر، وتمكنت من معرفة أسماء ضباط بعينهم متورطين في قتله، وكذلك ما قيل عن أن إيطاليا تملك أدلة ملموسة بالفيديو تدل على تعذيب الضحية، وكل ما يقال عن تسريبات تتعلق بتورط مناصب عليا في الدولة في هذا الموضوع مرجعه إلى أن أسرار الدولة المصرية كانت ملقاة على قارعة الطريق، تراها جميع أجهزة الأمن في العالم! واعتبر أن تلك الحقائق تفسر كثيرا من الأحداث من ضمنها معلومات وصلت لأجهزة التخابر العالمية، تتعلق بوقت وكيفية حدوث حادثة الطائرة الروسية في سيناء، وكيف أنها قد سقطت داخل الأراضي المصرية، برغم إعلان السلطات المصرية عكس ذلك، وأن وجود هذا الاختراق الكبير يفسر أيضا كيف انكشفت الدولة المصرية في حادثة الطائرة الروسية، وكيف أصبحت أجهزة المخابرات في العالم تتناقل المعلومات فيما بينها، بينما كان النظام المصري يتسول المعلومات منهم. وشدد الشاعر الثوري على أن "آخر التسريبات كان من عدة أيام، في يوم 6 إبريل 2016، حيث سرت أنباء عن أن الشركة الإيطالية توقفت عن دعم البرامج المصدرة لمصر لسبب غير معلوم حتى الآن، ويبدو أن مصر قد اكتشفت أخيرا أن مصدر المعلومات الذي تحصل عليه إيطاليا في قضية "ريجيني" هو شركة هاكينج تيم (Hacking Team)، ويبدو أن مصر هي التي ألغت التعاقد".
واختتم يوسف –مقاله- بأن المضحك المبكي في الأمر أن أجهزة الأمن المصرية استعانت بهذه البرامج الخبيثة لكي توقع بالضحية "جوليو ريجيني"، أي إن "طباخ السمّ لا بد له من أن يتذوقه يوما"، ولا بد أن نقول لكل الدول التي تدعم مثل هذه الشركات ستدفعون الثمن أنتم أيضا، معلقا: "يقول الخبراء إن هذا الاختراق من الصعب أن يمر على أجهزة الأمن المصرية، وأنه لا بد من وجود شخص أو مجموعة أشخاص خانوا البلد وسلموها لأجهزة التخابر العالمية بهذا الشكل المهين".