«القاهرة التي نعرف، لا تشبهُ تلك القاهرة التي تتحدث عنها، القاهرة التي نعرف قد انتهى فيها عصر التجزئة، وبدأ العمل بالجملة!.. الموت بالجملة، السجن بالجملة، النفي بالجملة.. قد تحولت يا عزيزي إلى سجن كبير». بهذه الكلمات، وجَّه الفنان رامي محمد رسالة إلى المطرب عمرو دياب بعد إطلاق أغنيته الجديدة «القاهرة» التى روج لها كثيرا بين محبيه ومعجبيه في الليلة الأولى من فبراير 2016، بمشاركة من الفنان محمد منير. وألحان عمرو دياب، وأحمد حسين وتوزيع أسامة الهومن، ومن إنتاج “ناى فور ميديا” وإخراج شريف صبرى.
في أغنيته الجديدة يتغزل دياب في مدينة القاهرة ويصفها بالفتاة الجميلة «كإنها بنت جميلة بتنادي عليك..فيها سر بيخليها دايما حلوة في عنيك..يا سحرها، عشقتها، بحبها». ثم يتغزل في نهر النيل ولياليها «القاهرة ونيلها وطول ليلها..وأغانيها ومواويلها.. وحكاويها.. آه يا جمالها..القاهرة تجيلها تحنلها..وتهواها ما تنساها وتتحاكى بأحوالها»، وينتقل الهضبة إلى الإشادة بناس القاهرة وعشرتهم وأخلاقهم «هنا ناس تشيل عنك همك وتقاسمك فيه..وفي عز فرحك تفرحلك وتجاملك فيه..
ناس يوحشوك لما يسيبوك ويفكروك..بالقاهرة ونيلها وطول ليلها..وأغانيها ومواويلها وحكاويها آه يا جمالها». ويبدو أن دياب يهدف من وراء الأغنية الجديدة التسويق للسياحة بين الشعوب الخلجية؛ خصوصا في ظل التراجع الحاد الذي ضرب القطاع بعد تفجير الطائرة الروسية في 31 أكتوبر الماضي 2015، يعزز من هذه الفرضية خلفية الأغنية من فوق أعد فنادق القاهرة الفخمة، كما يبدو من الرسائل و المضامين التي احتوت عليها كلمات الأغنية «يا جمالها ساعة العصرية ..في مركب ع النيل.. مع صحبة حلوة وأغنية عالشوق والليل..للمغرمين والعاشقين والسهرانين».
تحول نيلها إلى دمعة كبيرة
ويمضي الفنان رامي محمد في رسالته عن القاهرة التي يعرفها هو، ولا يعرفها عمرو دياب ولا محمد منير، مخاطبا دياب: « قد تحولت يا عزيزي إلى سجن كبير..بعد أن صارت الأحلام فيها مرهونة بمزاج شلّة من العساكر..في القاهرة عشرات الآلاف يقبعون فى المعتقلات..وفيهم من لم يعرف أُمه من آثار التعذيب!..في القاهرة يتزوج شاب فيختطفونه..ثم يردونه إلى عروسه جثّةً هادمة بعد أيام!..فى القاهرة نفوق في المعيشة، وغلاءٌ على وباء،في القاهرة مدارس تعلّم الجهل،وقضاة يعاقبون الضحايا، وجيش يشن الحرب على أهله،ورجال شرطة لا يكافحون الجريمة لأنهم مشغولون بارتكابها!».
ويختم رامي رسالته «القاهرة التي نعرف..لا نُطل عليها من أعلى سطح الفور سيزون،أو نوافذ الفنادق التي يسكنها مثلك،بل من نوافذ القهر والتعب الذي يسكنُها بعد أن تحول نيلها إلى دمعة كبيرة.!».
وكان الفنان رامي محمد قد أصدر أغنية "هنا القاهرة" في 25 أبريل 2014، بعد شهور قليلة من مذبحة رابعة العدوية التي راح فيها الآلاف على يد مليشيات السيسي في انقلابه على الرئيس المنتخب طمعا في السيطرة على الحكم بالقوة وكانت كلماتها من تأليف خالد الطبلاوي ولاقت قبولا واسعا بين أوساط الشباب لأنها تعكس تجربة إنسانية فريدة تعبر عن رفض الظلم والاستبداد.وانتقاد ممارسات الجيش والشرطة بحق الشعب المصري، ونفاق بعض رجال الدين وتلونهم إرضاء للجنرال المنقلب؛ فرسمت الأغنية صورة مخالفة لتلك التى تغنى بها دياب ومنير عن مدينة القاهرة.
القاهرة مع دياب ومنير قاهرة اللهو والغناء والسهر والشلة أما القاهرة مع رامي فهي التي تقصف الفكرة بالطائرة وتمارس أبشع أنواع التمييز والعنصرية بحق قطاع كبير من الشعب شارك في ثورة يناير 2011 فتم الانتقام منه لأنه تجرأ على أسياده من العسكر ورجال الشرطة.